الحيوانات والطيور والحشرات

طريقة تربية الحيوانات بواسطة الرعي وأهم الأساليب المستخدمة بها

1999 موسوعة الكويت العلمية الجزء العاشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

أساليب الرعي طريقة رعي الحيوانات الحيوانات والطيور والحشرات البيولوجيا وعلوم الحياة

يقومُ الإنسانُ بتربيَةِ الْعَديدِ مِنَ الحيواناتِ النّافِعَةِ مثلِ بعضِ أنواعِ البَقَرِ والجاموسِ والأغنامِ والإبِلِ لمساعدتِهِ في حياتِهِ اليوميَّةِ، وللاسْتِفادَةِ من لُحومِها وألبانِها وجُلودِها.

وتُرَبَّى هذه الحيواناتُ بطريقَتَيْنِ: الرَّعْي، والتَّربيةِ داخِلَ الحظائِرِ. ويُعَدُّ الرَّعْيُ أَقَلَّ تَكْلِفَةً لأنَّهُ لا يَتَطَلَّبُ توافُرَ تجهيزاتٍ غاليةِ الثَّمَنِ أو أيدٍ عاملَةٍ كثيرة.

والمراعي التي تَرعاها الحيواناتُ نوعان: مراعٍ طبيعيَّة – أيْ أنّها ليست من صُنْعِ الإنسان – ومِنها مراعي السڤانا، ومراعي السُّهوبِ، والمراعي الصَّحْراوِيَّةُ، والمراعي الجبليَّةُ وهذهِ لا يتحكَّمُ الإنسانُ في مساحتِها أو إنْتاجِيَّتها، ولا يَقومُ بِأَيِّ عملياتِ خِدْمِةٍ لأَرْضِها مثلِ التَّسميدِ أو الريّ أو غيرهما من الخدمات.

 

أَمّا النوعُ الثاني فهو المراعي المَزْروعَةُ، وهذهِ يَقومُ الإِنسانُ بزراعَتِها ورِعايَتها لِلْحُصولِ على أَفْضَلِ عائدٍ من إِنْتاجِها النَّباِتِّي الذي تَتَغَذَّى بِهِ الحيوانات.

والمراعي المزروعةُ إمّا أَنْ تكونَ مُسْتَديمَةً (يدومُ فيها النَّباتُ في الأرضِ لأَكْثَرَ من خَمْسِ سَنواتٍ مثلِ البِرْسيمِ الحِجازيّ)، أو دَوْريَّةً (تمْكُثُ فيها النَّباتاتُ ما بينَ سنتينِ وأربعِ سنواتٍ ثمَّ تُعادُ زِراعَتُها)، أو حَوْلِيَّةً (تَظَلُّ فيها النَّباتاتُ بالأَرْضِ لمدةِ عامٍ واحدٍ فَقَطْ).

 

ويُعَدُّ البِرْسيمُ الأبيضُ والبِرْسيمُ الحِجازِيُّ والرايُ والشوفانُ والشَّعيرُ وعَلَفُ الفيلِ وبَنْجَر الْعَلَفِ مِنْ أَهَمِّ الأَعْشابِ الرَّعويَّة.

والرَّعْيُ الجيِّدُ هو الذي يُساعِدُ على بَقاءِ الغِطاءِ النَّباتيِّ في المَرْعَى مُتوازِناً. ولكيْ يَتَحَقَّقَ ذلكَ يَنْبَغي أنْ يَتَوافَرَ للمَرْعى عَدَدٌ مِنَ الشُّروطِ، منها: أنْ يَكونَ الْمَرْعى خالياً من الطُّفَيْلِيّاتِ، وأَنْ يَكونَ عددُ الحيواناتِ مُناسباً لمساحَةِ المَرْعَى.

 

فمثلاً وُجِدَ أَنَّ عَشْرةَ هِكْتاراتٍ مِنْ مَرْعىً جَيِّدٍ تَكْفي لِتَغْذِيَةِ ما بينَ 120 و 180 نَعْجَةً مع حِمْلانِها، أَو ما بَيْنَ 40 و 60 عِجْلَ تَسْمينٍ زِنَةُ كُلِّ واحدٍ 300 كيلوجرام، أو ما بينَ 27 و 40 بقرةً معَ عُجولِها. 

كذلك يَنْبَغي تَسميدُ الْمَرْعَى بِأَنْواعٍ مُناسِبَةٍ مِنَ الأَسْمِدَةِ في أوقاتٍ مُعَيَّنَةٍ، وَتَنْظيمُ حَرَكَةِ الحَيواناتِ في الَمْرْعَى وَدَوراتِ الرّعْي بحيثُ لا يَزيدُ الجزءُ المأكولُ مِنَ الْمَرْعَى عَنْ 70% من قُدْرَتِهِ الإنْتاجِيَّة.

أمّا إذا أُسيءَ اسْتِخْدامُ الْمَرْعَى بِزيادَةِ حُمولَةِ المَرْعَى مِنَ الحيواناتِ عَنِ الْحَدِّ الأَمْثَلِ، أَوْ بِبَقاءِ الْحيواناتِ في المَرْعَى فترةً أَطْوَلَ من اللازِمِ، فإنَّ ذلكَ يُوصَفُ بِأَنَّهُ «رَعْيٌ جائِر»، ويُؤَدِّي إلى انْخِفاضِ الإنتاجِيَّة الإِجْمالِيَّة للرَّعْيِ على المَدَى الطَّويلِ؛ لِتَأْثِيرهِ الضَّارِّ على مَخْزُونِ الجُذُورِ مِنَ العَناصِرِ الغِذائِيَّةِ وكميَّةِ الأَوْراقِ اللاَّزِمِةِ لاسْتِعادَةِ النُّموِّ.

 

وأهم أساليبِ الرَّعْيِ هِيَ:

1- الحِمَى: ويتمُّ ذلكَ في المراعي الطبيعيَّةِ حيثُ يكونُ لكلِ قبيلةٍ منطقةُ رَعْيٍ مَعْروفَةٌ لا يُنازِعُها فيها أحد.

ويُحَدِّدُ شَيْخً القبيلَةِ أُسْلوبَ الرَّعْي وأَماكِنَهُ بِهَدَفِ حِمايَةِ الْكِساءِ النَّباتِي لِلْمَرْعَى مَعَ الْحُصولِ على أَقصى إِنْتاجِيَّةٍ حيوانيَّة. ويُتَّبَعُ هذا الأُسلوبُ في مناطقِ البدْوِ بالجزيرَةِ العربيَّةِ وسورِيّا ومِصْر.

 

2- الرَّعْيُ المُسْتَمِرُّ: وهوَ أسلوبٌ تَقليديُّ وبسيط حيثُ يَبقى القطيعُ في نَفْسِ المَرْعَى خِلالَ مواسِمِ الرَّعْيَ لِسَنواتٍ طَويلَةٍ ويَتَحَرَّكُ فيهِ كَيْفَما شاءَ دُونَ إزْعاج.

ويتميّزُ هذا الأُسلوبُ بِقِلَّةِ الإِنْفاقِ الماليّ والجُهْدِ المَبْذُولِ لِعَدَمِ احتياجِهِ إلى عَمليّاتٍ تنظيميَّةٍ مُعَقَّدَة، كَما يَمتازُ بِزيادَةِ المأكولِ من المرْعَى لِطُولِ فَتْرَةِ بَقاءِ الحيواناتِ فيهِ مِمّا يَزيدُ مِنْ إِنْتاجِيَّتِها.

كَما أَنَّ عَدَمَ إِزْعاجِ الحيواناتِ في أثناءِ الرَّعْي يُطيلُ مِنْ وَقْتِ الرَّعي وتزدادُ بالتّالي كَمِّيَّةُ العُشْبِ المأكولِ.

 

ومِنْ مُمَيِّزاتِهِ أَيْضاً تَحقيقُ مُقاوَمَةٍ جَيِّدَةٍ للطُّفَيْليّاتِ نَتيجةً للتَّناوُلَ المُسْتَمِرِّ للأَطْوارِ المختلفةِ فيها.

ولكنْ يعيبُ هذا الأُسلوبَ إضْرارُهُ بِتُرْبَةِ المَرعى وبجُذور النَّباتاتِ لطولِ فَتْرَةِ وُجودِ الحيواناتِ بالمَرْعى وحُدوثِ الرِّعْي الجائر، وبخاصَّة الأعلافُ التي تُفَضِّلُها الحيوانات، كَما يَعيبُهُ أيضاً عَدَمُ تَناسُقِ رَعْي المَناطِقِ المختلفَةِ بالمَرْعى.

 

3- الرَّعْيُ بالحواجزِ المتنقِّلَة: حَيْثُ تُحْجَزُ الحيواناتُ في مساحةٍ محددةٍ مِنَ المَرْعى تحوطُها حواجزُ مَعْدِنيَّةٌ رخيصَةٌ وسَهْلَةُ الفَكَّ والتّركيبِ والنّقلِ، وبعدَ رعْي هذهِ  المساحةِ يُعادُ وَضْعُ الحواجِزِ مرَّةً أُخْرى حَوْلَ مِساحَةِ جَديدَةٍ وهكذا.

وتَتَحَّدَّدُ المساحَةُ داخِلَ الحَواجِزِ بعَدَدِ الحيواناتِ وكَميَّةِ الأَعْشابِ النَّامِيَة.

وهُوَ أُسْلوبٌ أَكْثَرُ اقتصادِيَّةً مِنَ الأَسْوارِ الثّابِتَة، كذلكَ يُسْتَهْلَكُ فيهِ العُشْبُ بطريقةٍ أَفْضَلَ بِسَبَبِ التَّحَكُّمِ في كَمِّيتِهِ ونَوْعِيَّتِه. وفي هذا النِّظام أَيضاً تَتَوَزَّعُ مُخَلَّفاتُ الحيواناتِ بطريقَةٍ مُنتَظِمَةٍ في أرضِ المَرْعى.

 

وهذا الأُسْلوبُ يُحقِّقُ مُقاوَمَةً أَفْضَلَ للطُّفَيليّاتِ عَنْ طريقِ التَّحَكُّمِ في سُرْعَةِ انْتِقالِ الحيواناتِ إلى مساحَةٍ جديدةٍ قَبْلَ وُصولِ اليَرَقاتِ إلى الطَّورِ المُعْدي.

كما يُمكِنُ في مَوْسِمِ الوفرةِ حَشُّ العُشبِ وَحِفْظُهُ في مساحَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنَ المرْعَى قَبْلَ إعادَةِ رَعْيه. ويَعيبُهُ احتياجُهُ إلى عمالةٍ أكثَرَ نسبياً لِفَكِّ وإعادةِ تركيب الحواجِزِ المُؤَقَّتَةَ.

 

4- الرَّعْيُ الدَّوْريُّ: ويتمُّ فيهِ عملُ تَقْسيماتٍ دائِمَةٍ ومُتساويةٍ لكلِّ مساحَةِ المّرْعى بِأسْوارٍ دائِمَةٍ. ويَتَراوَحُ عَدَدُ الأَقْسامِ مِن 2 إلى 20 قِسماً يتمُّ رَعْيُها واحداً تِلْوَ الآخرَ ثُمَّ تَعودُ الحيواناتُ لِرَعْيِ القسم الأوَّلِ وهكذا.

ويتحدّدُ عَدَدُ أقسام المَرْعى بناءً على عددِ الحيواناتِ، وكميَّةِ ونَوْعِيَّةِ العُشْبِ، ومُعدَّلِ استعادَتِهِ لِنُموُّهِ بعدَ الرَّعْي، ووجودِ أو عَدَمِ وجودِ عملياتِ حَشٍّ لأَعْشابِ بعضِ أقسامِ المَرْعى.

ومِنَ المُهِمِّ أن يتمَّ الرّعيُ على فتراتٍ تَتَمَشَى مَعَ مُعَدَّلِ نُمُوِّ النباتاتِ.

