الفيزياء

شرح وتحليل حيلة تمدد الهواء بالحرارة

1995 أصول الحيل الهندسية

جلال شوقي

KFAS

حيلة تمدد الهواء الفيزياء

وطبيعة النار أيضا مختلطة بالهاء، ولذلك يجتذب، وبيان ذلك يكون بهذا، ومما نصف بعده.

ينبغي أن تهيأ بيضة من رصاص، معتدلة العظم مجوفة، ليست برقيقة الغلظ جدا، لكيلا تنهشم عاجلا، وتكون هذه البيضة جافة لحال ما يراد بها من العمل، ثم تثقب وتوضع في ذلك الثقب سحارة معوجة.

ويدخل طرف تلك السحارة في البيضة حتى يكون قريبا من أسفلها لكيما يكون للماء سيلان، وتكون تلك السحارة جافة جدا أيضا، وتوضع البيضة في مكان مطأطأ قبالة الشمس، ويوضع كأس فيه ماء تحت الناحية الأخرى من نواحي السحارة.

فلتكن البيضة التي عليها أ، والسحارة التي عليها ب، والكأس الذي عليه ج.

فأقول إذا سخنت البيضة من خارج، تنفس جزء من الهواء الذي في داخل السحارة والذي يعرض بعد ذلك يبين للبصر، لأن الهواء يقع في الماء من تلك السحارة ويحركه، ويوقع نفخات كثيرة متتابعة.

 

فإن هيأت على تلك البيضة ظلا (1)، وأقمت حينا يسيرا، ستعاين الماء يصعد من الكأس حتى يصير إلى البيضة، فإن نحيت عنها أيضا ذلك الظل، وصارت في الشمس، دفعت الماء الذي فيها إلى الكأس، وإن أعدتها إلى الظل، وصارت في الشمس، دفعت الماء الذي فيها إلى الكأس، وإن أعدتها إلى الظل عاد الماء، وذلك يكون دائما كما وصفنا.

وإن أوقدت أيضا نارا وأدنيتها من تلك البيضة بقدر ما تسخن، عرض العرض الذي ذكرناه، وإذا بردت عاد الماء لما كان، وإن أخذ إنسان ماء حارا، وصبه على البيضة، عرض مثل ما وصفنا. وهذه صفة ذلك.

فهذا الرأي اسطقس من الاسطقسات(2) التي يقال إنها روحانية، لأنها تكون في مثل هذه الحيل، وإنما يكون ذلك لأنه لا (3) يمكن أن يكون مكانا خاليا من الهواء، فإنه إن خلا منه من ساعته، تصير فيه أجساد أخر من الأجساد المركبة مع الهواء، إلا أنها تدفع دفعا من قبل الطبيعة.

فهذا العلم والرأي موافق لبعض أصحاب العلم الطباعي، وهو موافق أيضا لنا)).

 

شرح وتحليل:

يبدأ المؤلف بالقول بأن النار أيضا مختلطة بالهواء، ولعل القول الدقيق في هذا الشأن هو تأثر الهواء بالنار، لأنه من المعلوم تمدد الهواء بتعريضه للنار، أي أن الهواء – مع بقائه عنصرا – يتمدد بالحرارة، وهو – مع تمدده – على عهده بملاحقته للماء.

ويدلل المؤلف على ذلك بجهاز يتركب من بيضة مجوفة أو مفرغة أ، وسحارة معوجة ب، ووعاء به ماء ج (شكل 7)، فإذا ما تعرضت البيضة للحرارة تمدد الهواء الذي بداخلها، أي زاد حجمه عن حجم الحيز الداخلي للبيضة، فيخرج إلى الكأس على هيئة فقاعات (نفخات) متتابعة يراها المشاهد بسهولة ويسر.

أما إن حجبت الحرارة عن البيضة، انكمش الهواء الذي بداخلها إذ يلزمه – في هذه الحالة- حجم أقل من حجم الحيز الداخلي للبيضة، فيتراجع الهواء داخل أنبوب السحارة ساحبا معه بعضا من الماء الذي في الوعاء، وذلك بسبب اتصال الهواء بالماء

 

وتحدث هذه الظاهرة أيا كان مصدر الحرارة سواء كان ذلك شمسا أو نارا أو ماء حارا، كذا أي كان مصدر البرودة، سواء تم ذلك بتعريض البيضة للظل أو بتجنيبها التعرض للشمس، وما شابه ذلك.

ولما كان ما يحدث هو في الواقع بفعل اسطقس الهواء، ولما كنا ندرك الفعل دون أن نشهد الفاعل جاءت تسمية ((الحيل الروحانية))، ويجزم المؤلف باستحالة الخلاء، ويقول في ختام هذه الحيلة بلفظه : ((.. لا يمكن أن يكون مكان خاليا من الهواء..)).

نخلص من ذلك إلى أن هذه الحيلة ما هي إلا تجربة للتدليل – عمليا – على تمدد الهواء بالحرارة، وعلى استحالة الخلاء (بحلول الماء مكان الهواء المتمدد الخارج من المجموعة).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى