قناعات مختلفة حول تعريف وأعراض وطريقة العلاج من داء الكلب
1995 أمراض لها تاريخ
حسن فريد أبو غزالة
KFAS
داء الكلب التاريخ المخطوطات والكتب النادرة
هذه الأمراض التي تنتنشر في فترة وضوح هذا النجم، أي عند دخول برج الأسد ليست قاصرة على البشر وحدهم بل هي تعم وتشيع بين الحيوانات أيضاً.
إذ كان الكلاب على حد زعمهم تصاب بالجنون في ذلك الوقت من العام، والجنون في لغتهم الرومانية هو "رابيز Rabies" ونحن نسميه اليوم بمرض السعار أو داء الكلب، وهو يصيب بِعَدْوَاه بني الإنسان أيضاً إلى جانب الحيوانات آكلة اللحوم كافة.
وقد جاء ذكر المرض منذ أكثر من 400 عام (من حوالي 2300 سنة قبل الميلاد) عندما صدرت Code Of Hammourabi شرائع "حامورابي" أشار للمرض (إذا لم يقم صاحب أي كلب مجنون بحبس الكلب في منزله وإذا عض الكلب إنساناً، ومات بعد العض يدفع صاحب الكلب غرامة مقدارها 40 شيكل من الفضة، وفي حالة عضه عبداً يدفع 15 شيكل فضة فقط).
وقد ذكر Democritus "ديموقريطس" في القرن الخامس قبل الميلاد مرض الكلب بالجنون، وقد ذكر مرة أخرى بوساطة أحد الفلاسفة في القرن الثالث قبل الميلاد، بل ذُكر أنه يصيب الذئاب والثعالب أيضاً.
وقد كان لليونانيين القدامى اثنان من الآلهة مخصصان للكلاب هما:
Arttemis & Aristaeus "أرتيميس" و "أريستوس"، وفي القرن الأول الميلادي أشار Celsus "سيلسس" إلى أن العقر من أي حيوان فيه خطورة على الإنسان، وأن اللعاب به هذا السم.
وقال إن العضة يمكن شفاؤها مباشرة بكي الجرح، وهذه تثبت فائدة المعالجة السريعة للجرح الناتج من العقر بجانب إعطائه اللقاح الخاص في العصر الحديث.
وفي بعض البلاد كانوا يعالجون المصاب بالكلب بعد ظهور الأعراض التي منها الخوف من الماء بأن يقذفونه في بركة ماء عميقة بالرغم من أنه لا يعرف السباحة ليغرق لفترة ويشرب بالتالي كمية من المياه، ومن بعدها يخرجونه وهم يعتقدون إنه شفى من الخوف من الماء وبالتالي من المرض.
غير أن العرب كانوا يعتقدون في السعار أو داء الكلب هذا أنه ينجم عن فساد الدم، وقد ذهبوا في علاجه إلى أن دم الملوك هو الدم الذي يشفى من هذا المرض، ولهذا كانوا يتحايلون على علاجه بإعطاء المصاب بضع قطرات من دم ملك أو إنسان شريف، فهو عندهم دم كريم لا يصيبه الفساد كباقي دماء البشر، بل إن له القدرة على أن يصلح الدم الفاسد للمريض.
وفي هذا يقول "التبريزي" في كتابه "شرح الحماسة" "يقولون إنه لا دواء للكلب أنجح من شرب دم ملك، وقيل في دوائه أن تشرط الأصبع الوسطى من اليد اليسرى لرجل شريف، ويؤخذ من دمه قطرة توضع على تمرة فيطعم المعضوض منها فيبرأ".
فيما ذهب "ابن قتيبة" في كتابه "عيون الأنباء" مذهباً آخر غير ما ذهب إليه "التبريزي" فقال: "بلغني عن "الخليل بن أحمد" أنه قال: دواء عضة الكلب هو الزراريح والعدس والشراب العتيف".
ونحن إذا كنا نعرف العدس والشراب العتيق، فلسنا على دراية بالذي يعنيه "ابن قتيبة" من الزراريح، وإن كان في هذا وذاك لم يصبه التوفيق كما كان أمر صاحبه التبريزي.
ومن جملة ما ذهب إليه العرب قناعتهم لعلاج السعار انهم كانوا يعتقدون ببئر ناحية مدينة "حلب" تسمى "جب الكلب"، يؤكدون أن ماء هذه البئر تشفي من داء السعار إذا ما شرب منها مكلوب، بشرط أن لا يكون قد مضى على عقره أكثر من أربعين يوماً.
هذه القناعات تركت بصماتها على أدب العرب وشعرهم، فهذا البحتري مثلاً يقول في حال أحد الأمراء حين كان مريضاً فوصفوا له فصد الدم علاجاً:
لئن فصدت ابتغاء البرء من سقم
فقد ارقت دماء يشفى من الكلب
وهذا عبدالله بن زياد يمتدح عبدالله بن الزبير صاحب الكوفة بقصيدة منها:
من خير بيت علمناه وأكرمه
كانت دمائهم شف من الكلب
هذا ما كان من أمر العرب وقناعتهم وطبهم لمرض قَتّال لا برء منه ولا شفاء.
وتوجد لوحة محفوظة في متحف "واشنطن" للفنون بأمريكا ذكر فيها الطبيب العربي "عبدالله بن الفضل" سنة 1224 ميلادية أعراض مرض الكلب عند الإنسان المصاب ينبح مثل الكلاب، ويعض كل من اقترب منه، وبالتالي يصيب الآخرين بالمرض، وهي قناعة أهل العصور الوسطى التي تبدلت في المفاهيم الطبية الحديثة.
أما ما كان من أمر أهل أوروبا في عصورهم الوسطى فقد عمدوا إلى الحمامات البحرية، وإلى مسحوق عيون الأسماك طعاماً للمريض، كما استخدموا الكي في موضع العقر ثم يقومون بعدها بتثليم أنياب الكلب المريض حتى يأمنوا شره وعقره.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]