 

ويمكنُ إِدْخالُ بَعْضِ أقسامِ المَرْعى في فترةِ راحَةٍ؛ أيْ لا يُعادُ رَعْيُها إلاَّ بَعْدَ تسميدِها وحشِّها، وهذا يستلزمُ مرونةً مَنْ المرّبِّي عِنْدَ تَحْديدِ تَقْسيماتِهِ بحيثُ يتحقَّقُ ذلك.

ويمتازُ الرَّعيُ الدَّوْرِيُّ بالمزايا نفسها للرّعي بالحواجِزِ المُتَنَقِّلَةِ إِضافَةً إلى قِلَّةِ الْعَمالَةِ، كَما أَنَّ فَتْرَةَ الرّاحَةِ الدوْرِيَّةِ لبعضِ أقساِم المَرْعى ذاتُ فائدَةٍ لنموِّ النَّباتاتِ حيثُ يَشْتَدُّ المجموعُ الجذريُّ مِمَّا يُساعِدُ على النموِّ، ولكنْ يعيبُهُ ارْتِفاعُ تَكْلِفَةِ الأَسوارِ الثَّابِتَةِ وتجهيزاتِ المياهِ داخِلَ كُلِّ قسم.

 

5- الرَّعْيُ المُختلط: وهوَ رَعْيُ أنواعٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنَ الحَيواناتِ كالأَغْنامِ والماشِيَةِ مَثَلاً للمساحَةِ نَفْسِها مِنَ الْمَرْعى في الوقتِ نَفْسِهِ.

ولَوْ أنّهُ مِنَ الصَّعْبِ توفيرُ الاحتياجاتِ المختلفةِ لِكِلا النَّوْعَيْنِ من المَرْعى نفسه وفي الوقت نفسه، إلاَّ أَنَّ هذا الأُسلوبَ يُمْكِنُ تَطْبيقُهُ عِنْدَما تَكونُ أعدادُ الحيواناتِ قَليلَةً بالنِّسْبَةِ إلى إِنتاجِيَّةِ المَرْعى. وفي الصَّحاري المِصْرِيَّة تَرْعَى الأَغْنامُ والماعِزُ والإبِلُ معاً دون مُشكلات.

 

6- الرَّعْيُ التَّبادُلِيّ: وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الرَّعي المُختلطِ الدَّوْرِيِّ؛ حيثُ يَرْعَى قَطيعُ الماشِيَةِ مَثلاً أحدَ أقسامِ المَرْعَى لِعِدَّةِ أَيّامٍ ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلى القِسْمِ التالي بعدَ أَنْ يتركَ خَلْفَهُ ما يَكفي لِتَغْذِيَةِ الأغنامِ وهكذا.

وَيُطَبَّقُ هذا الأُسْلوبُ عِندمَا تَكونُ الاحتياجاتُ الغِذائِيَّةُ لأَحَدِ النَّوْعَيْنِ قليلة، أو عندما يُمكنُ تَغذيةُ هذا النوعِ على أغذيَةٍ ذاتِ قيمةٍ غذائيةٍ مُنْخَفِضَة، حيثُ يَرْعَى هذا النَّوْعُ خَلْفَ النَّوْعِ الآخر ذي الاحتياجاتِ الغِذائِيَّةِ الأَعْلى.

 

ويجبُ أن يَتَحَرّكَ النَّوْعانِ، أَحَدُهما خَلْفَ الآخَرَ، في أَقْسامِ المَرْعَى بالسُّرعةِ نَفسِها. وتَتَحَقَّقُ مُقاوَمَةُ الطُّفَيْليّاتِ بِشَكْلٍ أَفضلَ إذا ما كانَتْ شَديدَةَ التَّخَصُّصِ أَيْ تُصيبُ نَوْعاً مِنَ الحيواناتِ دونَ الاخَرَ، أوْ إذا كانَ تَبادلُ الرَّعْيِ يتمُّ على سَنوات.

بِمَعْنى أنْ تَرْعى الأغنامُ في سنةٍ اقساماً مُعَيِّنَةً مِنَ المَرْعَى في حيث تَرْعَى الماشِيَةُ بَقِيَّةَ الأَقسام، ثُمَّ يَحْدُثُ تَبادُلٌ للأَقْسامِ في السَّنَةِ التَّالِيَةِ وهكذا.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى