العلوم الإنسانية والإجتماعية

طبيعة الاتفاق والشروط الواجب توافرها للتعاقد

1995 الحاسوب والقانون

الدكتور محمد المرسي زهرة

KFAS

طبيعة الاتفاق الحاسب الالكتروني العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة

الأصل في التعاقد هو الإرادة الحرة . فالإرادة هي التي تنشئ التصرف القانوني ، وهي التي تحدد مضمونه وآثاره . 

إذ يتم التعاقد غالباً بعد مفاوضات – قد تطول – بين الطرفين – وتتناول هذه المفاوضات شروط التعاقد والتزامات الطرفين وغير ذلك من الموضوعات .  وقد تنتهي هذه المناقشات إلى إبرام العقد، وقد تنتهي إلى لا شيء . 

لكن المهم ، سواء أبرم العقد أم لا ، ان العقد هو "نتاج" إرادة الطرفين .  وهي إرادة حرة في مناقشة شروط التعاقد ، وعلى قدم المساواة بين الطرفين Contrat de gré à gré .

لكن هذه الصورة " المعتادة" في التعاقد لم تعد "تعكس" بدقة الواقع الحالي .  فقد اختل التعادل ، الذي كان من المفروض أن يوجد ، بين الطرفين .

 

وأصبح أحد الطرفين في مركز اقتصادي يسمح له بفرض شروط التعاقد التي يراها ، وليس أمام الطرف الآخر سوى قبول هذه الشروط كما هي أو رفضها دون حذف أو تعديل أو إضافة .  ومن هنا نشأ ما يسمى بعقود الإذعان أو الانضمام Contrats d’adhesion .

وقد أثير خلاف حول الطبيعة العقدية لعقود الإذعان. وكان هناك من ينكر على هذه العقود صفتها التعاقدية على أساس أن العقد توافق إرادتين عن حرية واختيار ، بينما القبول في عقود والإذعان ما هو إلا التسليم بشروط مقررة من قبل والرضوخ لها. 

وقد حسم المشرع الكويتي هذا الخلاف حول طبيعة عقود الإذعان ، فعناصر فكرة العقدية في صددها ، مقرراً في المادة 80 مدني أنه :

" لا يمنع من قيام العقد أن يجيء القبول من أحد طرفيه إذعاناً لإرادة الطرف الآخر ، بأن يرتضي التسليم بمشروع عقد وضعه الطرف الآخر مسبقاً ولا يقبل مناقشة فيه" .

 

وقد تولت المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدين المصري تحديد الخصائص التي تميز عقود الإذعان عن غيرها من العقود،  وحصرتها في ثلاث :

أولها : تعلق العقد بسلع أو مرافق تعتبر من الضروريات الأولى . 

وثانيها : احتكار هذه السلع أوالمرافق احتكاراً قانونياً أو فعلياً . 

وثالثها : توجيه عرض الانتفاع بهذه السلع أو المرافق لإلى الجمهور بشروط متماثلة على وجه الدوام بالنسبة لكل فئة منها.

 

فإذا توافرت هذه الشروط في العقود التي تُبرم في شأن التعامل بالحاسب الإلكتروني ، كانت هذه العقود من عقود الإذعان بالمعنى السابق تحديده . 

فالاتفاق مع البنك مثلاً في حالة الحصول على بطاقة الصرف الآلي يُعتبر عقد إذعان .  فالبنك يحتكر القيام بعمليات البنوك عموماً احتكاراً قانونياً .  كما أن هذه العمليات تعتبر من الضروريات لجمهور العملاء . 

وأخيراً فإن البنك هو الذي يحدد شروط التعاقد سلفاً ، ويعرضها على الجمهور بشروط متماثلة ، ولا يقبل مناقشة فيها .  وليس أمام العميل سوى قبول الشروط كلية أو رفض التعاقد أصلاً دون إضافة أو حذف أو تعديل.

ويترتب على هذا التكييف أنه يجوز للقاضي ، إذا تضمن اتفاق الإثبات شروطاً تعسفية ، أن يُعدّل – بناء على طلب الطرف المذعن – " من هذه الشروط بما يرفع عنه إجحافها، أو يعفيه كلية منها ولو ثبت عله به ، وذلك كله وفقاً لما تقتضيه العدالة، ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك".

 

ويضع هذا النص – في الواقع – إحدى الضمانات الأساسية التي يمكن أن تحمي الطرف المُذْعن من الشروط التعسفية أو الجائزة التي قد يتضمنها اتفاق الإثبات . 

فاتفاق الإثبات – إذا كان عقد إذعان – تُفرض شروطه على أحد الطرفين دون إضافة أو تعديل . 

ومن ثم فقد يقبل بعض الشروط رغماً عن إرادته بالرغم مما فيها من ظلم .  وهنا يأتي دور القاضي في تعديل هذه الشروط أو غلغائها كلية بما يدفع الظلم من المظلوم .

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى