العلوم الإنسانية والإجتماعية

سيادة المستهلك لبناء مجتمع السوق

2014 مجتمع السوق

سبايز بوتشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

العلوم الإنسانية والإجتماعية التكنولوجيا والعلوم التطبيقية

قال روبنز (1945) إن الاقتصاد يركز على تفسير العلاقة بين الغايات والوسائل النادرة التي لها استعمالات بديلة. وبدأت الاقتصادات في التركيز على التخصيص، أي اختيار ما يتعين فعله بالموارد المتوفرة. وبذلك تمحور الاهتمام بالأسواق على أنها المؤسسات التخصيصية الأساسية في الرأسمالية. وبالنسبة للاقتصادات الكلاسيكية الجديدة، كان مبدأ القيمة مرتبطاً بشكل وثيق بطريقة تنظيم الأسواق للأسعار في ما يتلاءم مع ما يفضّله المستهلك.

واستناداً إلى السوق، قال علماء الاقتصاد الكلاسيكيون الجدد إن المستهلك هو السلطة المطلقة في الاقتصاد. وتلخّص عبارة الاقتصادي وليام هات  (William Hutt)(1940) "سيادة المستهلك"  (Consumer Sovereignty) العنصر الأساسي في المقاربة الكلاسيكية الجديدة الصاعدة. وعنى هات بأنه في مجتمع السوق، المستهلكون و"استعدادهم للدفع" هو ما يحدد ما الذي يتم إنتاجه. وتجري هذه العملية من خلال آلية السعر، ما يحدد أيضاً القيم النسبية للسلع المختلفة.

تظهر نظرية سيادة المستهلك بشكل أوضح في النظرية الكلاسيكية الجديدة للعرض والطلب. ويستند هذا التحليل إلى مذهب فردوي ميثودولوجي، الفردوية المنهجية (Methodological Individualism) يعني أن الاقتصاديين الكلاسيكيين الجدد يبدؤون مع الفرد ثمّ يبنون نظريات عن الاقتصاد عبر استنتاج كيفية تفاعل الأفراد مع بعضهم البعض. ولذلك، هم يقومون بعدد من الافتراضات.

ومن أهم الافتراضات أن الأفراد منغمسون في حبّ الذات ويسعون لتحقيق الحدّ الأقصى من مصالحهم الخاصة. وفي إطار الأسواق، يعني ذلك أن الباعة سيسعون دائماً لرفع ربحهم إلى الحدّ الأقصى، فيما يسعى المستهلكون دائماً لرفع استخدامهم (أو استمتاعهم) إلى الحدّ الأقصى. إذن، سيسعى الباعة إلى تحقيق السعر الأعلى الممكن لسلعهم فيما يعملون على تخفيض تكلفة الإنتاج. وفي الوقت عينه، يبحث المستهلكون عن السعر الأدنى بهدف شراء الكمية الكبرى من السلع التي يرغبون بها. وهذا المنطق الرئيسي خلف الرسم البياني للعرض والطلب الوارد في جميع الكتب التعليمية.

في هذا الرسم البياني، سعر السلعة هو نتيجة التفاعل بين المشترين (المستهلكين) والباعة (المنتجين) الذين يسعون  لرفع استفادتهم إلى الحدّ الأقصى. يظهر الخطّ الذي يمثّل الطلب كمية البضاعة (أو الخدمات) التي سيشتريها المستهلك مقابل سعر محدد. هو ينحني عند اليمين، ما يعني أن المستهلك سيشتري أكثر كلّما انخفض السعر. أمّا خطّ العرض فيمثّل كمية البضاعة (أو الخدمات) التي يعرضها المنتجون مقابل سعر محدد. ينخفض عند اليمين، ما يعني أن المنتجين سيعرضون أكثر كلّما ارتفع السعر.

وتعرف النقطة التي يلتقي فيها الخطّان بـ"التوازن" أو مقاصة السوق حيث يتساوى العرض والطلب. وإن زادت الأسعار عن هذه النقطة، يزيد المنتجون من الإنتاج حيث تغريهم الآمال بتحقيق الأرباح الأعلى. ولكن زيادة المخرجات المتزايدة قد تكون أكبر ممّا يكون المستهلك مستعداً لشرائه، ما يؤدي إلى تخمة ويدفع بالأسعار

إلى الانخفاض، ويعيد السوق إلى التوازن. كذلك، إن كانت الأسعار أقل من التوازن، سيكون طلب المستهلكين أكبر من العرض، ما يؤدي إلى شحّ، ويدفع الأسعار إلى الارتفاع.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى