كيفية التنبؤ بالزلازل قبل حدوثها
1998 الموسوعة الجيولوجية الجزء الثالث
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
كيفية التنبؤ بالزلازل قبل حدوثها الزلزال علوم الأرض والجيولوجيا
من المعروف أن الزلازل العنيفة تحصل في العادة على الحدود بين الصفائح الصخرية (انظر الشكل 2) نتيجة لحركات مفاجئة ، تحصل على أجزاء من هذه الحدود عندما تزيد الإجهادات المخزونة في هذه الصخور عن مدى تحملها ومدى مقاومتها الاحتكاكية .
لهذا فإن كل جزء طولي من هذه الحدود سوف يتحرك يوماً ما محدثاً الزلازل ، ولكن لا يعرف بالضبط متى سيتحرك هذا الجزء أو ذاك .
بشكل عام فإن الجزء الذي لم يحصل فيه زلازل لفترة زمنية طويلة يسمى «بالفجوة الزلزالية» "Seismic Gap" وهذه الفجوات الزلزالية هي بشكل عام الأماكن المتوقع حصول زلازل فيها في المستقبل .
لهذا فإن عملية تحديد الفجوات الزلزالية على حدود الصفائح هي خطوة أولية للتنبؤ بالزلازل ولكنها غير كافية خاصة وأننا نأمل تحديد زمان ومكان وحجم الزلزال المستقبلي بشكل دقيق ما أمكن .
ومن جهة أخرى فإن حدوث الزلازل ليس مقصوراً فقط على حدود الصفائح ، بل ويمكن حدوث زلازل مدمرة في أي مكان داخل الصفيحة الواحدة خاصة في مناطق الصدوع الرئيسية وأماكن النشاط البركاني بشكل عام .
كما يمكن إجراء دراسات إحصائية على النشاط الزلزالي لأي منطقة بغرض إيجاد الفترة الزمنية اللازمة لتكرار الزلازل ، ويتطلب هذا تجميع معلومات دقيقة عن أحجام وأماكن وأوقات حدوث الزلازل لأطول فترة زمنية ممكنة . ثم حساب المعاملات أ، ب في المعادلة :
حيث أن «ن» يمثل عدد الزلازل التي حصلت في المنطقة خلال الفترة الزمنية المذكورة وبحجم (قوة) أكبر من أو تساوي «ق» .
تبقى الطرق الإحصائية وتحديد الفجوات الزلزالية تقريبية ، ولا تمكننا من التنبؤ بحجم أو زمان أو مكان الزلازل المستقبلية بدقة .
ونظراً لخطورة موضوع التنبؤ وما يترتب عليه من إجراءات عديدة يجب اتخاذها لتقليل الخسائر البشرية والمادية.
وما يتطلب ذلك من إخلاء المدن والتجمعات السكانية واتخاذ احتياطات الدفاع المدني …….. الخ الأمر الذي يؤدي إلى تعطيل الحياة اليومية وإحداث خلل في أمور الاقتصاد… إلخ فإن هذا يقتضي بالضرورة تحديد معاملات الزلزال بدقة كبيرة خاصة وقت حدوثه المحتمل .
لهذا فقد عني علماء الزلازل لسنوات طويلة بهذا الأمر وتركزت الدراسات والأبحاث حول دراسة بعض الظواهر الإنذارية، التي تواكب حدوث الزلازل أو تسبقها بأيام أو أسابيع أو أشهر كثيرة أحياناً .
وهذه تتمثل في تغييرات لبعض الخصائص والمواصفات لصخور المنطقة القريبة من بؤرة الزلزال وهي تشمل :
طوبوغرافية سطح الأرض الذي غالباً ما يسجل ارتفاعات قليلة ، الخصائص الكهربائية للصخور ، مستوى المياه الجوفية في الآبار القريبة وتركيز النظائر المشعة في هذه المياه ، الخصائص الفيزيائية للصخور بشكل عام متمثلة بشكل واضح في تغييرات لسرعات الموجات الزلزالية الابتدائية والثانوية ، وكذلك طبيعة النشاط الزلزالي وعدد الزلازل الصغيرة .
كما أن هناك تغييرات غير أرضية ، من أهمها حدوث شذوذ في سلوك بعض الحيوانات والطيور والزواحف وكذلك حدوث بعض التغييرات الجوية الطارئة .
لقد لقيت جميع الظواهر الإنذارية هذه اهتمام الباحثين في العقود الماضية وكان التركيز واضحاً على تلك التي تبدو وكأنها أكثر شيوعاً وهذه هي:
(أ) لقد ظهر في العقدين الماضيين مجموعة اقتراحات تتعلق بظواهر زلزالية إنذارية تسبق حدوث الزلازل الكبيرة . من أهمها :
1) تركيز النشاط الزلزالي في مجموعات "Clustering" بحسب الوقت والمكان .
2) تغييرات في ميكانيكية التكسير للزلازل التي تحدث في منطقة الزلزال اللاحق .
3) تغييرات في طبيعة ترددات وأطياف الأمواج الزلزالية (Spectral Variations) .
4) حدوث أزواج من الزلازل السابقة .
(ب) سرعات الأمواج الابتدائية والثانوية : في الظروف الاعتيادية وللصخور المرنة التي قيمة معامل بوسن (Poisson’s Ratio) فإن نسبة سرعة الموجات الابتدائية إلى سرعة الموجات الثانوية = 1:73 تقريباً .
لوحظ أن هذه النسبة تهبط إلى حوالي 1:5 لصخور المنطقة ذات الزلزال المحتمل وتبقى كذلك لفترة من الزمن ثم تعود مرة أخرى إلى قيمتها الأصلية 1:73 وبعد فترة وجيزة يحصل الزلزال وحيث أن زلازل عديدة حصلت دون ملاحظة هذا التغيير، فإن بعض الباحثين يوجهون انتقادات وملاحظات حول هذا الموضوع .
(ج) تمدد صخور القشرة الأرضية (Dilatancy) : يعتقد علماء الزلازل أنه قبل حدوث الزلزال في منطقة ما فإن هناك تغييرات أساسية تحصل لصخور القشرة الأرضية وخصائصها.
ويظن غالبيتهم أن هذا ناتج عن ظاهرة تمدد هذه الصخور قبل الزلزال ويتمثل بزيادة حجم هذه الصخور بسبب التشققات الكثيرة التي تحدث فيها بفعل الإجهادات وعلى نطاق واسع
وغالباً ما تكون بعض الصخور مشبعة بالسوائل والغازات التي تملأ فراغاتها ومساماتها فتسبب حدوث ما يعرف بضغوط المسامات (Pore Pressure) وهي تعمل على تقليل مدى تحمل الصخور للضغوط في المناطق الزلزالية .
وعندما تبدأ الإجهادات الحركية تؤثر على صخور القشرة الأرضية وتبدأ ظاهرة التمدد (Dilatancy) المذكورة بالازدياد.
تقل ضغوط المسامات تبعاً لذلك حيث يزداد الحجم الكلي للفراغات التي تحوي حتى هذا الوقت كمية معينة من السوائل والغازات.
وعليه يزداد مدى تحمل الصخور للضغوط ولكن لا يلبث ذلك أن يقل مرة أخرى لأن كميات أخرى من السوائل قد تنتقل من المناطق المجاورة لتسبب زيادة ضغوط المسامات مرة أخرى .
هذه التغييرات في كمية السوائل والغازات من جهة ، وفي حجم التشققات وزيادة المسامية لها كبير الأثر على تغيير الخصائص الفيزيائية لصخور القشرة الأرضية ، بما في ذلك الخصائص الكهربائية وسرعات الموجات الزلزالية… الخ.
ومن الطبيعي أن يزداد تمدد صخور القشرة الأرضية (Dilatancy) بازدياد حجم الزلزال المتوقع.
وعليه تزداد الفترة الزمنية اللازمية لتنقل السوائل والغازات حتى تعود ضغوط المسامات إلى وضعها الأصلي ، وعليه فإن ظاهرة التمدد الإنذارية هذه قد تعطي فرصة أكبر للتنبؤ بحدوث الزلازل الكبيرة . (انظر الشكل 3) .
وعدد الزلازل التي تم التنبؤ بها قبل حدوثها حتى الآن قليلة العدد وصغيرة الحجم (القوة) نسبياً باستثناء حالة فريدة وهي زلازل يوليو 1976 التي حصلت في منطقة صنجبان – بنجوو بالصين (Sungpan – Pingwu) بقوة 6،7 – 7،2 درجة حيث تنبأ علماء الزلازل في الصين بهذه الزلازل قبل حدوثها وكان تنبؤهم دقيقاً (في درجة بالنسبة للقوة والتوقيت خلال يوم واحد) ومبنياً على مشاهدات وتجارب علمية استمرت حوالي ست سنوات.
إلا أن زلازل أخرى مدمرة حصلت قبل وبعد هذه الزلازل في الصين لم يتم التنبؤ بها .
ورغم أن الظواهر المذكورة تبدو سابقة لحدوث زلازل كثيرة ، إلا أنه ليس أكيداً أنها تسبق حدوث كل الزلازل . كما أن المتغيرات في هذا الصدد كثيرة وبالتأكيد هناك دواع كثيرة لإجراء المزيد من الدراسات والبحوث.
حيث أن الأمل كبير في التوصل إلى نتائج أكثر إيجابية في المستقبل ، مما قد يمكن علماء الزلازل من التوصل إلى السبل الكفيلة بتقديم الإنذارات المبكرة الصحيحة . كما أن هناك دواعي كثيرة لإجراء دراسات مماثلة واستكمال البحوث المتعلقة بالظواهر العديدة الأخرى .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]