فوائد عنصر “الليثيوم” في علاج مرض الانقباض الهوسي
2002 في رحاب الكيمياء
الدكتور نزار رباح الريس , الدكتورة فايزة محمد الخرافي
KFAS
عنصر الليثيوم علاج مرض الانقباض الهوسي الكيمياء
يعدّ الليثيوم واحداً من العناصر القلوية شأنه في ذلك شأن الصوديوم والبوتاسيوم ، وجميع أملاح هذه العناصر لها قابلية الذوبان في الماء .
وتلعب أيونات العناصر القلوية دوراً مهماً في فسيولوجيا الجسم . ويعتبر الصوديوم والبوتاسيوم مكونين أساسيين لكل من بلازما الدم والسائل البينخلوي على التوالي ، حيث يوجد بتركيز يقرب من عُشر مولار .
وتلعب هذ الإلكتروليتات (المواد القابلة للانحلال في الماء) دوراً مهماً كحامل للشحنة في أثناء اداء الخلية لوظائفها .
وبالإضافة إلى ذلك فإن هذين الايونين (الصوديوم والبوتاسيوم) هما الأيونان الرئيسيان اللذان يساعدان على تنظيم ضربات القلب .
وعلى النقيض من ذلك فإن الليثيوم لا يلعب اي دور معروف في فسيولوجيا الجسم . لكنه ومنذ اكتشافه عام 1817 ، ساد اعتقاد بقدرة املاحه على لعب أدوار غامضة في الشفاء من الأمراض ، وسرت ادعاءات بأنه كان احد مكونات وصفات ما كان يسمى "نافورة الشباب" .
وفي عام 1927، بدأ أحد الصناعيين الأمريكيين واسمه غريغ (C.L. Grigg) في تسويق أحد أنواع المشروبات المحتوية على الليثيوم والذي أطلق عليه اسم "سيفن – أب" ، لكن إدارة الغذاء والدواء الامريكية وحرصاً منها على سلامة الجمهور فرضت إزالة الليثيوم من محتويات السفن – أب وذلك في بداية الخمسينيات .
وقد وجد الباحثون في نفس هذه الفترة لأن لأيون الليثيوم أثراً علاجياً كبيراً لمرض عقلي يسمى مرض الانقباض الهوسي .
وهناك ما يزيد عن مليون أمريكي يعانون من هذا المرض الذهاني ، هذا الذي تتراوح أعراضه بين تغيرات مزاجية شديدة واكتئاب شديد إلى الشعور بالنشاط والحيوية .
ويعمل أيون الليثيوم على التخفيف من هذه التغييرات المزاجية ، مما يسمح للمريض بحياة طبيعية.
لقد اكتشف أثر الليثيوم في شفاء الأمراض النفسية في أواخر الاربعينيات من قبل طبيب نفساني أسترالي هو جون كاد (J.Cade) . وكان كاد يقوم باختبار أثر حمض البول ، وهو أحد مكونات البول ، في علاج مرض الانقباض الهوسي .
وبدأ في تجربة الحمض على حيوانات المختبر المصابة بالمرض وذلك بحقنها بواحد من أكثر أملاح حمض البول ذوبانية ، وهو بولات الليثيوم .
وقد وجد كان أن كثيراً من اعراض هذا المرض بدأت في الاختفاء . وأظهرت دراسات لاحقة أن حمض البول لا يلعب أي دور علاجي في هذه الحالة ، ولكن المسؤول عن ذلك كانت أيونات الليثيوم.
ولما كان تعاطي كميات كبيرة من الليثيوم يمكن أن تسبب الأضرار للإنسان بما في ذلك حدوث الوفاة ، فإن الجهات الصحية المسؤولة لم تسمح بتعاطي المرضى أملاح الليثيوم وذلك حتى عام 1970.
اما اليوم فإن ايونات الليثيوم يسمح بتناولها عن طريق الفم على شكل كربونات الليثيوم ، وقد وجد أن عقاقير الليثيوم لها أثر إيجابي في علاج ما يقرب من 70% من مرضى الانقباض الهوسي الذي يتعاطونها .
ولا زالت عقاقير الليثيوم إلى يومنا هذا أكثر العقاقير فائدة لهؤلاء المرضى واقدرها على علاج مرض الانقباض الهوسي .
لكن اللافت للنظر ، أن العلماء ، وعلى الرغم من الأبحاث الطويلة والمعمقة التي أجروها ، ما زالوا يجهلون الأثر الكيميائي الحيوي لليثيوم هذا الذي يمنح القدرة على شفاء هذا المرض .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]