العلوم الإنسانية والإجتماعية

طرق اتخاذ القرار الغير التقليدي في مبادرات الاستئصال

2013 استئصال الأمراض في القرن الواحد والعشرين

والتر ر.دودل ستيفن ل.كوشي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

العلوم الإنسانية والإجتماعية الطب

الصفات الشخصية قد تكون في الغالب أكثر الوسائل تأثيراً في الإقناع

– أرسطو Aristotle

في النظم التي تخترق الأنظمة، فإن إنشاء لائحة تنظيمية لتبيّن أين تقع السلطة ضمن المنظمة غالباً ما يجري التأكيد عليها بصورة مضخمة.

فبالرغم من أهميتها، فإن هذه الخطوة كثيراً ما تفشل في الوصول إلى معرفة طريقة اتخاذ القرارات المتعلقة بمبادرات الاستئصال، بسبب تداخلها وإسهابها.

فالرضى والموافقة، هي عملية طوعية، وكذلك الإشكال المختلفة غير الرسمية وغيرها من الترتيبات غير الملزمة قانونياً تعتبر كلها لازمة لتحقيق الاستئصال. ولكن الموافقة والرضى لا تستطيع لوحدها أن تبعث على المساءلة في المنظومة.

 

فالحكومات، على سبيل المثل، غالباً ما تفشل في تنفيذ تعهداتها تجاه قرارات جمعية الصحة العالمية أو على مستوى G8 (McCurry 2008). أما استيعاب كيفية الإقناع وإثارة الاهتمام في نطاق التأثير على اتخاذ القرارات فهو من مهارات القياديين الحاسمة في مبادرات الاستئصال (Williams and Miller 2002).

ويقدم رأس المال الاجتماعي مصدراً إضافياً ومنبعاً للقوة الناعمة في كسب الإدارة السياسية الضرورية وتأمين المصادر المالية.

تعتمد مبادرات الاستئصال على المرونة والرشاقة في التجاوب مع البيئة التي تعمل ضمنها (الاجتماعية والسياسية والبيولوجية). ويتعزز الأداء عندما تتحسن بشكل كلي قدرة المنظمات والتواصل فيما بينها في تنفيذ القرارات الرئيسية بصورة أكثر فعالية (Blenko et al. 2010).

ويساعد تدقيق القرارات القياديين على تفهم أماكن الاحتياج إلى القوة والتأثير لتحقيق التحالف والحفاظ على الالتزام. وفيما يلي الخطوات اللازمة لإجراء تدقيق أو مراجعة للقرارات:

1- حدد القرارات الرئيسية التي يجب تناولها.

2- قرر أين يجب حدوث تلك القرارات.

3- نظم الهيكلية الكبرى حول منابع القيمة.

4- قرر أي مستوى من السلطة يلزم لمتخذي القرارات.

5- حالف عناصر أخرى من مجموعة المنظمات (مثل، الحوافز، وتدفق المعلومات والطرق للتبعة) مع تلك المتعلقة باتخاذ القرارات.

6- ساعد الشركاء على تطوير مهارات وتصرفات ضرورية لتنفيذ قرارات ذات نوعية رفيعة وبسرعة.

 

وفي نطاق مبادرة الاستئصال، يبدأ التدقيق أو مراجعة القرار بالفرد:

– ما الذي يحث الفرد على قبوله المداخلة، كاللقاح؟

– أية عوامل تتعلق بقرار الفرد بالمشاركة؟

– ما هي القرارات التي تتخذ على المستوى المحلي والاقليمي أو الوطني والتي تسهل أو تعيق التنفيذ الناجح؟

– من الذي يقرر، ومن يمكّن، ومن عنده القوة ليمنع القرارات؟

 

إن التوسع في هذه الممارسة إلى المستوى الاقليمي والعالمي يؤدي إلى وجود استراتيجيات تصمم لدعم مؤيديها، وتطوير سياسة وتعبئة اجتماعية، وتعبئة مصادر مالية، ومختلف الأنشطة الأخرى. ولذلك فإن اتخاذ القرارات ليس حدثاً بسيطاً منفرداً، ولكنه أقرب إلى سلسلة قرارات وخيارات.

وإحدى فوائد إجراء تدقيق في القرارات هي أنه ينعم النظر في الدوافع وراء أسباب اتخاذه أو عدم اتخاذه، واستخدام هذه المعلومات في إقناع متخذ القرار ليتوجه نحو محالفته مع هدف المبادرة. وفي النهاية فإن مبادرة الاستئصال الناجحة تنجم عن مجموع القرارات التي يتخذها وينفذها العاملون في نطاقها.

إن تفهّم القرارات التي يجب اتخاذها ما هي إلا الخطوة الأولى في مسح وتحديد موقع الحاجة إلى المساءلة في المنظومة. فعملية المسح تكشف مكان انتشار هياكل المساءلة وصعوبة التحكم بها، خاصة في منظومة يتمتع فيها عاملوها باستقلالهم.

ويمكن أن نتعلم الكثير من مبادرة استئصال الملاريا حيث الاستخدام القليل للشبكات السريرية المعالجة بمبيدات الحشرات من قبل الأفراد في اقليم استيطان الملاريا قد عرض للخطر جهود إزالة ذلك المرض (Ahorlu et al. 1997). فمن يجب أن يعتبر مسؤولاً عن هذا الانهيار في المنظومة؟

وفي نطاق نظرية الإدارة، تعرّف المساءلة Accountability على أنها الوسيلة التي يعتبر فيها الإداريون مسؤولين عن تنفيذ مجموعة واجبات أو مهام، وعن الالتزام بالقواعد والمعايير التي تنطبق على وظائفهم " (OECD 1998).

