التاريخ

قصص مختلفة تدول حول الدجل والنصب على الناس

1995 أمراض لها تاريخ

حسن فريد أبو غزالة

KFAS

الدجل والنصب التاريخ المخطوطات والكتب النادرة

وفي هذا كتب أديب طلياني قديم اسمه "بيتجريللي" في القرون الوسطى قصة عن طبيب بأنه حاز درجات عليا من المعرفة والعلم بالطب، ولكنه كان قليل الحظ على ما يقولون، فعانى ما عانى من شظف العيش بسبب البطالة وعدم إقبال الناس عليه.

فما كان منه إلا أن سلك درب الدجل يمارسه مع الجهلاء من الناس، فوجد ممن حوله إقبالاً منقطع النظير، وقناعة كبرى، مما أثارت الحسد والحقد عليه من بقية الأطباء، فتآمروا عليه وأوقعوه في يد القضاء متهماً بالدجل.

لهذا لا غرابة أن نسمع عن أحدهم أنه يشفي عقم النساء بحليب ماعز خلقت مشوهة، ولا عجب أن تأتينا أخبار عن إحداهن ممن لا تملك من العلم شيئاً، فهي أمية جاهلة وتدعي أن بركة الله قد حلت عليها، وخصتها بسر شفاء كل الأمراض لتشفى منها الناس بحركات ساذجة مسرحية سواء ما استعصى منها وما خف، ولهذا كانوا يرحلون إلى هؤلاء الدجالين زرافات ووحدانا مؤكدين في سذاجة مفرطة أنهم وجدوا لقضاياهم المرضية حلاً فورياً، ولم تكن قضاياهم تلك سوى معاناة نفسية، فاشتروا الأمل الكاذب من بائع الأمل الدجال.

 

وعلى ذكر بائعي الأمل ظهر في القارة الأميركية منذ سنوات رجل يبيع البطاطين سماها بطانيات الروماتيزم، وما أقسى آلام الروماتيزم عندها تداهم ضحيتها، فاسألوا عنها مرضى الروماتيزم فإنهم يحكون عن آلامها عجباً، ويشكون مر الشكوى، لهذا لا غرابة أن تروج بضاعة الرجل، فيبيع منها في يومه الواحد ما ينيف على خمسمائة بطانية، حتى أصبح ثرياً بعد فقر في مدة وجيزة.

غير أن الناس قد كشفوا سر دجال البطاطين هذا، لأنها لم تكن سوى دفايات كهربائية مغلقة بالألحفة ونسيج الصوف، وهكذا قدموا هذا الرجل للمحاكمة بتهمة الدجل والنصب والاحتيال، لأنه كان يبيع البطانية الواحدة بأضعاف مضاعفة من ثمنها الحقيقي، وهو في الواقع لم يكن يبيع دفاية أو بطانية وإنما كان يبيع لهم الأمل… أمل الشفاء الكاذب من آلام الروماتيزم … يبيعه لكل مريض ساذج.

 

رجل آخر طلع على الناس بصرعة أميركية أخرى تؤكد لهم أنه صنع مناظير تعري الناس، فيراهم الناظر عرايا دون ثياب كما ولدتهم أمهاتهم.

كان هذا يوم أن طلع "رونتجن" الألماني باختراعه للأشعة السينية التي تعرفها الجميع باسم أشعة إكس، فقد إدعى صاحبنا الدجال أن مناظيره تطلق أشعة سينية تخترق الثياب التي على البدن.

ورد عليه دجال آخر في المقابل باختراع لأقمشة لا تخترقها أشعة إكس، وتحمي ملابسها من التعري.

وكان أن أقبل الرجال على المناظير السحرية فيما أقبلت النساء على الأقمشة الواقية، وهكذا تدور نماذج الدجل التي يتشارك في مسؤوليتها البائع والشاري أو الدجال والساذج.

 

على أية حال فالدجال على الطريقة الأميركية مكلف، لا يقدر عليه إلا الأمريكيون الأغنياء، ولكن الفقراء من سكان جنوب شرق آسيا يكتفون بالتمائم السحرية لعلاج آلام الروماتيزم.

إنها تمائم يعدها لهم دجال يدعي الطب، وإذا ما فتحت تميمة من هذه التمائم فلن تجد فيها سوى بعض روث الحيوانات، لأنها في تقديرهم الساذج تشفى من آلام الروماتيزم، وهم بذلك يتشبهون بالإنجليز الذين يوصيهم الدجال بحمل حبة بطاطس خضراء في جيوبهم تقيهم عذاب الروماتيزم … وللناس فيما يعشقون مذاهب .. وهكذا على ما يقال تدور ساقية الدجال إلى ما لا نهاية لتروي الأمل الكاذب.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى