كيفية اكتشاف “الجَرَثومة” عبر الزمن بواسطة العلماء
1996 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء السابع
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
طريقة اكتشاف الجرثومة الجرثومة الطب
في اللغة، جُرثومة الشيء تعني أصله. وعلى ذلك فجرثومة المرض المُعدي، أي الذي ينتقل من شخص مريض إلى غيره، هي ما يسبب هذا المرض من كائنات.
ولكي نعرف ما هي الجراثيم ، لا بد أن نعرف كيف توصَّل الأطباء إلى التعرف على الأمراض المعدية ، وكيف تعرفوا بعد ذلك مسبباتِها، أي الجراثيم.
كانت الأمراض المعدية، هي أكثر ما يهدد حياة الإنسان على امتداد التاريخ.
فمنذ قديم الزمان، وحتى أواخرِ القرن التاسعَ عشرَ، كان بعض الأمراض ينتَشر بسرعة بين الناس.
وهذه الأمراض السريعة الانتشار، تُعرف بالأوبئة. وكانت هذه الأوبئة تجتاح البلاد والمدنَ المختلفة، وتقضي على سكانها . ومن أشد الأوبئة فتكا بحياة الإنسان هي الجدري، والطاعون، والكوليرا .
فوباء الجدري كان يقتل عددا يصل إلى تسعة أشخاص من بين كل عشْرة من السكان في بعض البلاد، والطاعون الذي اجتاح قارة أوروبا في القرون الوسطى، أبَاد رُبع سكان هذه القارة. وكذلك أمراض الأطفال، كانت تَقتل طفلا من كل طفلين خلال السنوات الأولى من العمر.
وحتى حوالي القرن التاسع عشر، ظل الناس يعتقدون في وجود قوى خفية تسبب الأمراض، وأن هذه القوى الخفيةَ قد تكون من الأرض، أو من النجوم، أو من بعض القوى الخارقة فيما وراء الطبيعة.
ولعل مرض «الإنفلونزا»، يحمل في اسمه ذلك الفِكر الذي سَيْطر على الناس في العصور السالفة، فمعنى كلمة «إنفلونزا» باللاتينية والإيطالية هو «تأثير النجوم»، بمعنى أن المرض يَنشأ عن تأثير النجوم في الناس. وما زلنا نستخدم هذه التسميةَ إلى الآن. نظرا لشُهرتها، لا لصحة مفهومها.
أما ارتباط انتشار الأمراض المعدية بالماء أو الهواء أو الملامسة، فكان أمرا غائبا عن تفكير القدامى، ورغم ذلك، فإن أرسطو ذلك الفيلسوفُ الإغريقي المشهور.
قد نصح الإسكندر الأكبر، أن يأمر جنوده بغَلْي ماء الشرب، وسرعة دفن الموتى، حتى لا تنتشر بينهم الأمراض.
كذلك فإن الطبيب الإيطالي فَرَكاستور سنة 1547، ذكر أن هناك بُذورا خَفية تسبب الأمراض، وأنها تنتقل من شخص إلى آخر بالملامسة، أو عن طريق الثياب والمناشف والمناديل، أو من بُعْد، عن طريق الماء أو الهواء. ولكن أحدا من أطباء ذلك الوقت لم يَهتم بهذا «الهُراء».
وفي عام 1674 ميلادية، اكتشف أنتوني فان ليفنهوك، عَالَمَ الأحياء الدقيقة، ولكن لم تتضح أهمية هذه الكائنات الدقيقة كمُسَببات للأمراض، إلا في القرن التاسع عشر، نتيجة لأبحاث لويس باستير، وروبرت كوخ، وجوزيف ليستر والتي غَيَّرت مفهوم الأمراض وكيفية حدوثها وانتشارها .
اكتشف كوخ عام 1877 البكتيريا المسببة لمرض الجمرة الخبيثة. وفي سنة 1882 اكتشف البكتيريا المسببة للدَّرَن (السل).
وفي سنة 1884 اكتشف البكتيريا المسببةَ للكوليرا، ولعل الطريقة التي اتبعها ليستر سنة 1878، لزراعة البَكتيريا بصورة نقية، قد مهدت الطريق للكثير من الكشوف للتعرف على البكتيريا المسببة للأمراض. أما باستير فهو أول من اكتشف أن الحيوانات الأولية تسبب أمراضا.
وكذلك تمكن من التوصل إلى لِقاح لداء الكلب (السُّعار) وذلك في الفترة من 1875 إلى 1885.
ومن الاكتشافات الهامة لمسببات الأمراض المعدية أيضا، التعرف سنة 1830، على الفُطر كمسبب لبعض الأمراض، وكذلك اكتشاف عالَم الفيروسات عام 1892، ثم التعرف عليها كمسببات للأمراض ابتداء من عام 1900.
وكثير من الكائنات الدقيقة إذا تعرض لظروف خارجية لا يتحملها، يُفرز حضول نفسه حَوصلة تَحْميه.
ويظل الكائن الدقيق ساكنا داخل حوصلته حتى ينتقل إلى وسط مناسب وظروف ملائمة لحياته، فيخرُج من حَوصلته الحافطةِ له. ولهذا فالكائنات الحية يمكنها أن تنتقل من المريض إلى السليم داخل حوصلتها حتى لا تموت أثناء الانتقال.
ولذلك اعتاد الناس على تسمية تلك الحَوْصلات «جراثيم».ولكن الصواب هو أن «الجراثيم» هي كل الكائنات الدقيقة المسببة للأمراض.
أما الأطوار المتحوصلة فتسمى «أبْواغا»، كذلك اعتاد الناس في بعض البلاد العربية أن يسموا البكتيريا "جراثيم". ولكن الحقيقة – كما ذكرنا – أن الجراثيم تشمل البكتيريا وغيرها من الكائنا الدقيقة.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]