ففي جماعة سكانية ضخمة، لا يمكن لآليات المساءلة التقليدية أو ذات التسلسل الهرمي أن تستخدم لإدارة عمل العاملين المستقلين؛ فيجب جعل هياكل المساءلة لا مركزية بين عامليها والمنظمات بحيث يتعزز الأداء في جميع أرجاء المنظومة.

 

ويمكن لوسائل الأداء والإدارة المالية (مثل لوحات أجهزة القياس في السيارة ولوحات تسجيل النتائج في المباريات) أن تقيس وتراقب التقدم في نواحي المبادرة المختلفة وتساعد في تحديد الأمكنة التي يجب فيها تعزيز هياكل المساءلة بآليات الحوافز التقليدية.

والفشل في إحراز النتائج لا يستدعي بالضرورة المساءلة لأولئك المسؤولين عن الفشل في تبنيهم استراتيجيات تخفيف الألم أو تحسين الأداء. فإذا كان الاتفاق على التعاون قائماً على الموافقة أو الشروط الملزمة وغير القانونية، فإن إجراءات الإصلاح التقليدية لن تكون عندئذ فعالة. فاستيعاب التعقيدات في منظومة المشاركين فيما يتعلق بالمساءلة هو الذي يسبق إنشاء آليات تكون أكثر فعالية في الحفاظ على الحوافز وتعزيز التعاون.

أما المساءلة بدون القوة فيمكن أن تحرف المشاركة عن مهامها، ولقد بيّنت البحوث أن عدم تمتع المنظمات بالقوة يمكن أن يفسد ويعطل المهام (Kanter 1979). وحسب تعريفها بأنها القدرة على تعبئة المصادر لتنفيذ المهام، فإن القوة متجذرة في القدرة على التحكم في المصادر المالية، والمعلومات، والدعم الضرورية لأداء المهمة (Kanter 1979).

وأفضل استخدام للقوة هو عندما تؤمن الوصول إلى المصادر المالية والمعلومات؛ وهذا ما يمكّن الأفراد من أن يعملوا بسرعة، ويحققوا المزيد ويقدموا مصادر مالية ومعلومات أكثر للآخرين. وبذلك تكون القوة حافزاً أكثر فعالية لإدارة الأعمال بشكل فعال.

 

وبالمقابل فإن عدم وجود القوة يتجه إلى نشوء نزعة السيطرة أكثر من القيادة الصحيحة؛ وتخلق أساليب في الإدارة غير فعالة وتافهة ودكتاتورية ومتشددة في تنفيذ الأوامر (Kanter 1979). ففي مبادرة الاستئصال فإن التقدير الدقيق لمكان وجود المساءلة وبدون القوة اللازمة يمكن أن يساعد في كشف المخاطر وتحسين النتائج بتمكينه أولئك المشاركين بالقوة الضرورية والمصادر المالية لتنفيذ أعمالهم.

يمكن بيان النموذج عن المساءلة الدقيقة بدون وجود قوة كافية في العلاقة بين الدول المتبرعة والحكومات الوطنية (التي تتلقى الإعانة) ضمن برامج الصحة العالمية. فلقد كتب الكثير عن المقاربات غير الفعالة بالكامل في توزيع الإعانات، والتي تؤدي إلى تحول نحو المبادرات التي تقوم بها البلدان، والتنسيق بين المتبرعين، وإدارة الإعانات لتحقيق النتائج (OECD 2005).

وغالباً ما توضع البلدان السائرة نحو التطور في وضعية قبول الإعانات طبقاً للشروط والخطط والاستراتيجيات التي وضعتها الحكومات المانحة، والمتعاقدون و NGOs. وهذا بدوره يؤدي إلى نتائج دون المأمولة، لأن المرونة اللازمة لتطبيق هذه البرامج محلياً لم يجري دراستها بالشكل الصحيح. وبدورها، فإن الدول المانحة، تطبق التمويل المستند إلى الأداء فلا يبقى، أمام الحكومات الوطنية إلا الخيار القليل في تفحص صناديق الإعانة وإطاعة الظروف التي تزداد تضيقاً.

 

والمقاربة الأفضل ستكون في إدخال موظفي الصحة في البلدان السائرة في طريق التطور في تصميم وتخطيط أية مبادرة صحية جديدة منذ البداية. وبهذه الطريقة فإن مواضيعاً من قبيل الوقع على الأنظمة الصحية، والتضافر مع مبادرات صحية أخرى وخطط وسلسلة تموين ولوجستيات واعتبارات تنظيمية وقدرة على الإدارة يمكن تقديرها وتفعيلها في ترتيبات تمويل وتخطيط.

يمكن إجراء المشاورات بشكل رسمي أو غير رسمي عن طريق عمليات المراجعة، والمقابلات، أو عقد الاجتماعات الاقليمية. وعندما يسأل الناس عن مدخلاتهم، وعندما يعرفون أنهم قد استمع لهم وتنشأ عندهم الثقة المتبادلة، فإنهم يكونون أكثر التزاماً بالبرنامج.

وإذا ما تُرجمت النتائج إلى خطة فإن المشاورات يمكن أن تخوّل وتؤدي في النهاية إلى زيادة المساءلة والتحفيز. وبتخويل الآخرين السلطة فإن القيادي لا يقلل من سلطته أو سلطتها بل يمكنه في الحقيقة زيادتها (Kanter 1979).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى