علم النفس والتصميم الهندسي
2014 أبجدية مهندس
هنري بيتروسكي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
علم النفس والتصميم الهندسي (Psychology And Engineering Design). يمكن لتصميم الهياكل أن يتأثر جداً بعوامل غير تقنية خصوصاً، بما في ذلك تلك المتعلقة بالجماليات وعلم النفس. وكان هذا أمراً صحيحاً وخصوصاً في حالة الجسور والسدود الكبيرة، حيث يكون لمظهر الهيكل تأثير واضح في الناس الذين يفترض أن يشعروا بالأمان عند مرورهم عليه أو العيش بقرب مجرى النهر بعده.
وقد صُمّم وبُنيَ العديد من السدود العريضة في كاليفورنيا في مطلع القرن العشرين. وكان هناك نهجان لتصميم الجسور في ذلك الوقت. دافع عن إحداها المهندس جون س. إيستوود (John S. Eastwood) (1857-1924) وهو النهج الذي يستخدم الأقواس الخرسانية المدعمة المتعددة، التي تكون رقيقة نسبياً، واقتصادية من حيث استخدامها للمواد، ولكن النتيجة هي أن مظهر الهيكل قد يبدو هشّاً أكثر من السد التقليدي القائم على سماكة قاعدة السد وجسمه أصلد لحجز الماء خلفه، والبقاء ثابتاً في مكانه. ومن بين أنصار التصاميم الأسمك في المظهر المهندس جون ر. فريمان (John R. Freeman) (1855-1932)، الذي برر تصميماً ثقيلاً لسد ترابي محشو بالصخر قرب أوكلاند في كاليفورنيا على النحو الآتي: "لقد ضممت المترسب لكمية كبيرة من الصخر في أعلى انحدار مجرى النهر للسد المقترح، لأثره النفسي في الناس، أكثر منه لأي سبب هندسي واضح". انظر: Donald C. Jackson, Building the Ultimate Dam: John S. Eastwood and the Control of Water in the West (Lawrence: University Press of Kansas, 1995), especially note 55 on p. 286 and chapter 6.
استعملت ملامح التصميم النفسية في العديد من الجسور، وخاصة عندما كان عليها أن تحلّ محل جسر سابق منهار. وهكذا كان عند إعادة تصميم جسري تاي وكيبيك اللذين انهارا عام 1879 و1907 على الترتيب، حيث كانت هياكلها الجديدة تبدو أكثر ثقلاً واستقراراً من سابقتها بائسة المصير. أما جسر فورث (Forth Bridge) الشهير الذي بُني عند مصب نهر فورث قرب أدينبرغ في اسكتلندا (Edinburgh, Scotland) واكتمل عام 1890 فقد انتُقد لقوته الزائدة عن المطلوب، ولكنه صمم بعد انهيار جسر تاي، الذي جرى على بعد 60 ميلاً شمالاً على خط السكة نفسه. وبالمثل فبعد جسر مضائق تاكوما (Tacoma Narrows) الذي انهار علم 1940، فقد صمم سطح الجسر البديل ليبدو أكثر رشاقة، وصممت وبنيت جسور معلقة عقب الانهيار البائس حيث استخدمت مجموعات روافد عميقة لمنح الانطباع النفسي بالقوة في مواجهة الريح.
وفي عام 1981 كان فندق حياة ريجنسي (Hyatt Regency) مسرحاً لأسوأ كارثة بنيوية حتى ذلك الوقت. فقد قتل 114 شخصاً وجرح أكثر من ذلك بكثير عندما انهار ممران مرتفعان بتصميم هندسة معمارية ملفتة النظر كانا يمتدان على طول الدهليز، المفتوح عادة، سابق إنذار. وكان هذان الممران قد بنيا لتسهيل حركة نزلاء الفندق والمستخدمين المعتادين في الاتجاهين عبر قاعة استقبال الفندق الأرضية، وهذا الغرض نفسه عجّل بإعادة تصميم وبناء ممر مرتفع جديد عقب الانهيار. ولكن هذا الممر الجديد كان مختلفاً بنيوياً عن اللذين انهارا. فلم يكن مدعوماً من قضبان فولاذية أنيقة فقط تتدلّى من السقف ولكن بأعمدة خرسانية ثقيلة ترتفع من أرض قاعة استقبال الفندق. لقد كانت الرسالة النفسية لمن يمر في الفندق واضحة: هذا الممر الجديد لن يسقط عليكم!
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]