ضرورة اكتساب الجمهور “الثقافة العلمية الأساسية”
1998 تقرير1996 عن العلم في العالم
KFAS
الثقافة العلمية اكتساب الجمهور العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة
ينسب إلى الثورة الكوبرنيكية الفضل في تغيير مدارك الإنسان عن نفسه وعن مكانته في الكون.
فقد أبطلت هذه الثورة النظرة التي كانت سائدة لدى الأقدمين بأن الأرض هي مركز الكون، واستعاضت عنها بأخرى مفادها أن الأرض كوكب صغير يدور حول نجم عادي.
وبالفعل، فقد بينت اكتشافات كوبرنيكوس وكاليليو ونيوتن أن هذا الكون مترام في سعته وتاريخه الزمني، وأنه يمكن تفسير حركة الكواكب حول الشمس استناداً إلى قوانين بسيطة هي نفسها المسؤولة عن حركة الأجسام الطبيعية على وجه الأرض، وأن حركة المد والجزر ناتجة من الجذب التثاقلي للقمر.
ومع أن هذا الاكتشافات وغيرها، أدت إلى توسيع مدارك الإنسان، إلا أن جوهر الثورة الكوبرنيكية تجسد أساسًا فيما هو أهم من مجرد تراكم اكتشافات محددة الطابع، وإن كانت هذه الاكتشافات مثيرةً للإعجاب.
فالإنجاز الأكبر لتلك الثورة تمثل في إدخال مفهوم مستجد للكون بأنه مادة في حالة حركة تحكمها قوانين طبيعية، وفي إدراك أن الكون يخضع لقوانين متأصلة فيه تعزى إليها الظواهر الطبيعية.
ومن ثم، يمكن التنبؤ بهذه الظواهر بل والتأثير فيها إذا ما توافرت المعرفة الكافية بمسبباتها. وهكذا آل العلم إلى كونه تفسيرًا للقوانين الطبيعية.
وتعد المعرفة الشاسعة التي تأتت لنا في عصرنا هذا عن العالم الطبيعي أحد نواتج الثورة الكوبرنيكية في حين تمثل الثورة الصناعية ناتجًا آخر لها.
إن العلم هو أسلوب ناجح للتحري وحل المشكلات. فالعلم أوجد الثقافة المذهلة التي تتخلل جوانب حياتنا المعاصرة وتتمثل في مبانٍ شاهقة الارتفاع وطرق رئيسية وجسور ممتدة وصواريخ تحمل روادًا إلى القمر وهواتف تتيح الاتصال الفوري عبر القارات وحواسيب تنجز عمليات حسابية معقدة في أجزاء من المليون من الثانية ومحاصيل زراعية تحمل صفات مرغوبة ولقاحات وعقاقير تمنع الإصابة بالطفيليات البكتيرية وعلاجات جينية تقوم على تبديل الجزيء الدنوي في الخلايا المعطوبة.
وقد لا تكون إنجازات التقانة كلها نعمة خالصة، غير أن العلم والتقانة بدلا وجه العالم الذي نحيا في كنفه، بل وسيستمران دون شك في تبديله.
ويوفر ما ذكّرنا به، أساساً للقضية التي أود أن أعرضها، وهي أن ألفباء المعرفة العلمية (أو الثقافة العلمية الأساسية) إذا ما اعتبرت أنها المعرفة العلمية المطبقة عمليًا في حياتنا اليومية، تعد ضرورية، تماماً مثل ضرورة الإلمام بالقراءة والكتابة (الألفبائية بالمفهوم الأعم للكلمة) من أجل تحقيق مستوى معيشي مقبول في عالمنا المعاصر.
كما أود التأكيد على أن الثقافة العلمية الأساسية ضرورية لإيجاد قوة عاملة كفؤة، وقادرة على الإسهام في تحقيق الرفاهية الاقتصادية والصحية سواء ضمن النسيج الاجتماعي إجمالاً أو لكل فرد على حدة في المجتمع، وعلى ممارسة الديموقراطية القائمة على المشاركة.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]