كيفية تحديد الجهة المسؤولة عن إحداث الملوّثات
2014 البذور والعلم والصراع
أبي ج . كينشي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
العلوم الإنسانية والإجتماعية البيولوجيا وعلوم الحياة
يبدو أن تعريف الملوّثات يجب أن يكون واسع المدى لكي يشمل التحوّر الجيني، ولكن هناك سؤال قانوني حول ما إذا كان بالإمكان اعتبار شركة التكنولوجيا الحيوية «مالكاً أو شخصاً مسيطراً» على الملوّثات كما هي موصوفة في القانون.
ففي خِضمّ الدعوة القضائية ما بين مونسانتو ضد شمايزير، يمكن أن توصف تلك الدعوى القضائية على أية حال بأن شركة مونسانتو هي المالك لبراءات الاختراع الخاصة بالتحوّر الوراثي، فتكون [إذن] هي المسؤولة عن الملوثات. واقعاً هذه هي الحجة التي تم تبنيها من قِبل المدعين في هذه القضية.
بالإضافة إلى قانون إدارة وحماية البيئة، فإن قانون ساسكاتشوان للتقييم البيئي أيضاً له صلة بقضية التلوّث بالهندسة الوراثية. فبموجب هذا التشريع، يجوز اعتبار شخص/ جهة ما مسؤولة مسؤولية قانونية تجاه شخص/ فئة/ هيئة تعاني من الخسارة أو الضرر أو الإصابة كنتيجة لـ «تطوير» ما، كان ينبغي إجراء تقييم الأثر البيئي فيه (Glenn 2004, 559).
أكد غلن بالبرهان أن المحاصيل المهندسة وراثياً يجب اعتبارها «تطويراً» بموجب عدة معايير منصوص عليها في قانون التقييم البيئي. وعليه ففي الدعوى القضائية لهوفمان ضد مونسانتو «كانت الحجة هي أن اختبار، وإطلاق الكائنات المهندسة وراثياً بعد ذلك بشكل غير محصور تجارياً (مثل الكانولا والقمح)، هو «تطوير» بالمعنى المقصود في القانون الذي يشترط موافقة وزارة [بيئة] الإقليم» (مصدر سابق، 559-560).
فوزير البيئة وإدارة الموارد في أقليم ساسكاتشوان لم يمنح الموافقة على نشر البذور المهندسة وراثياً في الأقليم. كما أن كلّاً من مزارعي المحاصيل غير المهندسة وراثياً والعضوية قد عانوا من الأضرار كنتيجة لتلوث المحاصيل. فالادعاء في قضية هوفمان ضد مونسانتو أكّد أنه بموجب القانون فإن مونسانتو وباير مسؤولان مسؤولية تامة عن تلك الأضرار.
لقد حاول المزارعون تطبيق قانون التعدّي على ممتلكات الآخر من دون إذن على الجينات الناشزة، مدعين أن شركات التكنولوجيا الحيوية تتحمّل مسؤولية [إدخال الجينات غير المصرّح بها للبيئة]، بل تتحمل أيضاً مسؤولية دخول الجينات المرتقبة منها إلى أراضي المزارعين العضويين (Garforth and Ainslie 2006).
علاوةً على ذلك، اتهم هؤلاء المزارعون المدّعون كلّاً من شركة مونسانتو وشركة باير بالإزعاج. إزعاج يتضمّن التدخّل غير المعقول في استخدام وتمتع الشخص المالك لأرضه.
إن قانون الإزعاج عادة ما يستخدم لتعويض المتضرّر من أحد ملّاك الأراضي المجاورة، إلا أنه كما يوضح فيليبسون (Phillipson 2001)، في كندا [وضمن مفهوم] «الحق في المزرعة» هو تشريع يحظر استخدام الإجراءات القانونية الخاصة بالإزعاج ضدّ المزارعين الذين يستخدمون «الممارسات الزراعية الاعتيادية المقبولة» مثل زراعة المحاصيل المهندسة وراثياً.
وعلى الرغم من ذلك فقد استخدم المدعون في الدعوى القضائية لهوفمان ضد شركة مونسانتو قانون الإزعاج ضدّ الشركات المصنعة للجينات المحوّرة وراثياً وشركات التكنولوجيا الحيوية، بدلاً من استخدامه ضد الأفراد من المزارعين(14).
بالإضافة إلى ذلك، أشار المزارعون إلى الإهمال الذي اعتمدته كل من شركة مونسانتو وباير، «بموجب قبولهم التام، وفق الحجة، بـ «مسؤولية المنتجات»» (Glenn 2004, 561). وعليه، ضمن منطق هذا الخط، هناك بعدان لهما صلة بالمحاصيل المهندسة وراثياً. البعد الأول يتضمّن «عيب التصميم» (Design Defect)، وهذا يعني أن تصميم المنتج بحدّ ذاته أنشأ مخاطر مفرطة أدّت إلى الإصابة.
أما السوابق القانونية التي تنطوي على هذا البعد من الإهمال فتشمل «حبوب الثاليدومايد» (Thalidomide Pills)، وغرسات السلكون الهيلامية للثدي، وحتى السجائر» (مصدر سابق، 563).
يعتقد غلن (في مصدر سابق) أن هذه الفئة المناسبة الأكثر صلة بإهمال المحاصيل المهندسة وراثياً، إلا أنه من العسير إثباته، وهو ما يفسر لماذا ركّز المزارعون العضويون على نمط آخر من أنماط الإهمال كمفهوم «عيب الملصقة الوصفية» (Labeling Defect).
وهنا، إذا ما فشلت الشركة في التحذير من المخاطر الخفية الكامنة في الاستخدامات المتوقّعة للمنتج، فقد تكون الشركة المصنعة مسؤولة عن الأضرار.
ففي الدعوى القضائية لهوفمان ضدّ شركة مونسانتو تمسّك الادعاء بعيب الملصقة الوصفية عند تسويق الكانولا المهندسة وراثياً، لكونها لم تعلم المزارعين باتخاذ الاحتياطات اللازمة لمنع انتشار حبوب اللقاح، والبذور المهندسة وراثياً لمواقع غير مرغوب فيها.
وبصورة أكثر تحديداً، ادّعوا أن كلّاً من مونسانتو وباير كان من واجبهما تحذير المزارعين للحدّ من انتشار الجين ومن واجبهما أيضاً الإبقاء على هوية [المحصول] (صون النظام الزراعي القائم).
عندما قدّم مزارعو ساسكاتشوان العضويون طلباً للحصول على شهادة اعتماد منتجاتهم كصنف [من أصناف المنتجات الزراعية، وجدوا أنهم بحاجة إلى إثبات أن هناك شريحة واسعة من صنف المزارعين العضويين الذين تأثروا سلباً من تدفّق التحوّر الوراثي بسبب الكانولا المهندسة وراثياً.
فإحدى الطرق التي اتبعوها لذلك كانت أنهم قدّموا دلائل علمية تدلّل على أن التلوث بالتعديل الوراثي أصبح شاسعاً جداً في المروج المزرعة، وفي إمدادت البذور.
وفي إفادة رينه س. فان آكر (Rene C. Van Acker) القضائية، الذي كان الأستاذ المشارك في علوم النباتات بجامعة مانيتوبا، قدّم أدلة لدعم الرأي القائل:
إنه بسبب قدرة بذور الكانولا على البقاء كامنة لمدة أربع أو خمس سنوات، فإن لها القدرة على عبور [مكان تواجدها] وتلقيح المحاصيل الشائعة عند تدوير المحاصيل، فالاستخدام المكثّف للكانولا المهندسة وراثياً، وتلوث المهندس وراثياً منها للعديد من البذور يجسّد احتمال تلوّث الكانولا غير المهندسة وراثياً بواسطة الكانولا المهندسة وراثياً في غرب كندا، وهي حالة التلوث العالية جداً فيها ولربما مطلقة(Hoffman et at. v. Monsanto Canada Inc. et al. 2002)(15).
إضافةً إلى رأي الخبير فان آكر، يعتقد أن المزارعين العضويين قد وجدوا عنصراً أساسياً في الأدلة، حينما نجحوا في الحصول على دراسة أنجزتها منظمة الزراعة والأغذية الزراعية الكندية (AAFC) من وزارة الزراعة الاتحادية بعد كفاحٍ طويل [من أجل] كشفها، بما في ذلك طلبهم لذلك من خلال المحاكم.
فتلك الدراسة التي أعدّها اثنان من العلميين العاملين بمنظمة الزراعة والأغذية الزراعية – كندا اللذين كان أحدهما من المدافعين العلنيين عن الكانولا المهندسة وراثياً، قد وجدا جينات محوّرة في عينات من مجموعة واسعة من البذور المعتمدة، وهو ما يعني أن البذور التي تمّ بيعها بكلف عالية من المفترض أن تلبّي معايير نقاء معيّنة، والتي لا تهدف لأن تحتوي على صفات التعديل الوراثي(Downey and Beckie n.d.) (16).
وفي بيان صحفي ذكر مزارعو المنتجات العضوية، أن تلك الدراسة ستكون دليلاً حاسماً «لأنها وفرت الأدلة العلمية المدلّلة على الانتشار الواسع للتلوّث الذي قضى على سوق الكانولا العضوية» (Organic Agriculture Protection Fund 2002).
فهذه الدراسة الخاصة بإمدادات البذور أشارت إلى صعوبة الحصول على بذور غير مهندسة وراثياً، وهذا هو الشرط الأساسي للإنتاج الزراعة العضوية.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]