كيفية استجابة الكائنات الحية للعديد من المؤثرات والاحساس بها
2000 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثالث
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الكائنات الحية البيولوجيا وعلوم الحياة
الانفعالية هي مقدرة الكائنات الحية على الإحساس بالمؤثرات والاستجابة لها. والجمادات قد تستجيب أيضا للمؤثرات.
ولكن هناك فرقا كبيرا بين الاستجابتين. تخيل أنك رأيت قطا يرقد بجوار إناء خزفي على حافة الشـرفة. وحلا لك أن تجري تجربة، فدفعت القط والإناء كليهما فجأة، وبكل قوتك.
لا شك أن الإناء سوف يسقط ويتحطم، فهو يستجيب للدفعة بإطاعة قانون الجاذبية هاويا إلى الأرض، ولكن هذه الاستجابة كان فيها هلاكه.
أما القط فإنه قد لا يسقط، بل ينشب مخالبه في حافة الشـرفة، ثم يندفع نحوك مدافعا أو مهاجما.
وحتى إن سقط، عدل جسمه ووضعه حتى يسقط واقفا على أرجله، دون أن يتحطم رأسه. وهكذا تكون استجابة الكائنات الحية على النحو الذي ينفعها ويحفظ عليها حياتها.
والنباتات والكائنات الدقيقة تستجيب للمؤثرات التي حولها على نحو ثابت لا يتغير.
واستجابة النبات تظهر في ميله (أو "تأوده") نحو المؤثر الملائم أو بعيدا عن المؤثر غير الملائم، دون أن ينتقل النبات عن موضعه.
وكذلك تستجيب الكائنات الدقيقة، كالأميبا والباراميسيوم واليوجلينا للمؤثرات، ولكن استجاباتها تظهر في صورة حركة وانتقال نحو المؤثر أو بعيدا عنه.
وهذا ما يعرف بالأنتحاء. انفعالية النباتات عموما بطيئة وغير واضحة للعين، كقفل ثغور الأوراق عند الجفاف.
وفي أمثلة قليلة تكون استجابة النبات واضحة، كانكماش أوراق نبات الميموزا ("السيدة الخجول") عند لمسها، أو انطباق النباتات آكلة الحشرات على فرائسها.
والانفعالية غير واضحة في الاسفنج، ولكنها تظهر في صور من الحركة والانتقال في الحيوانات الدنيا الأخرى، كأنواع الدود المختلفة.
ومع ذلك فهي تظهر هنا أيضا في صورة استجابات ثابت تجاه المؤثرات نفسها. أما في الحيوانات العليا وفي الإنسان، فقد تتخذ الاستجابات صورا متعددة تجاه المؤثر الواحد.
وأبسط هذه الاستجابات هو رد الفعل السـريع المباشر. الذي لا يكون للإرادة أو التفكير دور فيه. فلو أن إصبعك لمست لهبا خطأ لانسحبت ذراعك على الفور.
وتفسير هذا أن مؤثر الحرارة الشديدة قد أحست به مستقبلات الألم في جلد الإصبع، وانتقل التيار العصبي عبر عصب في الذراع إلى النخاع الشوكي في الظهر، ثم "انعكس" رد الفعل من النخاع الشوكي إلى عضلات الذراع كي تنقبض وتسحب ذراعك بعيدا. ولهذا تسمى هذه الاستجابة البسيطة "فعلا منعكسا"، وفيه كما رأيت: إحساس، وتوصيل، واستجابة.
وبعض الأفعال تنعكس من الدماغ مباشرة، لأن الإحساس بالمؤثر يحدث فيه مباشرة، كطرفة العين أو غمضها إذا هددها جسم غريب.
ومن أطرف الأمثلة على الأفعال المنعكسة الانفجار في الضحك بمجرد دغدغة جزء من الجسم، كالبطن أو باطن القدم عند كثير من الأشخاص.
ولكن الـذي يحدث عادة مع الفعل المنعكس للمس اللهب، هو أن يتجه بصـرك إلى مصدر اللهب، فتنتقل صورته من العين إلى دماغك. وفي الدماغ يتم "تقدير" للموقف، أي فهم له وتفكير لما ينبغي عمله نحوه.
فقد ترى أنها شمعة يحسن تركها لتضـيء الحجرة المظلمة، أو تجد أنها بداية لهب ينبغي إطفاؤه سريعا، بل إنك قد تطفئه بيدك غير مبال بالألم. أو أنك قد ترى نارا تهدد باندلاع حريق، فترفع صوتك مستغيثا بمن حولك، ثم تسـرع في طلب رجال الإطفاء.
وتفسير هذا أن "التوصيل" قد اتسع، فقد انتقلت – في الوقت الذي انسحبت فيه ذراعك – رسالة الألم من النخاع إلى الدماغ، الذي أخذ يفحص الموقف، وينسق الأعمال التي يجب القيام بها، ويعالج الموقف حسب "تقديره" له.
والمؤثرات التي ذكرناها هي كلها مؤثرات خارجية تحدث في البيئة المحيطة بالكائن الحي، وهي تنتقل إلى الحيوان خلال حواس السمع، والإبصار، والشم، والتذوق، واللمس.
ولكن الحيوان يحس أيضا بأحاسيس الألم المنبعثة من عضو مريض داخل الجسم، أو تقلصات المعدة التي تشعره بالجوع، أو جفاف الحلق الذي يشعره بالعطش، أو بامتلاء المستقيم أو المثانة الذي يدعوه إلى إفراغها، وهكذا.
وما نعبر عنه أحيانا بلفظ "الانفعال"، بمعنى التهيج والغضب، ليس إلا صورة واحدة من استجابات الانفعالية، فهي صور مختلفة كما رأينا.
ومجموع استجابات الكائن لأحاسيسه الخارجية والداخلية هي التي تكون سلوكه بما فيه من أفعال منعكسة بسيطة واستجابات معقدة متنوعة.
والانفعالية، في جميع أحوالها، من أهم خصائص الكائن الحي التي تميزه عن الميت والجماد.
فهي التي تبعده عن كل ما يؤذيه، وتمكنه من الحصول على غذائه، وحماية صغاره، وبقائه في أحسن الظروف الملائمة لحياته.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]