أدوات

صندوق الساعات

1995 العلوم والمعارف الهندسية

جلال شوقي

KFAS

صندوق الساعات أدوات الهندسة

بوصف الإمام محمد بن محمد بن محمد الغزالي (ت : 505 هـــ = 1111م)

صندوق الساعات هو ساعة مائية من النوع القابل للنقل، وهو النوع الذي كان الملوك يهدونه إلى ملوك آخرين كالساعة التي قام هارون الرشيد بإهدائها إلى شارلمان ملك فرنسا (125-199هـــ) = (742-814م)

ويورد حجة الإسلام الإمام الغزالي وصفاً تفصيلياً لصندوق الساعات على عصره فيقول:

"إنه لا بد فيه من آلة على شكل اسطوانة تحوي مقداراً من الماء معلوماً، وآلة أخرى مجوفة موضوعة في هذه الاسطوانة فوق الماء، وخيط مشدود أحد طرفيه في هذه الآلة المجوفة، وطرفه الآخر في أسفل ظرف صغير موضوع فوق الآلة المجوفة، وفيه كرة وتحته طاس.

بحيث لو سقطت الكرة وقعت في الطاس وسمع طنينها، ثم ثقب أسفل الآلة الاسطوانية ثقباً بقدر معلوم ينزل الماء منه قليلاً قليلاً، فإذا انخفضص الماء انخفضت الآلة المجوفة الموضوعة على وجه الماء.

 

فامتد الخيط المشدود بها، فحرك الظرف الذي فيه الكرة تحريكاً يقرِّبه من الانتكاس إلى أن ينتكسن فتتدحرج منه الكرة، وتقع في الطاس وتطن.

وعند انقضاء كل ساعة تقع واحدة، وإنما يتقدر الفصل بين الوقعتين بتقدير خروج الماء وانخفاضه، وذلك بتقديرٍ سعة الثقب الذي يخرج منه الماء، ويعرف ذلك بطريق الحساب، فيكون نزول الماء بقدر معلوم بمقدار مُقدَّر معلوم، بسب تقدير سعة الثقبة بقدر معلوم، ويكون انخفاض أعلى الماء بذلك المقدار، وبه يتقدر.

وانخفاض الآلة المجوفة، وانجرار الخيط المشدود بها، وتولُّد الحركة من الطرف ا لذي فيه الكرة، وكل ذلك يتقدر بتقدر سببه لا يزيد ولا ينقص.

 

ويمكن أن يجعل وقوع الكرة في الطاس سببا لحركة أخرى، وتكون الحركة الأخرى سبباً لحركة ثالثة، وهكذا إلى درجات كثيرة حتى يتولد منها حركات عجيبة بمقادير محددة، وسببها الأول نزول الماء بقدر معلوم." 

ويستطرد الإمام الغزالي قائلاً:

"فإذا تصورت هذه الصورة، فاعلم أن وضاعها يحتاج إلى ثلاثة أمور:

أولها: التدبير، وهو الحكم بأنه ما الذي ينبغي ان يكون من الآلات والأسباب والحركات حتى يؤدي إلى حصول ما ينبغي أن يحصل، وذلك هو الحكم.

الثاني: إيجاد هذه الآلات التي هي الأصول، وهي الآلة الاسطوانية، والآلة المجوفة لتوضع على وجه الماء، والخيط المشدود بها، والظرف الذي فيه الكرة ، والطاس الذي تقع فيه الكرة، وذلك هو القضاء.

الثالث: نَصْب سبب يوجب حركة مقدرة محسوبة محدودة ، وهو ثقب أسفل الآلة ثقبة مقدرة السعة ليحدث بنزول الماءم نها حركة في الماء تؤدي إلى حركة وجه لاماء بنزوله. 

ثم إلى حركة الآلة المجوفة المضوعة على وجه الماء، ثم إلى حركة الخيط، ثم إلى حركة الظرف الذي فيه الكرة، ثم إلى حركة الكرة، ثم إلى الصدمة بالطاس إذا وقعت ، ثم إلى الطنين الحاصل منها، ثم إلى تنبُّه الحاضرين واسماعهم، ثم إلى حركاتهم في الاشتغال بالصلوات والأعمال عند معرفتهم بانقضاء الساعة.

 

وكل ذل يكون بقدر معلوم، ومقدار مُقدَّر بسبب تقدر جميعها بقدر الحركة الأولى، وهي حركة الماء.

فإذا فهمت أن لهذه الحركات أصولاً لا بد منها للحركة، وأ، الحركة لا بد من تقديرها، ليقدر ما يتولد فيها، فكذلك فافهم حصول الحوادث المقدرة التي لا يتقدم منها شيء ولا يتأخر".

إن هذا الوصف التفصيلي الرائع لصندوق الساعات قد جاء على لسان حجة الإسلام الإمام الغزالي في معض حديثه عن القضاء والقدر واتخاذه للساعة المائية مثلاً لتقريب المعاني.

وتدل كلمات الإمام الغزالي على أنه بينة من أمر صندوق الساعات وطريقة عمله.  ومن الواضح أن الساعة التي وصفها الغزالي تنتمي إلى النوع الأول من الساعات المائية، ذلك النوع الذي يعمل بتدفق الماء من فتحة مقدرة بمعدل ثابت، أما حركة الكرات فهي حركة تابعة قُصد بها الإعلان عن انقضاء فترة زمنية محددة، وليس للكرة أي دخل في عمل الساعة ذاتها.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى