علاقة سعر الكربون بمشاركة الدول في الاتفاقية البيئية الدولية
2014 الاقتصاد وتحدي ظاهرة الاحتباس الحراري
تشارلزس . بيرسون
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الاتفاقية البيئية الدولية سعر الكربون علوم الأرض والجيولوجيا
كل النماذج تروي لنا نفس القصة. والمشاركة غير المكتملة والمتأخرة تكون مكلفة. والكلفة تظهر في أسعار الكربون.
قدر بوسيتي وآخرون (Bosetti et al. 2009) أنه بحلول عام 2050 سيواجه التحالف الذي يضم كل البلدان (التحالف الكبير) أسعار الكربون لما هو حوالي 300$ لطن ثاني أكسيد الكربون.
فإذا لم تشارك ثلاث مناطق صغيرة نسبياً شمال شرق آسيا (الهند غير مشمولة)، وأفريقيا، والدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وبضمنها روسيا، فإن سعر الكربون سيرتفع لأعلى من 2000$ للطن.
فقد قدر كل من سيدمان ولويس (Seidman and Lewis 2009) أن تكلفة خفض 15% من انبعاثات الكربون ستكون حوالي 108$ مليار دولار أميركي سنويا، إذا ما لم تضطلع بحل ذلك الدول الست والأربعون الأغنى في العالم.
ولكن ستكون الكلفة أقل من النصف – 55$ مليار دولار أميركي- إذا كان جهد التخفيف موزعاً بطريقة كفوءة ما بين كل الأقطار.
فنتائجهم تشير إلى أن الدول الغنية بإمكانها تعويض الدول الفقيرة بالكامل لتغطية نفقات التخفيف، ومازال باقياً نحو 55$ مليار دولار أميركي [تحتاج لحلٍ]. (هذا التحليل لم يعطِ اهتماماً للأضرار أو حوافز التكسب).
لقد أسس نوردهاس (Nordhaus 2008) دالة المشاركة لتوضيح تكاليف التغطية غير المكتملة. فإذا تم حساب 66% من انبعاثات الكربون في العام وتم تضمينها، فإن الكلفة ستكون 2.1 ضعف تكلفة المشاركة 100%.
ونسبة 66% هي أصلاً من تغطيات كيوتو التي شملت الولايات المتحدة الأميركية. ومع 33% من انبعاثات الكربون العالمية المدرجة، ستكون الكلفة حوالي 4.7 ضعف من المشاركة الكاملة. والـ 33% نطاق تغطية لعام 2010م من دون الولايات المتحدة الأميركية ومن ضمنها نمو الانبعاثات في الدول النامية .(39)
لا يمكن لأحد أن يتوقع بصورة جدية أن جميع البلدان ستفرض ضريبة كربون موحدة، أو أن توجد غطاءً عالمياً فورياً وتؤمن الحل الأقل كلفة.
ولذلك فمن المفيد التحقيق في تقدير كلفة العقوبات التي من المتوقع فرضها على بعض الدول، التي تتأخر في المشاركة في الاتفاقية البيئية الدولية أو إحجامها بالسير فوراً في ركب السعر الكربوني المشترك [بين الدول].
والجواب يعتمد على مدى المشاركة غير المكتملة، ومتى سيتم تدارك ذلك، وعلى صرامة هدف التركيز [الكربوني]. ومع ثبات العوامل الأخرى، فإنه كلما كانت صرامة هدف التركيز كبيرة، كان علينا بذل جهود تخفيف مبكراً، وكلما كان هناك تأخير في الحصول المشاركة الكاملة، كانت الكلفة عالية.
كما أن الهدف المحدود يقلل من مرونة انتشار تخفيض الانبعاثات عبر الزمن، وهو ما يجعل تكاليف المشاركة غير المكتملة أعلى بكثير.
يرى إدموندز وآخرون (Edmonds et al. 2007) أن الاسترخاء مع هدف تركيز ثاني أكسيد الكربون لـ 650 جزء بالمليون ناتج عن تأخير المشاركة من قبل الدول غير المنضوية تحت الملحق رقم 1، وحتى عام 2050م سيزيد سعر الكربون بحوالي 50% أكثر مما سيكون لو أنهم شاركوا فوراً.
ولكن الهدف المحدد بـ 4450 جزء من المليون لا يمكن تحقيقه ببساطة بأي ثمنٍ، إذا كان التأخير في المشاركة ممتداً حتى عام 2050م.
فحتى إن انضمت الدول غير المدرجة في الملحق رقم واحد عام 2035م، فإن أسعار الكربون ضمن التحالف سترتفع لأكثر من 2500$ للطن الواحد.
وبعبارة أخرى، إن التكاليف الاجتماعية العالمية بسبب التأخر في الانضمام حتى عام 2035م ستزداد بنسبة 23% عن التكاليف الأقل إذا كان الهدف هو 650 جزء من المليون، وستزيد لتصبح 265% إذا كان الهدف 450 جزء من المليون. ف
الجمع ما بين هدف محدود والتأخر في المشاركة لا يسبب ارتفاعاً في سعر الكربون فحسب، بل يزيد كثيراً من التكاليف الحقيقة، علاوة على أن التخفيف مقتصر على البلدان المرتفعة التكاليف التي تشهد ارتفاعاً بتكاليف التخفيف الحدية.
لقد أكدت دراسة إدموندز أيضاً على المصالح المتضاربة. التأخر في الانضمام يحول عبء تكلفة التخفيف بعيداً عن البلدان غير المدرجة في الملحق رقم 1.
وفي ظل المشاركة الفورية، فإنها ستتحمل 66% من عبء تحقيق هدف 450 جزء من المليون (بغياب أي تحويلات مالية)، ولكن 35% من هذا العبء ستتحمله فحسب، إذا تأخرت حتى عام 2035م.
ومازالت، بسبب عدم الكفاءة الكبيرة للتأخر في المشاركة، الحقيقة المدركة للتكلفة أنها ستكون عالية. والسؤال الكبير هو ما إذا كانت دول الملحق رقم 1 ستقاوم مع هدف 450 جزءً من المليون لتركيز ثاني أكسيد الكربون في غياب الالتزام الراسخ على المشاركة من قبل الدول النامية.
رغم أن تأخير المشاركة قد يبدو مغرياً للدول النامية، إلا أن هناك حدوداً لذلك. ويمكن إعطاء حجة قوية لذلك مفادُها أن البلدان التي تعتزم في نهاية المطاف الانضمام إلى الاتفاقية البيئية الدولية وقبولها وخفض تكاليف سعر الكربون، يجب ألا تتأخر في الانضمام طويلاً قبل اتخاذ أي إجراء استباقي ضدها.
وهناك ثلاثة حجج، الأولى إن أسهم رأس المال في القطاعات المستخدمة للطاقة الكثيفة تميل لأن تكون معمرة (على سبيل المثال: النقل والبُنى التحتية، والمرافق الكهربائية).
وبدلاً من التوقف عند ارتفاع رأس المال الكربون الكثيف، الذي لا بد من التخلص منه في نهاية المطاف أو قد يقابله تخفيضات كربون في قطاعات أخرى، سيكون ذا فاعلية أكبر من حيث الكلفة إذا ما تم السعي للحصول على تكنولوجيا لخفض الكربون الكثيف أيضاً قبل الالتزام فعلاً بسعر الكربون العالمي.
فالنقل بواسطة السكك الحديدة، والطاقة النووية، والطاقة المتجددة هي أمثلة جيدة على ذلك. (هذا الحافز، على أية حال، قد يكون غامضاً بالنسبة إلى الفارقة الخضراء وعلى أسعار الوقود الأحفوري على مدى الزمن القريب الكئيب، كما شرحناه في الفصل الخامس).
الحجة الثانية، تُتيح السياسات الاستباقية للبلدان النامية الاستفادة من الآثار غير المباشرة للبحوث الدولية الخاصة بتكنولوجيات الكربون المنخفض. فانتشار هذه التكنولوجيات قد يستغرق وقتاً.
والحجة الثالثة، التركيز على البحث والتطوير الذي أجرته الدول النامية الأكثر تقدماً قد يكون فعالاً من حيث الكلفة.
فقد ذكرت الصين أنها أنفقت 1.5% من إجمالي ناتجها المحلي، على البحث والتطوير إجمالاً، وحددت هدف إنفاقها على البحث والتطوير بحلول عام 2020م بواقع 2.5% من إجمالي ناتجها المحلي (Bosetti 2009)، وهو مستوى مماثلٌ للولايات المتحدة الأميركية واليابان.
كما أن بعض التركيز المباشر على تكنولوجيات الإمساك بالكربون وتخزينه والطاقة المتجددة قد تقلل من التكاليف اللاحقة لتنفيذ الضريبة الكربونية في البلدان النامية الأكثر تقدماً.
الإجراءات الاستباقية قد تُعقد إنشاء معيار لمسار العمل المعتاد. فالنظر، على سبيل المثال، في اقتراح تخصيصات تصاريح الانبعاثات للدول النامية على أساس أنها مساوية لحاجاتها للعمل كالمعتاد. والغرض من ذلك هو الحث في النهاية على المشاركة الكاملة في الاتفاقية البيئية الدولية.
فالتخصيص يؤكد لهم أنه سوف يتم المساس بآفاق تنميتها. كما يسمح لهم التخصيص أن يصبحوا باعة تصاريح في السوق العالمية، إذا كانت تستغل فرص تخفيفها للانبعاثات المنخفضة الكلفة.
ف
ي مقابل ذلك تلزم الدولة [النامية] في نهاية المطاف بمواءمة سعر الكربون مع الأسعار العالمية. والتعقيدات المتوقعة لاستخدام العمل كالمعتاد هي: السماح أو عدم السماح باتخاذ إجراء استباقي لأيٍ منهم في غضون الفترة الانتقالية؟ الفرق يمكن أن يكون كبير جداً.
لقد خلُص كل من بوسيتي وكارارو وتافوني (Bosetti, Carraro and Tavoni 2009) في تحليلهم، أن الاستخدام القصير النظر لافتراض عدم مشاركة دول منظمة التعاون الاقتصادي في عام 2020م سيؤدي إلى إنفاق 94 مليار دولار أميركي لشراء تصاريح الانبعاثات.
ويشكل 80% من هذا الإنفاق حصة أربعة دولٍ هي: البرازيل وروسيا والصين والهند.
وفي المقابل، لو تم اتخاذ الإجراءات الاستباقية لتوقعات العمل كالمعتاد، فإن دول منظمة التعاون الاقتصادي ستقلص مشترياتها إلى 23 مليار دولار أميركي، تمثل الدول الأربع ذاتها 72%. والسبب أنه في الحالة الأخيرة، ستخفض توقعات العمل كالمعتاد بواسطة الإجراءات الاستباقية للبائعين العاملين لمصالحهم الذاتية.
وإن الأعداد المطلقة ستكون في عام 2030م أعلى، نظراً إلى الكمية الأكبر من التصاريح التجارية وأسعار الكربون العالية، ولكن الفرق ما بين قيمة التصاريح التجارية في ظل الاثنين من توقعات العمل كالمعتاد هي ضيقة.
كما نلاحظ أن هناك قضية منفصلة عما إذا كانت توقعات العمل كالمعتاد بإمكانها أو لا يمكنها شمل آثار تسرب الكربون من بلدان الملحق رقم 1.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]