طرق الكشف عن مرض الحصبة
1995 أمراض لها تاريخ
حسن فريد أبو غزالة
KFAS
وهكذا دارت ساقية المرض، يستقي منها الكبير والصغير دون أن يعرفوا للداء سبباً، حتى كان عام 1938 حين نجح طبيب أميركي في زرع فيروس الحصبة والتحقق من مواصفاته.
غير أن جهود من سبقوه تستحق أن ترصد أيضاً، ولكن لا مجال لحصرها لكن واحداً منهم لا يجوز لأحد أن يغفله، لأن بصماته قد تركها واضحة المعالم في كتب الطب، هو طبيب أطفال أميركي اسمه "هنري كوبليك Henry Koplic"إذ وصف عام 1896 علامة مميزة للحصبة، سميت باسمه "بقع كوبليك" تكشف الحصبة في مراحلها الأولى التوعكية عند بدء الإصابة والمعاناة، وتكون على هيئة بقع بيضاء تتحول إلى نقط حمراء على الغشاء المخاطي المبطن لجانب الفم.
وقد كان للنجاح الكبير للعالم "إندرز Enders" عام 1954 بتمرير فيروس الحصبة، ونموه على الخلايا في الأنابيب ودراسة التغيرات الباثولوجية في الخلايا، أكبر الأثر في إنتاج لقاح الحصبة، باستعمال السلالات الحية المروضة منذ عام 1962.
ولقد بقيت قناعة الناس عن ضرورة الحصبة المعتادة، ووداعة الحصبة الألمانية سائدة حتى كان عام 1941، حين لاحظ طبيب عيون استرالي من مدينة "سيدني" يدعي "جريج" Gregg تواتر معاناة أطفال مولودين حديثاً من إصابات عدسة عيونهم بابيضاض ناتج عن سحابة بيضاء تعتري العدسة سببت لهم العمى إضافة إلى إشكالات أخرى من التعوق كإصابة الأذن بالصمم، أو إصابة القلب بالعيوب الخلقية .
لقد عد الدكتور "جريج" من هؤلاء 78 طفلاً، كان فيهم 13 أصم. وعانى الباقون من العمر. ولما تقصى الأمر وجد أن 68 إما من أمهاتهم، أصيبت بالحصبة الألمانية التي شاعت في السنة السابقة وما قبلها خلال الحرب العالمية الثانية، لهذا ربط بين تشوهات الأطفال التي كانت فيما مضى تسجل على أنها تشوهات خلقية قدرية، وبين إصابة الأم الحامل بالحصبة الألمانية.
وقد تأكد حدس الدكتور "جريج" بعد أن ثبت أن إصابة الأم خلال المائة يوم الأولى من حملها يحمل معه احتمالات التشوه للأجنة، إذ قد ينتقل إليهم الفيروس ويستعمر خلايا أجسامهم ويصيبهم، باحتمال قدّروه بطفل واحد بين كل ألف ولادة. لهذا عجب إذا أعلنت الدوائر الصحية الأميركية عن ولادة عشرين ألف طفل مشوه عام 1964، بل وولادة عدد مماثل من الأطفال الموتى.
وكان آخر الأوبئة الكبيرة للحصبة الألمانية والذي سبب مضاعفات خطيرة سنة 1964 في الولايات المتحدة، حيث أصيب 20,000 جنين قبل الولادة بين الأمهات المصابات بالمرض.
إلا أنه بعد استعمال اللقاح في أمريكا بعد عام 1969 قلت الإصابات بالحصبة الألمانية كثيراً.
على أن إصابة الأم ليست قدراً محتملاً كما نتوهم لإصابة الطفل بالتشوه، بل هو احتمال يقدرونه بواحد بين كل 250 مولود لأمهات مريضات.
وتفادياً لهذا الاحتمال الخطير يطعمون البنات قبل الزواج وهن في سن تسبق الثانية عشرة بطعم الحصبة الألمانية، وهو مصل يعدونه من فيروسات حية مروضة، يعطي الأم مناعة ضد المرض، حتى لا يقع طفلها تحت خطر احتمال إصابتها وهي حامل.
وعليه فتطعيم البنت أو الأم قبل أن تحمل فيه وقاية لجنينها، ولي الغرض منه وقايتها هي كما يتوهم بعض الناس، على عكس ما هو عليه تطعيم الحصبة المعتادة بالطعم الحي المروض في نهاية العام الأول من عمر الطفل، فإن في ذلك وقاية له بعد أن استنفد جسمه الأجسام المضادة للحصبة التي كان قد اكتسبها من أمه اثناء الحمل والتي سبقت لها الإصابة به. فالحصبة من الأمراض التي تعطي الإصابة بها مناعة أبدية.
وهكذا فالطعم الحي الذي ابتدعوه للحصبة ما هو إلا مرض مصطنعن يصيبون به الطفل بفيروس قد روضوه، وأمنوا شره، فهو يمنح المناعة، ولا يُمْرض، وعليه تكون بعض المعاناة للطفل عقب تطعيمه بالتوعك والحمى الخفيفة، بما لا خطر منه فهو شبه مرض وما هو بمرض.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]