التاريخ

قصة تدل على مدى وفاء العالم “فاراداي” لأستاذه “ديفي”

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الثاني

صبري الدمرداش

KFAS

فارادي ووفائه لاستاذه ديفي التاريخ المخطوطات والكتب النادرة

وفاء…

كان فاراداي أميناً وصريحاً، وكانت هاتان الصفتان سبب مجده وسبب كبوته في آن!

فعندما كان زملاؤه في المعهد الملكي يسألونه عن رأيه في أعمالهم كان يعطيهم تقديره الصريح بدلاً من أن ينطلق في مدحهم دون تحفظ.

وقد جلبت له هذه الصراحة والأمانة عدداً غير قليل من العداوات، وكان بينها بل من أهمها عداوة ذلك الرجل الذي كان له من قبل أستاذاً .

 

فقد كان من أهم مخترعات ديفي اختراعه "مصباح الأمان" وهو مصباح يستخدمه عمال المناجم لينبههم إلى زيادة نسبة الغازات القابلة للإنفجار في داخل المنجم . وكان ديفي يؤكِّد أنه لن ينفجر أبداً .

ولكن عندما فحص فاراداي مصباح الأمان هذا وجد أنه لن يكون مأمون الجانب دائماً، وأرسل تقريراً بهذا المعنى إلى اللجنة البرلمانية التي كانت تفحص الأخطار التي تتعرض لها المناجم البريطانية، وقد رأى فاراداي – بإرساله تقريره هذا – أن حياة عمال المناجم أهم بكثير من المحافظة على سمعة أستاذه .

ولكن ديفي كان له رأي آخر، ومن ثم استنكر هذه "الثرثرة" من جانب " خادمه " السابق استنكاراً، وبدأ يطعن في كفاءة هذا العالم وفي مقدرته على الحكم على أستاذه . واستمر بضع سنوات وهو يكن ضغينةً لفاراداي، ثم تمكن في آخر الأمر من الانتقام.

 

فقد اقترح عدد المعجبين بفاراداي ترشيحه لعضوية الجمعية الملكية، تلك الجمعية التي كان يرأسها ديفي، وعندما عرض أسم فاراداي للتصويت عليه أعطيت له جميع الأصوات إلا واحداً وهو صوت ديفي. وكان هذا الصوت الوحيد المعارض لا يكفي طبعاً للنيل من سمعة فاراداي في الوقت الذي لُوِّث فيه اسم ديفي نفسه كثيراً .

ما موقف فاراداي – والحال كذلك – من أستاذه؟ هل يعلن حقده عليه، إن فاراداي – مع ذلك- لم يحمل أي حقد ضد استاذه السابق وغريمه الحالي، وفي ذلك يقول "جان دوماس" في كتابه "تقريظ التاريخ" :  "إن فاراداي لم ينس أبداً ما هو مدينٌ به لديفي" .

وبعد بضع سنوات كان فاراداي يتحدث مع دوماس في مكتبة المعهد الملكي، وكان ديفي قد مات، وفجأة أشار فاراداي إلى صورة ديفي وقال في صوت تختلجه العاطفة : "هاك يا صديقي أحد الرجال العظام " .

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى