العلوم الإنسانية والإجتماعية

فكرة دراسة شبكة “الحصيرة”

2014 البذور والعلم والصراع

أبي ج . كينشي

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

العلوم الإنسانية والإجتماعية البيولوجيا وعلوم الحياة

فكرة الدراسة، التي يعُدّها النشطاء، بدأت تأخذ شكلها في اللقاء الأول للدفاع عن الذرة المنعقد في مدينة مكسيكو في كانون الثاني/ يناير عام 2002م.

واحدة من منظمي هذا اللقاء أخبرتني أنها وآخرين من ممثلي المنظمات غير الحكومية في مدينة مكسيكو قد اجتمعوا لدى سماعهم أنباء عن إعلان اكتشاف [الدراسة الميدانية لـ ] كويست وتشابيلا (2001)، فقرّروا تيسير النقاش الشعبي بصورة أكبر حول هذا الموضوع.

فسعى هؤلاء لمشاركة الشعب وخاصة المزارعين والسكان الأصليين لكونهم سيكونون من أكثر المتضررين من تغيّرات إنتاج الذرة.

وحضر أكثر من أربعمئة شخص لقاء الدفاع عن الذرة [الأول]، حينما قدمت نتائج الدراسة المنشورة حديثاً لكويست وتشابيلا، وتشاركوا في النتائج لمناقشتها، فضلاً عن مناقشة نتائج التحقيق الذي قام به المعهد الوطني للزراعة البيئية(5) (National Institute of Ecology: INE).

 

فالدراسة والتحقيق وجدتا أن الذرة المهندسة وراثياً في تنامٍ بالمكسيك، لكن الدراستين ركّزتا في المقام الأول على منطقة واحدة فقط هي أواكساكا، وأجزاء من المقاطعة المجاورة لها المعروفة بـ «بويبلا» (Puebla).

وفي هذا اللقاء [المنتدى] أعلن منتجو الذرة الصغار من مناطق متعددة في البلاد أنهم يودّون معرفة ما إذا كانت ذرتهم ملوثة أم لا. وخلال أشهر إلى سنوات بعد ذلك، استجاب ائتلاف المنظمات الذي يتخذ من مدينة مكسيكو مقراً له، لهذا المطلب بإجراء مزيدٍ من التحقيق من خلال السعي لتمويل اختبارات مستقلة في مجال التلوث.

نسّقت عدة منظمات تتخذ من مدينة مكسيكو مقرّاً لها المشاركة في إجراء بحوث مع مركز دراسات تغيير الريف المكسيكي ومركز التحليل والمعلومات الاجتماعية (CASIFOP) وأخْذ زمام المبادرة بصورة ملفتة للنظر، لما يتعلق بالتحليل العلمي (أودُّ أن أُشير إلى اتباع هذه المجموعة من الناس العاديين في المنظمات غير الحكومية على أنهم منسقي دراسة شبكة «الحصيرة»).

 

وكان من أهم تلك المنظمات التي نسّقت العمل مع  مركز دراسات تغيير الريف المكسيكي، مجموعة الدراسات البيئية (ETC)، ومجموعة المركز الوطني لمساعدة بعثات السكان الأصليين (CENAMI)، وكان القصد في هذه الجهود البحثية، من وجهة نظر المنظمات أعلاه، هو البدء بعملية في المجتمعات الريفية ليجعلها «مشاركة بالكامل» (Totally  Participatory) (Petate Study Coordinator, Mexico City, December 9, 2005).

[وضمن هذا السياق] وقع الاختيار على بعض المواقع لإجراء بحوث جزئية فيها على أساس مقدرتها على تشكيل تنظيم والتعبئة على مستوى القاعدة الشعبية (أي المجتمعات حيث يبدو للمنسّقين أن الدراسة ستقود المجتمعات للانخراط والمشاركة المستمرّة في الدفاع عن الذرة).

لأن القليل جداً من المحاصيل المحوّرة وراثياً كان معروفاً في المجتمعات الريفية، فقد نظّم المنسّقون ورشات عمل تحمل فكرة تهيّة المعنيين من الناس، لتعليم الآخرين مما تعلموه حين يعودون لمجتمعاتهم [بعد ورشة العمل هذه].

إلّا أن المنسقين قد وجدوا أنه ليس بالسهل عليهم أن يشرحوا لمواطني الأرياف ماهية الهندسة الوراثية. لكون مستويات التعليم في المناطق الريفية المكسيكية متدنية، وعليه فقد كان هناك القليلون جداً من الذين يفهمون علم الوراثة النباتية.

 

فقد وصفت إحدى منسقات دراسة «الحصيرة» (Petate) ذلك (Mexico City, December 9, 2005) بـ : في البداية حاولنا بكل الطرق شرح ماهية المحاصيل المحورة وراثياً (Transgenic)….. ولم يكن أحدٌ يفهم ما المعني بـ «المحور وراثياً». إنه ليس من السهل جداً [شرح ذلك] لأنه شيءٌ لا يمكن رؤيته، وهؤلاء المزارعون والسكان الأصليين خبرتهم [الحياتية] في الأشياء التي يمكن النظر إليها ويمكن لمسها… فقد تعلمنا طرقاً كثيرة لشرح ذلك حتى تمكّنا من إيجاد وسيلة تعطي الفكرة بصورة أقل أو أكثر [للفهم] بأن عينك غير قادرة على رؤية هذا الأمر، وهذا لا يعني بسبب عدم خبرتك، بل بالأحرى بسبب وضعهم شيئاً حقيقياً عميقاً في داخل قلب الذرة.

وكان هذا أمراً مساعداً… ولكن ما تعلمناه حقاً هو أنه ليس من الضرورة بشيء تفسير ذلك، وشرح كيف تتم عمليته. وكل شيء كان أقل شيء مطلوباً.

فقد كان كافياً أن نشرح أن النباتات المحوّرة وراثياً صُنعت لمصلحة أفراد قلة لامتلاك الذرة، في حين هي ملك للجميع أو لا يمتلكها أحد… كان يكفي مناقشة المخاطر التي قد تنتجها [الذرة المحوّرة وراثياً] والمنافع التي ستجنيها الشركات المطالبة [بإنتاجها].

فلم تكن هناك ضرورة لشرح ماهية «المستوى الجزيئي» (Molecular Level)، على الرغم من أنه يمكن أن نحدِّث أنفسنا عن ذلك إلى أن يبح صوتنا، إلا أننا وجدناه جهداً من نوع لا فائدة منه.

 

بمعنى من المعاني، ضمن شبكة النشطاء ذاتها، كان هناك انقسام بين الخبراء والأشخاص العاديين. كان هناك تمييز واضح بين هؤلاء الذين يفهمون طريقة عمل الجينات الهندسة الوراثية وبين أولئك الذين لا يفهمونها.

فالسابقون العاملون في الدفاع [عن الذرة] ومنظمات تنمية الريف المستدامة يمكن اعتبارهم «خبراء غير مهنيين» (Lay Experts) (Epstein 1996).

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى