عملية “استنساخ الحيوانات” والتجارب المنجزة في هذا المجال
2016 العصر الحديث حتى الحاضر
جون كلارك مع مايكل ألابي وإيمي جان بيير
KFAS
ولدت نعجة اسمها دوللي عام ١٩٩٦. وخلال ليلة وضحاها أصبحت دوللي أكثر الحيوانات المستنسخة شهرة.
لكنها لم تكن الأولى بكل تأكيد. بل، وعلى عكس المعتقد السائد، فإن لعلم استنساخ الحيوانات تاريخ طويل،.
في عام ١٨٩٢ عكف عالم الأجنة الألماني هانز دريتش (١٨٦٧-١٩٤١) على متابعة تطور بويضة ملقحة لقنفذ بحري تحت المجهر، ولاحظ أنها تنقسم إلى خليتين.
قام دريتش بخض الجنين المتناهي في الصغر بعد وضعه في إناء يحتوي ماءاً من البحر حتى انفصلت الخليتان. ومضت كل خلية في دربها لتتطور إلى يرقة طبيعية وتولد قنفذتان بحريتان. وبذلك أنتج دريتش توأمين متطابقين، أو ما نسميه اليوم الاستنساخ.
في عام ١٩٠٢ قام ألماني آخر، هانز سبيمان (١٨٦٩-١٩٤١) بالتقدم خطوة أخرى في هذا المجال بفصله جنيناً لضفدع السمندل يحتوي على خليتين. استمرت الخليتان في الانقسام والتكاثر لتنضجا على شكل حيوانين كاملين متطابقين.
وعلى مدى العقود الأربعة التالية استمر سبيمان في أبحاثه حول احتمالات إجراء عمليات الاستنساخ. تنبأ سبيمان باحتمال مجيء اليوم الذي تتحقق فيه عملية الاستنساخ بنقل نواة من خلية متخصصة لكائن كامل النمو إلى خلية بويضة انتزعت نواتها.
ويعني تحقيق ذلك أن الكائن الجديد سيكون مطابقاً للكائن الأصلي الذي انتزعت منه النواة، بدلاً من ان يكون خليطاً من أبوين مختلفين.
تحققت نبوءة سبيمان على مرحلتين. ففي المقام الأول نجح عالما الأجنة الأمريكيان روبرت برغــز (١٩١١- ٨٣) وتوماس جيه. كنغ (١٩٢١-٢٠٠٠) عام ١٩٥٢ في نقل خلية من جنين ضفدعة من نوع الفهد الشمالي وزرعها في بويضة غير ملقحة أنتزعت نواتها.
تمت عملية النمو بعد ذلك بشكلٍ اعتيادي. وفي المرحلة الثانية قام فريق من العلماء بقيادة الإنجليزي جون غوردون (١٩٣٣-) من جامعة أكسفورد عام ١٩٥٨ بإجراء عملية استنساخ مماثلة، لكن باستخدام نواة مستخلصة من خلية كاملة النمو.
وبذلك تتخذ عملية الاستنساخ باستخدام خلية متخصصة كاملة النمو أهمية كبيرة، إذ يبرهن ذلك على احتفاظ الخلية بذاكرتها الجنينية كاملة على الرغم من تخصصها واستخدامها لجزءٍ بسيطٍ من هذه الذاكرة.
بمعنى أخر فإن خلية مأخوذة من أمعاء ضفدع على سبيل المثال، «تمتلك» ذاكرة القيام بجميع وظائف الخلايا المتخصصة الأخرى ويمكنها بالتالي إنتاج ضفدع جديد.
صك عالم الأجنة الإسكتلندي جون بوردون ساندرسون هالدين (١٨٩٢-١٩٦٤) مصطلح «الاستنساخ» خلال واحدة من خطاباته العامة سنة ١٩٦٣. واشتق المصطلح من الكلمة اللاتينية «Twig» التي تعني الأملود أو الغُصين.
في عام ١٩٧٧ أثار عالم ألماني يعمل في جامعة جنيف زوبعة بادعائه نجاحه في استنساخ ثلاثة فئران. إدعى كارل إلمنسي استخدامه التقانات السابقة نفسها التي استخدمت في استنساخ الكائنات البرمائية.
لكن علماء آخرين شككوا كثيراً في مصداقية هذا الادعاء نظراً للصغر المتناهي لخلايا الحيوانات الثديية، كما لم يتمكن أحد من فهم الطريقة التي إدعى استخدامها لتحوير هذه الخلايا. لم ينجح إلمسي أبداً في إقناع منتقديه ومع مرور الزمن اعتبرت إدعاءاته كاذبة.
تمت أول عملية استنساخ للثدييات موثقة عام ١٩٨٤ على يد فريق من الباحثين في كيمبردج بقيادة عالم الفيسيولوجيا الدنماركي ستين ولادسن (١٩٤٤-).
قام ولادسن وفريقة باستنساخ نعجة من خلال نقل نواة خلية مأخوذة من خلية جنينية وزرعها في بويضة فارغة (منزوعه النواة).
وبعد عامين بدأ العالم الإسكتلندي أيان ولموت (١٩٤٤-) مشروعه في معهد روزلين في أدنبره بإسكتلندا، وهو مركز متخصص في التقانات الحيوية.
أصبح ولموت مشهوراً باعتباره الإنسان الذي أنتج «النعجة دوللي». قام ولموت بالتعاون مع فريقه في معهد روزلين بجمع خلايا بويضات غير ملقحة مستخلصة من مبايض عددٍ من النعاج وعينةٍ صغيرةٍ من أنسجة مأخوذة من ضرع نعجة مكتملة النمو.
أزيلت نوى خلايا البويضات ومن ثم صُهرت (زرعت) خلية من خلايا الضرع فيها. كانت العملية في غاية الدقة إذ يعتمد نجاح الصهر كلياً على توافق دورة الانقسام للخليتين. تطورت إحدى الخلايا المنصهرة إلى مرحلة جنينية أولية تعرف بالبلاستوسيت (المرحلة الكيسية)، ليتم زرعها في رحم نعجة مكتملة النمو.
ومن ثم وضعت النعجة حملها لتلد نعجة جديدة أصبحت عَلماً مشهورا. أنجبت دوللي ستة خراف بالطريقة الاعتيادية، لكنها كانت عليلة.
ففي عام ٢٠٠١ أصيبت دوللي بروماتزم رئوي وشخصت حالتها عام ٢٠٠٣ بأنها مصابة بمرض رئوي غير قابل للعلاج مما استدعى اراحتها. وكما هو متوقع انتشرت التخمينات بربط مرض دوللي بطريقة ولادتها غير المعهودة.
استنسخ عدد من الثدييات بعد نجاح استنساخ دوللي. ففي عام ١٩٩٧ أنتج ولموت وفريقه نعجة أخرى باسم بوللي من خلال تحوير خلايا جنينية لنعجة لتتضمن الخلايا جينات بشرية أيضا.
وتشمل قائمة الحيوانات المستنسخة الخنازير والبقر والفئران وكذلك جواد سباق تم استنساخة عام ٢٠٠٥.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]