طبيعة الآثار المتواجدة في مسرح الجريمة وأهميتها في عملية الاستعراف
2010 الاستعراف الجنائي في الممارسة الطبية الشرعية
صاحب عيسى عبدالعزيز القطان
KFAS
طبيعة الآثار المتواجدة في مسرح الجريمة عملية الاستعراف البيولوجيا وعلوم الحياة
تعتمد نظرية ترك الأثر وعلاقتها بالمجني عليهم والجناة على تأثير التلامس ، حيث لابد أن يحدث في أثناء ارتكاب المجرم لجريمته أن يتلامس مع المحيط أو المجني عليهم.
وعليه فيتم تناقل الآثار فيما بينهم ويرجع ذلك إلى وجود نظرية علمية أساسها "قاعدة تبادل المواد" "إن كل جسم يلمس جسماً آخر يترك جزءاً من مادة أو شكله عليه" وتتوقف طبيعة هذا الأمر على حالة كل من الجسمين وطرق تلامسها .
ولما كان لكل جريمة (الجريمة الإيجابية) فعل وكل فعل لابد أن يصاحبه حركة ونشاط وتلامس واحتكاك من عناصر هذا الفعل فإن مجال تطبيق هذه النظرية في مجال الجريمة يصبح واضحاً ، فالجريمة احتكاك واتصال وتلامس من عنصرين رئيسين :
الأول : المجرم وما يحمله من أدوات لارتكاب جريمته .
الثاني : مسرح الجريمة وما به من متعلقات .
وتطبيقاً لهذه النظرية فإن من كلا هذين العنصرين لابد أن يترك جزء من مادة أو أثر لشكله عن العنصر الآخر .
وتقسم طبيعة الأثر إلى قسمين :
أولاً : الآثار المادية الظاهرة : وهي التي يمكن أن ترى بالعين المجردة وبدون الاستعانة بأية وسيلة من الوسائل العلمية كالمايكروسكوبات أو مصادر الأشعة والعدسات وما شابه ذلك ، والتي يمكن أن تكون بصورة صلبة كالأسلحة أو الطلقات النارية وقطع الأخشاب.
وكذلك يمكن أن تكون بصورة سائلة كالمشروبات الروحية والمواد المتطايرة البترولية أو تكون على صورة لزجة كالبقع الدموية أو المنوية ، وهذه الآثار وبحكم سهولة رؤيتها يمكن تصويرها بمسرح الجريمة وبيان حالتها والمحيط بها قبل رفعها .
ثانياً : الآثار المادية غير الظاهرة : وهي الآثار التي لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة وتحتاج إلى أجهزة خاصة لبيانها ومن أمثلة ذلك البصمات وبعض البقع الجافة والتي لا تختلف طبيعتها وألوانها عن المكان المتواجدة فيه.
ولهذا يتم تصوير هذه الآثار بعد تحديد مكانها بواسطة بعض العدسات المكبرة أو الميكروسكوبات التصويرية أو مصادر الأشعة المختلفة .
وتعتبر المهمة الأساسية لخبير الأدلة الجنائية ولضابط مسرح الجريمة محاولة الكشف عن أي آثار مادية مهما كانت ضئيلة ولا يمكن إنجاز هذه المهمة بنجاح تام إلا بإتباع أسلوب منهجي منظم في فحص الموقع.
وتختلف عادة هذه الأساليب في طرق البحث تبعاً لاختلاف ظروف وطبيعة مسرح الجريمة ولبيان ذلك فإن الآثار المادية المتواجدة بمسرح الجريمة الناتجة عن السرقة بطريقة الكسر تختلف عن الآثار المادية الناتجة عن طريق التهديد والسطو المسلح وكذلك الآثار المادية المتواجدة بمسرح الجريمة الناتجة عن جريمة قتل بواسطة آلات حادة مثل السكاكين أو السيوف تختلف عن الآثار المادية المتواجدة بمكان مسرح الجريمة والناتجة عن جريمة قتل بواسطة السلاح النار أو الخنق .
وعلى أية حال فإن الهدف الذي يجب السعي وراءه دائماً (أياً كان النظام أو منهج البحث المتبع) هو ضرورة التأكد من فحص كل أرجاء موقع الحادث بدقة تامة.
ويجب على كل الخبراء الجنائيين تركيز الانتباه كاملاً وبذل أقصى العناية الممكنة عند التعامل مع الجثة بمسرح الجريمة أو عند تحريكها من موضع العثور عليها ، ذلك حيث إن تحريك الجثة (بصورة أو بأخرى) قد يؤدي إلى طمس أو فقد بعض الأدلة المادية العالقة بها.
الأمر الذي قد ينتهي باستنباط نتائج مضللة تماماً مثلما قد يحدث عند تحريك جثة أحد الجناة (قتله أحدهم دفاعاً عن نفسه لمنع محاولة اعتداء جنسي) من تساقط بعض قطرات الإفرازات المنوية من عضوه الذكري على فتحة الشرج (بالصدفة) معطياً انطباعاً خاطئاً بوقوع اعتداء جنسي عليه لواطا بدبره .
هذا وفي حالة عدم بقاء الجثة في موقع العثور عليها الأصلي لفترة كافية لإتمام الفحص الفني بمسرح الجريمة فربما يتعذر استنباط علاقة الآثار المادية المتواجدة في الموقع بالجثة ، أو الحكم على مدى الصلة بينهما.
ومن ثم يفضل دائماً تواجد طاقم الفحص الفني بالكامل مبكراً على قدر ما يمكنهم بمسرح الجريمة والجثة ما زالت متواجدة في موضع اكتشافها الأصلي (قبل أن تقتضي الضرورة نقلها من مكانها) مع اعتماد خطة عمل مفصلة تحدد مهمة كل فرد منهم ، وتبين نظام تتابع أدوار عملهم فيما بينهم طبقا للأوليات التي تمليها ظروف الحادث وطبيعة الموقع .
وعادة يكون أحد الأهداف الأساسية لفحص الجثة (وما عليها من ملابس) في مسرح الجريمة هو البحث عن أية آثار مادية قد تكون عالقة بها والتي تتضمن بعض أو كل الأمثلة الفنية التالية :
1- آثار متخلفة عن شيء ما (أداة الحادث مثلاً) كآثار طلاء أو فتات زجاجي (في حادث مصادمة سيارة مثلاً) .
2- آثار من الجثة أو من متعلقاتها انتقلت لشيء آخر (مثل أداة الجريمة) كآثار دماء أو بضع عشرات من المجني عليه ، أو من ملابسه تكون قد علقت بالأدلة أو الأداة المستخدمة في الجريمة .
3- آثار متخلفة عن مرتكب الجريمة (الجاني) مثل آثار من دمائه ، بقايا من إفرازه المنوي (في حالات الاعتداءات الجنسية) ، بصمات أصابعه ، آثار أقدامه ، أو طبعة حذائه ، فضلاً عن آثار الإصابات الدفاعية التي قد تتواجد بأصابع أو أيدي أو ساعدي أو وجه الضحية (من جراء التماسك والمقاومة) .
4- آثار متعلقة بمكان أو بموقع آخر غير موضع العثور على الجثة على سبيل المثال آثار الطلاء ، الألياف ، البقايا النباتية أو الحيوانية التي قد تكون عالقة بالضحية أو بملابسها وليست لها ثمة ارتباط بمكان اكتشاف الجثة ، وفي هذه الحالة يعتبر تواجد مثل هذه دليلاً فنياً يشير إلى نقل الجثة من مكان آخر غير مكان العثور عليها .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]