شرح حيلة ارتباط الماء والهواء مع بعضهما

1995 أصول الحيل الهندسية

جلال شوقي

KFAS

حيلة ارتباط الماء والهواء مع بعضهما الفيزياء

.. ثم يقام ذلك أول مرة، فقد تبين أنه لا يرفع الماء بغير هذه الحيلة البتة، وإنما يرتفع بالسحارة هذه لحال العلل التي نريد ذكرها.

فإنا إذا وضعنا فم السحارة المعوجة في إناء مملوء ماء، وجذبنا من الناحية الأخرى الهواء بأفواهنا، يصعد الهواء كما وصفنا فيما سلف، فإذا بدأ بالارتفاع يكون دفعه دائما حتى يفرغ جميع الماء الذي في الإناء وينتهي إلى تلك السحارة، لأن الماء الذي فيها لا ينقطع بعضه من بعض إن لم يدخل فيه هواء.

فأما إن تنفست السحارة، ودخل في الماء هواء، وقطع اتصال الماء، فإن الباقي يسكن من مسيله لحال العلة التي ذكرنا، وهو يتبين الآن بالمثال الذي نريد ذكره (ههنا)(1).

فليكن إناء معمول مستطيل جاف من كل ناحية، ثم يوضع ذلك الإناء في ماء، ثم يشد عليه بالأيدي حتى يمتلئ، ثم يقلب بسرعة من عمق ذلك الماء حتى يصير أسفله في الناحية العليا، ويحفظ مملوّاً، ثم يرفع من الماء حتى لا يبقى فيه شيء من خلال الشفة، فإنه إذا فعل به ما ذكرنا يبقى مملوّاً.

الذي يعرض من قولنا يكون بينا للبصر إن كان ذلك الإناء مهيأ من زجاج أو قرن أو شيء آخر صافي الجوهر، فأما بغير ذلك الإناء فليس يمكن أن يرفع بحيلة من الحيل، وإن كان في ذلك الإناء ثقب صغير بقدر ما يدخل فيه الهواء، سيرجع الماء إلى مكانه السفلي كما كان، وهو بيّن.

ومن جميع ما ذكرنا أن الماء مركب مع الهواء متصل به، ولذلك يتبع أحدهما الآخر)).

شرح وتحليل:

يشير المؤلف الفاضل إلى أن الهواء في السحارة إذا جذب بأفواهنا ليتواصل خروجه، فإن الماء يستمر في التحرك خارجا لا ينقطع ما دام الطرف العلوي (أي الطرف المعوج) للسحارة مغمورا بالماء، فإذا ما اعترض الهواء مسار الماء المنساب عاد عمود الماء (حتى موضع الهواء) أدراجه إلى الوعاء، ويطلق على هذه الحال أن السحارة قد ((تنفست)).

ويورد المؤلف تجربة بسيطة فحواها ملئ إناء بأكمله بالماء وقلبه بسرعة في غمر من ماء بحيث لا يداخله هواء البتة، ومن ثم لا يمكن رفع الإناء من الماء إطلاقا، لأن ذلك يقتضي ضرورة دخول الهواء ليحل محل الماء الذي سيتفرغ من الوعاء، فإذا ما وجد ثّقْب في قاع الوعاء المقلوب ( وهو الآن في أعلى موضع) أدى دخول الهواء منه إلى هبوط الماء في الوعاء المقلوب حتى يبلغ مستواه مستوى الماء خارجه.

وهنا يخلص المؤلف إلى القول باتصال الماء والهواء بما لا يسمح بوجود خلاء بينهما.