كيفية تطوير البحوث وتطبيقها في الدول الأوروبية
1998 تقرير1996 عن العلم في العالم
KFAS
دول الأوروبية تطوير البحوث وتطبيقها العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة
إن توافر طواقم مهيأة للبحث مكّن الصناعة والخدمات العامة من توسيع وزيادة خبراتها التقنية، ومن ثم ابتكار تقنيات ومنتجات متقدمة.
والابتكار والتجديد ضروريان لإبقاء المنتجات الصناعية تحظى بقوة تنافسية في الأسواق. هذا وتتطلب بعض الصناعات نسبة أعلى من الاستثمار في البحث والتطوير ممّا تتطلبه صناعات أخرى.
وفي أوروبا فإن ما يتطلب أعلى هذه النسب هو الصناعات الجوية والمستحضرات الصيدلانية والإلكترونيات والحواسيب والكيماويات، وكذلك السيارات والتجهيزات الكهربائية والآلات.
ولدى المقارنة بالمنافسين في الولايات المتحدة واليابان، فإن أوروبا تنتج معظم بضائعها ضمن المجموعات الثلاث التالية: الكيماويات والمستحضرات الصيدلانية والسيارات.
هذا وإن كثيرًا من الشركات المتخصصة في صناعة هذه المنتجات هي شركات ضخمة ومتعددة الجنسيات. وهذه الشركات تنتج في العديد من البلدان، بل وتجري فيها بحوثًا أيضًا.
ومن ثم فإنها تستطيع الإفادة من البحوث التي تجري في أي مكان تقريبًا، بل وحتى خارج أوروبا.
وعلى سبيل المثال، فإن التقدم التقني في التقانة الحيوية نتج من البحوث التي نُفِّذَتْ في الولايات المتحدة أكثر من تلك التي أُجريت في أوروبا. ومهما يكن من أمر، فإن أوروبا تنتج أقل من الولايات المتحدة واليابان في الإلكترونيات ومعالجة البيانات (المعطيات) وتجهيزات المكاتب، ووضْعُها في هذه المجالات آخذ في التدهور.
إضافة إلى ذلك، هناك بعض الميادين التي أجرت فيها الصناعة بحوثًا أساسية. وتمثل الإلكترونيات والمستحضرات الصيدلانية مثالين على ذلك: ومن الصعب تمييز العلم الحديث، وهو الهندسة الوراثية، الذي يُعتبر علمًا أساسيًا وتطبيقيًا، عن التقانة الحيوية التي انطلق منها. هذا وتشغل أوروبا موقعًا متوسطًا في إنتاج التجهيزات العلمية وتلك المستعملة في صناعة الطائرات.
إن القسم الأكبر من البحث والتطوير في مجال الصناعة –التي تستهلك أكثر من نصف الاستثمارات المخصصة للبحث والتطوير في معظم البلدان المتقدمة تقانيًا– مبني على النتائج العلمية التي غالبًا ما يستخرجها القطاع العام، كما أن الصناعة في بعض البلدان (التي تستثنى منها ألمانيا) كانت تقوم بالإنتاج تقليديًا بصورة مستقلة عن مراكز البحوث الأساسية.
وقد قامت عدة بلدان بتشجيع الشركات على أن تطور نفسها تقانيًا، وذلك بتمويل البحوث المتعلقة بالمنتجات التي هي مجال اهتمامها المباشر، وفي دعم مراكز البحوث التي تتوافر فيها الخبرات المتعلقة بمنتجاتها، وفي تخفيض الضرائب المفروضة على الشركات ومنحها بعض الحوافز المادية، وفي وضع خطط للمؤسسات الصناعية لتبادل الأفكار مع العلماء.
وفي بعض البلدان تقوم الحكومة بدفع نسبة عالية من تكلفة هذه البحوث: ففي فرنسا والسويد والمملكة المتحدة وألمانيا يخصَّص للصناعة ما بين %20 و %30 من الإنفاق الإجمالي للحكومات على البحث والتطوير. ويذهب قسم كبير من هذه المخصصات إلى قطاع الدفاع.
فضلاً عن ذلك، تنفق معظم الحكومات الأوروبية ما بين %20 و %30 من مخصصاتها المدنية على خطط متنوعة للتطوير الاقتصادي، علمًا بأن النمسا وبلجيكا تنفقان نسبًا أقل، وأن إيرلندا تنفق نحو نصف هذه النسب.
وثمة تطور أحدث يتجلى في دعوة المؤسسات الصناعية للمشاركة في وضع برامج للبحوث في المجالات العامة، وبخاصة في المجالات التي أصبح فيها الاختيار بين مواضيع البحوث أمرًا محتمًا، وذلك لتوجيه التمويل الوجهة السليمة.
هذا وإن معظم الدول الأوروبية قامت، أو هي في سبيلها كي تقوم، بمراجعة الوضع الذي سيؤول إليه مستقبلها التقاني، وبتحديد الكيفية التي يجب أن تتبعها الدولة لتعزيز تطورها.
وغالبًا ما يقوم بهذا هيئات من الخبراء التي تقوم بالملاءمة بين المجالات المثيرة للبحوث الأساسية والفرص التقانية التي يمكن للتطورات الحديثة أن توفرها، وتساعد هذه النتائج الشركات على التخطيط لما تعمله، كما أنها ترشد الحكومات إلى الأسلوب الذي يجب أن تنتهجه في تنظيم خطط تمويلها وبُناها التحتية للتأثير إيجابًا في نشاطات البحث والتطوير للشركات الصغيرة والكبيرة، وبخاصةٍ فيما يتعلق بعملها على المدى الطويل، وبما يتعين عليها ألا تعمله إلا حين يكون هناك بعض الدعم الحكومي لتنفيذ أهداف معينة.
لقد رأينا أن هذه الجهود استهلكت حصة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي– ومع ذلك فإنها لم تنجح مجتمعة في إبقاء الصناعات الأوروبية تنافسية. وبوجه خاص، فإن أوروبا تعاني مشكلة في إنتاجيتها: فحصيلة إنتاج المستخدَم في أوروبا أقل كثيراً من حصيلة إنتاج من يكافؤه في اليابان، وهي أقل من نصف حصيلة صنوه في الولايات المتحدة.
وفي حين يوجد لأوروبا حصة معقولة من سوق صادرات التقانة العالية، فإن أسواقها الداخلية ليست بتلك الدرجة من التماسك أو القوة التي تجعلها تبلغ مستويات مناسبة لتوظيف قوتها العاملة. والتصدي لمثل هذه المشكلات يشغل الأولوية بين اهتمامات الحكومات الاتحادية والإقليمية في جميع بلدان الاتحاد الأوروبي. وكما سنرى بعد قليل، فإنه يبدو أن المعالجات الحكومية لموضوع البحث والتطوير لم تخطَّط تخطيطًا ملائمًا.
وهكذا، ففي العقود القليلة الماضية توصلت الحكومات الأوروبية إلى وجهة نظر جديدة للدور الذي يتعين على العلم القيام به في حياة مواطني الدولة، ومن ثَم فإن فلسفة تدخلها فيه تغيرت وفقًا لذلك. وكان أكبر تغيير مثير للاهتمام هو العزوف عن الافتراض السابق الذي كان يقضي بأنه لبلوغ أهداف، مثل قوة التنافس الاقتصادي، فلا يلزمنا سوى توفير دعم مالي كافٍ للعلوم والبحوث.
ويتعين على الحكومات أن تفحص جميع جوانب السياسة التي تسلكها بغية التصدي لحل مثل هذه المشكلات، ومن ضمنها التدخل في العلم من قِبَلِ الدولة ومن قِبَلِ الأمة عمومًا.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]