كيفية تحسين أساليب التَواصَل بين الآخرين
2014 للتخلص من الاكتئاب
جيسي ه . رايت و لورا و.ماكراي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
العلوم الإنسانية والإجتماعية الطب
على الرغم من صعوبة التأثير في أساليب التواصل بين الآخرين، إلا أنه بالإمكان أن تشتغل على مهاراتك في التواصل لتخفيف حدّة الاختلاف في العلاقات. ألقِ نظرة على جدول مهارات التواصل لتزنَ بنفسك قدراتك على التواصل.
لتغيير أسلوب تواصلك تحتاج أن تتحوّل إلى مراقب فَطِن لطريقة تواصلك مع الآخرين. فبدل أن تترك تواصلك يقوده طيار آلي (أي الوتيرة أو السليقة الذاتية) تمهل واسأل نفسك بعض الأسئلة حول كيفية تحسين وتطوير أسلوب التواصل. فعلى سبيل المثال هل بإمكانك أن تتدرّب لتكون مستمعاً أفضل؟
لقد استفاد كل من كارل وساندي من ممارسة طرق تعزيز مهارات الاستماع لديهما، وكانت ساندي مُستَهلكة تماماً بعملها بحيث كان كارل يشعر بأنها تهملهُ فعلاً، ولعل مهاراتها المتعدّدة في العمل ساعدتها أن تكون فاعلة في عملها ولكن هذه المهارات أثّرت كثيراً في زواجهما.
لذلك، اقترح المعالج أن تتعلّم استخدام قاعدة SOLER بدل القيام بنقاش كلامي مع كارل عندما تكون منشغلة في الردّ على رسائلها الإلكترونية أو الالتقاء بعميل. إذ بمجرّد أن خصصت وقتاً للاهتمام بزوجها والكلام معه عمل هذا فعل السحر في تحسين علاقتهما.
عندما تحسّنت مهارة كارل في الاستماع أصبح أكثر إدراكاً لاستعداد ساندي أن يخبرها بما كان يفكر بدل أن يركن إلى الصمت مُفترضاً أن مصارحته لساندي بمخاوفه وقلقه وإنفعالاته المؤلمة ستضايقها، ولكن العكس كان صحيحاً، وهكذا، زاد اهتمام ساندي بكارل بعد أن كانت تشعر بالتوتر عندما كان ينسحب إلى داخل ذاته ملتجأً إلى الصمت، ومع أنه لم يكن بحاجة إلى تفريغ كل أفكاره وهواجسه طول الوقت، ولكن حاجته إليها أن تعرف ما يعانيه وأن تأخذ وقتها في مشاركته لأفكاره، جعل الزوجين أكثر اقتراباً من بعضهما البعض.
لقد كان لكارل وساندي أيضاً مشكلة في توهّم قدرتهما على "قراءة أفكارهما" وكانا يفترضان على الدوام أن كلاً منهما يعرف ماذا يفكّر الآخر أكثر مما يفكّر فيه الآخر فعلياً، وعادة ما يقع الأزواج والآباء وحتى الأطفال الذين يعرفون بعضهم لسنين، بهذا الفخ. فنراهم يقفزون إلى استنتاجات سريعة من دون إعطاء فرصة للآخر ليقول ما يقصد، أو لتفسير فكرته.
فعلى سبيل المثال، عندما كان كارل وحيداً في منزله بانتظار عودة ساندي من عملها ليلاً كانت تراوده أفكار مثل: "إنها تفضل أن تكون في العمل بهذا الوقت بدل أن تمضيه معي"، ولذلك، عندما تصل ساندي إلى بيتها يكون صاحبنا قد أخذ منه الغضب والجرح الذاتي مأخذهما، وعليه، قد يهاجمها قائلاً: "آمل أن يومك كان جميلاً في العمل" بطريقة ساخرة ومعاتبة، وتبقى المقاربة البديلة مفتوحة للسماع لما سيكون عليه الجواب والذي قد يكون من جنس السؤال مثل: "ماذا تريد أن تقول؟" أو "ما الذي يدور في دماغك؟".
تعلّم كارل من خلال جلسات "العلاج الزوجي" بأنه كان يبالغ كثيراً في تقبّله لعمل ساندي المتأخر ليلاً، واعترفت ساندي بأن جزءاً من إصرارها المتزايد على العمل كان بسبب معرفتها أن اكتئاب كارل سيؤثر في عمله، وبالتالي على استقرارهما المالي. مع ذلك فهي لا تزال تهتم به وترغب في قضاء وقت معه، ولا سيّما إذا تمكنا من إزالة أسباب اختلافهما والرجوع إلى حياة أكثر بهجة وسعادة مع بعض.
عندما يكون الناس مكتئبين، يجدون صعوبة في التواصل بقلوب مفتوحة، مع الافتراض بأن نوايا الآخرين حسنة أو أنهم محايدون على الأقل في نقاشهم. فالدفاعية كثيرة الشيوع في الاكتئاب، ولأن المكتئب يعرف بأنه لا يتصرّف بقمة كياسته فالانتقاد حتى وإن كان مبطّناً يمكن أن يشعل فتيل أزمة تبتدىء بتعليق على شاكلة "إنّك لا تفهم ما أقصد"، أو "اسمح لي، أو أبعِد عني" أو "ولماذا لا تقوم بذلك أنت"، وقد تتضمّن بقية التفاعلات الدفاعية إظهار عدم الاكتراث أو الصعوبة في تقبّل أي انتقاد بناء وتوجيه اللوم الزائد للآخر والانتقال مباشرة إلى المجادلة عند ظهور أول بادرة للصراع.
إن جزءاً من خطة كارل لتحسين علاقته مع ساندي كانت تقليل التفاعلات الدفاعية؛ كأن يحملق فيها أو أن يغلظ في كلامه عندما تتذمّر من عدم قيامه بواجباته المنزلية. فهل وجدت نفسك يوماً وأنت تتواصل مع قلب قاسٍ قليلاً لا يستجيب لأرائك؟ وهل بإمكانك أن تكون أقل دفاعية وأكثر إيجابية في حل نزاعات العلاقة؟
من ناحية أخرى، طالما تفاقمت وسيلة التواصل بين كارل وساندي في مواضيع النقاش وتجميع الشكوى والانتقاد فيتحوّل النقاش إلى حوار متصاعد الوتيرة لا يفضي إلى فائدة.
على سبيل المثال يشتكي كارل أحياناً بأن مستوى الحميمية في زواجهما قد تدنّى، وبدل أن يتحدثا عن هذه المشكلة بصورة مباشرة تبدأ ساندي بتوجيه الحديث نحو مشاكلهما المالية أو نحو شجارات سابقة على مواضيع أخرى، ومع أن هذه الصعوبات ساهمت في التباعد العاطفي بينهما، فالنتيجة النهائية للتعاطي مع مواضيع متعددة في آنٍ واحد، تجعل كارل يشعر بأنه الملام على كل شيء وأن هناك فرصةً ضئيلة بقيت لحل المشاكل، وقد أنجز كارل وساندي إنجازاً جيداً في جلسات العلاج الزوجي عندما بقيا مركّزين على موضوع واحد أشبعاه نقاشاً قبل أن يضعا حلولاً وخواتيم معقولة له.
إذا لاحظت أن تغيير المواضيع بسرعة أثناء النقاش يؤثر سلباً في التواصل مع شخص مهم في حياتك، فالأجدى أن تبطىء في الحديث وأن تستهدف موضوعاً واحداً كل مرة. فإن وجد شريكك صعوبة في التعاون مع هذه الاستراتيجية، فالأجدى أن تبدأ بنقاش تكون فيه دقيقاً أو بوضع أجندة للحديث، وحتى بإمكانك أن تسجّل بعض الملاحظات حول المواضيع التي ستطرح لتبقى ضمن السياق، إذا قرّر المقابل أو قرّرت تغيير الموضوع أو هدف الحديث، حاول أن تبقى منضبطاً في الحفاظ على مركزية واضحة للحديث.
إن كنت مكتئباً فقد لا تجد مشكلة في إقرار وجهة نظر الآخرين ولكنك قد تجد أنهم يجدون صعوبة في تصديق أو إقرار أفكارك. فحتى لو كان الإقرار طريقاً باتجاه واحد في علاقتك فإن إصرارك أن تبقى متمسّكاً بطرق تجعل التواصل من دون إقرار قد يساعد في جعل الملاحظات والتعليقات المؤلمة لا تصيب أهدافها.
تعلّمت جوانا من خلال العلاج أن تتعرّف على التعليقات والأقوال غير المثبتة التي يتناولها زوجها بسرعة فلا تمتصها أو تتأثّر بها. فإن كنت متواصلاً في أحد الأيام مع أشخاص مهمين في حياتك يستخدمون التعليقات غير المثبتة فقد تتحسّن علاقتك بهم إذا تعلمت أن تحيِّد وسائلهم القتالية هذه، والمران في إيجاد طرق للتعبير عن فهمك لمشاعر الآخرين، حتى وإن فكّرت بأن هذه الأفكار مبنيّة على افتراضات أو تفكير سلبي، أمر مهم.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]