صفات ومنشأ “النمط الدوري”
1998 الموسوعة الجيولوجية الجزء الخامس
ترجمة أ.د عبد الله الغنيم واخرون
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
النمط الدوري صفات النمط الدوري منشأ النمط الدوري علوم الأرض والجيولوجيا
هو تتابع محدد مكون من صخور مختلفة أحدها الفحم الحجري، ويتراوح سمك هذا النمط من عدة أمتار إلى عشرات الأمتار.
وعادة ما يتكرر هذا النمط مرات عديدة في الموقع الجيولوجي الواحد (المقطع الجيولودي لتلك المنطقة).
وقد وصف هذا النمط الترسيبي في الطبقات الحاملة للفحم في حقب الحياة القديمة في أمريكا الشمالية، ووجد ايضاً في صخور حقب الحياة المتوسطة الحاملة للفحم ايضاً.
وأول من استعمل المصطلح هو وِلَّرْ (J. M. Weller) عام 1930 غير أنه في عام 1958 طلب أن يحدد استعماله في الطبقات الحاملة للفحم في العصر الكربوني.
ومما يجدر ذكره أن صفة الدورية (Cyclicity) في الصخور الرسوبية ليست مقتصرة على الصخور الحاملة للفحم، بل هي صفة عامة جداً لا تكاد تخلو منها بيئة ترسيبية.
فعلى سبيل المثال هي موجودة في صخور الجريواك المكونة لرسوبيات القعائر العظمى – جيوسينكلينات (geocynclines) وتدعى دورة بوما (Bouma cycle)، وهي موجودة في رسوبيات البحيرات حيث تتعاقب رقائق بنية مع أخرى بيضاء (رواسب الجليديات Varves) أو رقائق بيضاء وأخرى رمادية (رسوبيات بحيرة اللسان في غور الأردن).
كما أنها موجودة في صخور الرف القاري حيث تتعاقب طبقات الصوان مع الحجر الجيري مرات عديدة في المقطع الواحد… الخ.
لذا فالدورية ليست دورات الفحكم الرسوبية إلاّ واحدة من هذه الدورات المعروفة في صخور الأرض المختلفة.
الصفات الرئيسية للنمط الدوري :
1- افترض أن هناك دورة مكونة من خمس مستويات هي أ، ب، ج، د، ه.
وأن المستوى (أ) مكون من صخور الحجر الجيري أو الصلصال البحري أو غير البحري، أما المستوى (ب) فهو الغرين بينما المستوى (ج) من الحجر الرملي والمستوى (د) من تربة قديمة ثم المستوى (هـ) من الفحم الحجري، ثم تأثي دورة جديدة يكون فيها المستوى (أ) مثل المستوى (أ) السابق ذكره.
لاحظ أن أهم تغير موجود بين المستويات الخمسة هذه هو الذي يقع بين مستوى (هـ) (أي الفحم) والمستوى (أ) الذي يعلوه في الدورة التالية. وهو العامل الرئيسي الذي يوضح بداية الدورة الجديدة في هذا المثال.
2- ولو فرضنا أن كمية الحبيبات الخشنة كالرمل مثلاً تزداد من المستوى (أ) حتى المستوى (ج) ثم تنقص من المستوى (ج) يقال الشيء نفسه عن نسبة الجير (الكلس).
فإذا كان الجزء السفلي من الدورة لا يساوي الجزء العلوي من تلك الصفة المقيسة فالدورة غير متناظرة. على أن التناظر لا يعني التساوي أو التشابه المطلق بين جزئي الدورة.
3- ثم إن الدورة ليس بالضرورة أن تكون متشابهة تماماً في تكرارها في المقطع. فقد يختفي أحد المستويات أو يتغير تغيراً جزئياً أو كلياً.
فمثلاً قد يختفي المستوى (د) أي التربة القديمة، وعندها يرتكز الفحم على المستوى (ج).
كما أن المستوى (أ) يمكن أن يكون من الحجر الجيري غير البحري أو الحجر الجيري المستحاثي أو الصخور الطينية البحرية أو غير البحرية أو غير ذلك. ويعتمد هذا التنوع في مكونات الدورات على بيئة الترسيب.
4- قد تنشأ دورات الفحم الرسوبية في البيئة الشاطئية – الدلتاوية وفي هذه الحالة فإن انتشارها الجغرافي يكون واسعاً. أي أن الدورة نفسها (ومن ثم مستوى الفحم فيها) يمكن أن يتتبع مسافات طويلة جغرافيا.
وتصبح مكونات هذا النمط الدوري مكونة من المستويات التالية (من الأسفل إلى الأعلى): صخور طينية بها مستحاثات بحرية (ويمكن أن تستبدل بالحجر الجيري المستحاثي) تعلوها صخور طينية غير بحرية ثم صخور الغرين فصخور الحجر الرملي ثم مستوى تربة قديمة وأخيراً يأتي الفحم.
لاحظ أن حجم حبات الصخور المكونة لهذا النمط الدوري يزداد حجمها نحو العلى أي من صخور الطين حتى صخور الرمل. فهي إذن دورة تخشن نحو الأعلى (Coarsening – upwards)، وهذه واسعة الانتشار في صخور الكربوني الأعلى في بريطانيا وألمانيا وأمريكا الشمالية.
5- أما إذا كانت البيئة نهرية فإن حجم الحبات عادة ما تصغر نحو الأعلى. وتسمى الدورة عندئذٍ دورة تصغر حبيباتها نحو الأعلى (Fining – upward cycle)
أما المكونات الصخرية في مثل هذه الدورات فهي من الأسفل إلى الأعلى: تبدأ الدورة بسطح عدم توافق يعلوه مباشرة مستوى المواد الخشنة مكوناً من الكونجلوميرات أو من الصخور الجريواكية أو الأركوزية أو خليط منها جميعاً، ثم يعلوه مستوى من الصخور الرملية الطينية،
فالصخور الطينية فالتربة القديمة وأخيراً مستوى الفحم. واضح من هذا الوصف أن الحبات المكونة للصخر تصغر نحو الأعلى. والفحم في هذا النوع من البيئات ليس له امتداد جغرافي واضح.
6- سمك النمط الدوري: ليس هناك سمك ثابت لمثل هذا النمط الدوري. إذ تتحكم فيه بيئة الترسيب. غير أنه يغلب عليه أن يكون 10 أمتار. وفي هذه الحالة فإن الدورة تحوي الفحم في نهايتها العلوية.
أما إذا كانت الدورة سميكة مثلاً 50 متراً، فإن الجزء السفلي يكون صخراً طينياً بحري المنشأ والأوسط رملياً غير بحري. أما الفحم فإنه لا يكون متطوراً بشكل جيد. وفي كثير من الأحيان توجد دورات كبيرة تحوي في داخلها دورات أوتكرارات أصغر.
كأن تكون هناك دورة سمكها 50 م يوجد بها 5 دورات كل منها 10 م أو عدة دورات مختلفة السمك 4 م و 10 م.
7- من المناسب أن نتحدث عن مستوى التربة القديمة الذي يقع عادة تحت مستوى الفحم. حيث توجد فيه في العادة بقايا جذور نباتية.
ويمكن أن تكون التربة القديمة طينية فتدعى طيناً نارياً (Fireclay) أو رملية فتدعى جانستر (ganister) أو تكون من معدن الكاولين فتدعى تونستين (Tonstein).
منشأ النمط الدوري:
يبدو أن الغالبية العظمى من أنواع النمط الدوري قد ترسب في بيئة دلتاوية بحرية. وأمثلة ذلك موجودة في الأنماط الدورية في العصر الكربوني في بريطانيا والولايات المتحدة. ومن ثم فإن العوامل التي تؤثر في نشأة الدورية هي:
1- تذبذب أو تغير مستوى سطح البحر في المنطقة المعنية لسبب أو لآخر.
2- ارتفاع أو انخفاض سطح الأرض في حوض الترسيب.
3- فعلية الدلتا في تلك المنطقة.
فلو أننا اعتبرنا طبقات الصخر الجيري البحري أو طبقات الصخر الطيني البحري هي بداية الدورة. فإن ذلك يعني أن المنطقة كانت عميقة نسبياً بحيث ترسبت فيها هذه الصخور البحرية. ثم يبدأ سطح البحر بالهبوط أو يبدأ سطح اليابسة وقاع البحر في منطقة الترسيب بالارتفاع.
كلاهما له نفس التأثير، لكن ما يحدث هو أن المياه في النهاية تنحسر، وتبدأ الأنهار بإلقاء حمولتها وتبدأ المستنقعات بالنشوء والتكون، ومن ثم تتكون التربة القديمة ويتكون الفحم في هذه البيئة.
ثم يعود البحر من جديد ليغطي المنطقة ويرسب الحجر الجيري أو الطيني البحري وتبدأ دورة جديدة.
أما أسباب هبوط سطح البحر فإنه لا يمكن أن يعزي لتغيرات مناخية كتلك التي أنتجت العصور الجليدية، فالعصور الجليدية محدودة في التاريخ الجيولوجي ولا تعلل كثرة الأنماط الدورية.
إذن هل يكون سبب ذلك ارتفاع أو انخفاض اليابسة في تلك المنطقة لأسباب تكتونية. إن المدة التي تستغرقها دورة سمكها 10 م تتراوح بين 50000 – 150000 سنة، وهي مدة قصيرة فعلاً لرفع أو خفض اليابسة، سيما وأن الأنماط الدورية تمتد مسافات كبيرة، ومن ثم فإن الدورات واسعة الانتشار ما زالت بحاجة إلى مزيد من البحث.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]