عملية تطور المجرات في الكون ودراسة طيف الهيئة الضبابية
1996 نحن والكون
عبد الوهاب سليمان الشراد
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
المجرات الكون عملية تطور المجرات في الكون طيف الهيئة الضبابية علم الفلك
ويبدو أن تشبيه الوضع بهذه الطريقة مماثل لبعثة علمية قادها أولدوفاي جورج O.Georgeفي شمال تنزانيا للبحث عن بقايا هياكل عظيمة للإنسان الأول.
وكان بين الحين والآخر يعثر على أجزاء يعثر على أجزاء هيكلية ، وكانت تبرز نقاط اختلاف ونقاط تشابه بين كل ما يجده ، وبتسجيل البقايا وتجميع النتائج تبدأ العلاقات والروابط بينها بالظهور.
ومما لا شك فيه أن العديد من حلقات التواصل لربط النقص في التسلسل الترابطي بينها تظل مفقودة ، ورغم ذلك فإن الربط بين الأجزاء المبعثرة يبدأ بالتكامل من حالات عديدة مختلفة.
ولمعرفة السجل التاريخي للتطور يخوض علماء علم الانسان anthropology في الماضي السحيق ويبحثون في القبور وما تشمل عليه وما حولها ، وكلما زادوا في البحث في الأعماق وجدوا عظاما ويبدو أن هذا الوضع مشابه لأسلوب علماء الفلك في إدراك مراحل تطور الكون .
فهم أيضا يسبرون غور الكون بحثا عن روابط دالة ، فصورة ضوئية لمجرة تبعد 100 مليون سنة ضوئية تدلنا على الوضع الذي كانت تبدو عليه قبل 100 مليون سنة ، أي أننا نرجع بالزمن الى الوراء ، وكلما أمعنا ببصرنا لمسافات أبعد كلما رأينا أجراما سماوية أقدم .
وعلى ذلك تعد أشباه النجوم البعيدة التي يستغرق ضوؤها بلايين السنين حتى يبلغنا من أكثر الأجرام شيخوخة التي يمكن رصدها على الإطلاق.
وعادة يستدل علماء الانسان على أن المخلوقات التي يعثر على عظامها في طبقات القبور الحديثة العليا ، لا بد أنها تكون قد تواصلت من مخلوقات عثر على بقاياها في طبقات القبور الأقدم والأعمق
وبنفس الطريقة يبدو من البديهي افتراض أن المجرات النائية التي ترصد في السماء هي أسلاف المجرات القريبة .
ولعل أشباه النجوم قد تكون تطورت الى مجرات سيفرتية ، وحالما تشيخ المجرات السيفرتية فإنها ستتحول الى مجرات فعالة نشطة ، وبعدما تتقدم تلك المجرات النشطة بالعمر فإن طاقتها تضعف وتصبح مجرات اعتيادية.
ومن المفترض أن تمثل التدفقات الضعيفة التي تحدث أحيانا في المجرات الاعتيادية صورة من الماضي للتحولات الزمنية المثيرة في سلم تطور المجرات في الكون .
ويبدو من التسلسل الطبيعي أن نسبة مئوية ضئيلة من المجرات الحالية قد تطورت عن أشباه نجوم.
ولا يمكن أن نفترض أن المجرات القزمة Dwart galaxies المتواجدة بكثرة كانت سابقا أشباه نجوم وعلاوة ذلك فقد يكون التسلسل الفعلي للتطور المجري أعقد كثيراً من تحول أشباه النجوم البسيط إلى مجرات سيفرت إلى فعالة ، ثم إلى اعتيادية ولعل ذلك يماثل كثيراً ما يعمله علماء الانسان.
فقد عثروا على عظام للقردة والإنسان الأول اللذين لا تربطهما صلة بنا مباشرة ، ومثال ذلك ما يعرف ب أوسترالوبييتاكوس Australopithecus الذي كان يفترض لزمن بأنه الجد المباشر للإنسان الحالي ، ولكنه الأن معروف بكونه أحد مراحل عدة من التطور التي قد انقرضت .
ومع ذلك فإن المؤشرات تتجه لاعتبار أشباه النجوم هي أسلاف لبعض المجرات ، ولقد ساهم في تأكيد ذلك ما رصدناه لفعاليات ونشاطات في مراكز بعض المجرات المماثلة لما هو قائم في أشباه النجوم.
وقد تكون في المستقبل الاجابة الشافية على العلاقة الشاملة التي تربط أشباه النجوم مع المجرات ، وذلك إذا أمكننا العثور على مؤشرات تثبت وجود مجرات محيطه ببعض أشباه النجوم .
ومن الأجرام السماوية الأخرى المثيرة للجدل ما يعرف بأجرام العظاة ((الورل)) La- certae Bl ولقد أطلق عليها كذلك نسبة الى أول نموذج لها المعروف بذلك الاسم وهو LB الورل .
وكما كان الوضع مع الاكتشاف الأول لأشباه النجوم وما كان يفترض عنها فقد افترض الفلكيون أيضا أن الجرم LB الورل عبارة عن نجم قريب متغير غير اعتيادي ، ويقع في كوكبة الورل Lacerta الجنوبية ، ولكننا نعلم الآن أنه جرم بعيد جدا ويقبع بين المجرات
ولقد دلت الأرصاد لهذه الأجرام عند مناطق متباينة من الطيف أنها ويقبع بين المجرات ولقد دلت الأرصاد لهذه الأجرام عند مناطق متباينة من الطيف أنها تشكل مصادر شديدة للموجات الراديوية والإشعاعات تحت الحمراء .
وهي تماثل أشباه النجوم في هيئتها الشبيهة بالنجم ، وكذلك في إصدارها ترددات قصيرة المدة في لمعانها.
ومن جانب آخر نجد أنها تختلف عن أشباه النجوم تماما في عدم وجود خطوط طيفية في طيفها ، حيث يبدو طيفها سلسا عديم الصفات.
ولذا تظهر هناك صعوبة في قياس حيودها نحو الأحمر ، ولا يمكن إدراك سوى القليل جدا عن هذه الأجرام السماوية من حولنا .
ورغم التماثل الكبير في بعض خصائص أجرام LB الورل مع خصائص أشباه النجوم إلا أن لها خصائص أخرى تتشابه مع مجرات سيفرت.
ونجد مثالا على ذلك أن LB الورل الأساسي يبدو محاطا بهيئة ضبابية ، وتشابه هذه الخاصية مجرات سيفرت النائية التي تكون نجومها منعزلة عن بعضها والتي يصعب تميزها نتيجة اللمعان الشديد للنواة المجرية الساطعة .
ولقد نجح فريق من العلماء في مرصد ليك lick Observatory خلال عام صيف 1977 في الكشف عن طيف الهيئة الضبابية.
ولقد تمكن الفريق من ذلك عندما عمل على تبخير نقطة ضئيلة من معدن الألمنيوم على شريحة مجهر زجاجية ، وثبتوا الشريحة في بؤرة عاكس المرصد الذي يبلغ قطره نحو ثلاثة أمتار في موقع وسط بين عاكس المنظار وبين أجهزتهم الطيفية.
وكان الهدف من وضع تلك النقطة هو حجب بريق نواة المصدر، وعندها سيمكن رصد الضوء القادم من الضبابية المحيطة بالنواة.
فالضوء سيمر عبر المناطق المحيطة بالنقطة ويسقط على الأجهزة الطيفية . وبذلك يمكن تصوير وتحليل طيف الهيئة الضبابية بيسر .
ومن خلال دراسة الطيف السابق تبين التشابه الفريد بين طيف LB الورل وطيف المجرة الاهليجية القريبة M32 ونتيجة لهذا التشابه غير المعتاد بين الطيفين توصل الفريق العلمي الى أن النواة الساطعة المتغيرة لمصدر LB الورل تقع في مجرة أهليجية اعتيادية.
وبحساب الحيود نحو الأحمر للمجرة وجد أنه يبلغ 0,07 ، وذلك يدل على مسافة أكبر قليلا من بليون سنة ضوئية .
ومما سبق يمكننا القول إننا حينما نرصد مجرة تحيط بنواة جرم مماثلة لشبه نجم من نوع LB الورل فإن ذلك يعني مزيدا من التأكيد في تثبيت فكرة أن أشباه النجوم تمثل مراكز شديدة اللمعان لمجرات حديثة تعاني من مراحل نشطة شديدة وفعالة.
وكان بإمكاننا بلوغ وإثبات هذه النتيجة فيما لو رصدنا عناقيد مجرية قريبة ، وفحصنا بعضا من ألمع وأضخم الأعضاء بها.
وعلى ذلك يمكننا رصد عنقود العذراء Virgo مثلا لكونه أقرب عنقود غني بالمجرات في السماء لنا ، وتتواجد قرب مركزه المفلطح المجرة الإهليجية فوق العملاقة 87M أو العذراء A أو 4486NGC ويحيط بها مئات العناقيد الكرية الخافتة .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]