علم الفلك

عطارد

2013 أطلس الكون

مور ، السير باتريك مور

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

علم الفلك

عطارد

ليس من اليسير دراسة كوكب عطارد، وهو أقرب الكواكب الداخلية إلى الأرض. وهو صغير، إذ يبلغ قطره 4878 كيلومتر (3030 ميل) وحسب، ويبقى دائمًا في نفس منطقة الشمس في السماء ولا يقترب منا أبدا لمسافة تقل عن 80 مليون كيلومتر. وفي أقرب حالاته منا يكون جديدًا، فلا يُرى أبدًا خلال حالات العبور النادرة نسبيًا.

لكوكب عطارد سرعة إفلاتٍ منخفضة، ولقد ظل من الواضح أنه لا يمتلك غلافًا جويًا. تبلغ دورته المدارية 88 يوم. وفيما مضى كان يُفتَرض أن تلك هي أيضًا مدة دورته حول محوره، وفي هذه الحالة يحافظ عطارد على نفس الوجه قبالة الشمس دائمًا مثلما يفعل القمر بالنسبة للأرض. هكذا ستكون هناك منطقة نهار دائم، ومنطقة ليلٍ سرمدي، ومنطقة ’شفق‘ ضيقة بينهما، وفيها ترتفع الشمس وتنخفض فوق الأفق – لأن مدار عطارد منحرف بشكل واضح عن مركزه، وستكون هناك آثار بادية لتأثير الميسان. إلا أنه قد ثبت الخطأ في هذا، فمدة الدورة المحورية الحقيقية تبلغ 58.6 يوم، أو ثلثي يوم عطاردي، وهذا يؤدي إلى تقويم عجيب حقا. فبالنسبة لمراقب من على سطح الكوكب، سيبلغ الفاصل الزمني بين شروق الشمس وغروبها 88 يوم أرضي ومدة النهار (من الشروق إلى الشروق) 176 يوم.

إن المدار المنحرف عن المركز يجعل الأمر أشد غرابة، لأن مقدار الحرارة المتلقاة عند الحضيض الشمسي هي 2.5 ضعف ما هي عليه عند الأوج الشمسي. وعند ’قطب حار‘، حيث تكون الشمس متعامدة حال الأوج الشمسي، تزداد درجة الحرارة لتبلغ 427+ درجة مئوية، بينما يسجل مقياس الحرارة في الليل 183- درجة مئوية. وكما نرى فلكوكب عطارد مناخ غير ملائم تمامًا.

بالنسبة لمُراقب من على قطب حار، ستشرق الشمس حينما يكون عطارد في الأوج الشمسي وقرص الشمس في أصغر حالاته. ومع اقتراب الشمس من السمت، سيزداد حجمًا، إلا أنه لفترة من الزمن ستصبح السرعة المدارية الزاوّية أعظم من سرعة الدوران الزاوية الثابتة، وسيرى مُراقبنا الشمسَ تجتاز السمت وتقف ثم تعود أدراجها في السماء لثمانية أيام أرضية قبل أن تستأنف اتجاهها الأصلي في الحركة. هناك قطبان حاران، وأحدهما سيتلقى كامل وهج الإشعاع الشمسي حين يكون عطارد في حالة الحضيض الشمسي. وسيحظى مراقب يبعد °90 بتجربة مختلفة، فالشمس ستشرق في الحضيض الشمسي، بحيث أنها بعد أول مشاهدة لها ستغوص ثانية قبل أن تبدأ بالارتفاع نحو السمت. أما عند الغروب فستختفي ثم ترتفع مرة أخرى لوهلة قبل ابتعادها النهائي، إذ لن تشرق ثانية إلا بعد 88 يوم أرضي.

كوكب عطارد أشد كثافة من أي كوكب آخر عدا الأرض. ويبدو أنه هناك ثمة لب غني بالحديد يبلغ قطره حوالي 3600 كيلومتر (2250 ميل) (أكبر من القمر كله)، ويحتوي على 80 بالمئة من إجمالي كتلته. ومن حيث الوزن يتكون عطارد من 70 بالمئة حديد و30 بالمئة فقط منه مواد صخرية. ويفترض أن اللب عبارة عن مواد منصهرة ويعلوها غلاف اللُب والقشرة وهما يتكونان من السيليكات على امتداد 600 كيلومتر (370 ميل).

إن معظم معرفتنا التفصيلية بكوكب عطارد استقيناها من مسبارٍ واحد هو مارينر 10. تم إطلاقه في 3 نوفمبر 1973، وبعد تجاوزه القمر التقى كوكب الزهرة في 5 فبراير 1974. واستخدم المجال المغناطيسي للزهرة لإرسال مارينر ليلتقي بعطارد، وإجمالاً كانت هناك ثلاث حالات مرور فعالة: في 29 مارس و21 سبتمبر من عام 1974، وفي 16 مارس 1975، ثم أخذت المعدات تتوقف عن العمل. وآخر رسائله تم استلامها في 24 مارس 1975. أطلقت مهمة جديدة اسمها ميسنجر في عام 2004، لكنها لن تدخل في مدار حول عطارد حتى عام 2011، مع أنها ستقترب كثيرًا من الكوكب في يناير وأكتوبر من 2008 وسبتمبر من عام 2009.

وكما هو متوقع، لقد ثبت عدم وجود غلاف جوي تقريبًا. يبلغ الضغط الأرضي حوالي mb ( مليون) من الميليبار، والمكون الأساسي هو الهيليوم الذي ربما يتم اجتذابه من الرياح الشمسية. وقد تم التعرف على مجال مغناطيسي، قيمته السطحية حوالي واحد بالمئة من مجال كوكب الأرض، وهناك قطبين مغناطيسيين متعاكسي القطبية، وهما مائلان 11 درجة إلى محور الدوران. وقطبية المجال هي نفس التي عندنا، أي أن إبرة البوصلة ستشير نحو الشمال. وهذا المجال قوي بما يكفي ليعكس الرياح الشمسية بعيدًا عن سطح الكوكب.

يجب الإقرار بأن عطارد ليس غرضًا مغريًا للمشاهدة التلسكوبية ولن يظهر منه شيء إلا أوجهه المميزة. ووجود أي شكل من أشكال الحياة هناك يعتبر أمرًا مستبعدًا.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى