كيفية ظهور”الكُتَّاب” وأهمية وجوده في العالم الإسلامي قديماً
2003 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الرابع عشر
عبد الرحمن أحمد الأحمد
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
الكُتَّاب أهمية وجود الكُتّاب كيفية ظهور الكُتّاب إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة
ظهرَ الكُتَّابُ في وقتٍ مُبَكِّرٍ بالعالَمِ الإسْلامِيِّ، عِنْدَما انْتَقَلَ المُسلمونَ منْ مَكَّةَ إلَى المَدينَةِ مهاجرينَ، وضاقَتْ المنازِلُ عن اسْتيعابِ الأَعْدادِ الكثيرَةِ المُؤْمِنَةِ الّتي تَرْغَبُ في مَعْرِفَةِ الكثيرِ عَنْ دينِها.
ففي ذَلِكَ الوقتِ لجأَ البَعْضُ إلَى المساجِدِ لِيَتَعَلَّموا علومَ القرآن والدِّين، ولجأ الصِّبْيَةُ إلى الكُتَّابِ كَمُؤَسَّسَةٍ تَرْبَوِيَّةٍ لِنَشْرِ التَّعْليمِ تُرَكِّزُ علَى حِفظِ القُرآنِ.
ومِنْ هنا كان الكُتَّابُ مُصْطَلحاً يطلقُ علَى المكانِ الّذي يَتَعَلَّم فيه الصِّبيانُ آياتِ القرآنِ الكريمِ ومبادِئَ الدِّينِ الإسْلامِيِّ.
وقَدْ انْتشرَ الكُتَّابُ في عَهْدِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ شَرْقاً وغَرْباً، مَعَ التَّوَسُّعِ في فتحِ بلادِ فارِسَ والشَّامِ والجزيرَةِ ومِصْرَ، وكانَ يُمَوِّلُ مِنْ بَيْتِ المالِ.
وتُؤَرِّخُ الكُتُبُ الإسْلامِيَّةُ لهذا الانْتِشارِ في القَرْنِ الرَّابعِ الهِجْرِيِّ حيثُ وفَّرَتْ الكتاتيبُ (جَمْعُ كُتَّاب) لجميعِ الصِبيانِ علَى اختِلافِ مُسْتَوَياتِهِم نصيباً من التَّعليمِ.
ويُعَدُّ الكُتَّابُ مِن مُقَوِّماتِ الحَياةِ الإسْلامِيَّةِ في القَرْنِ الرَّابِعِ الهجرِيِّ، وُجِد في المُدُنِ كَمَا وُجِدَ في القُرَى، بِمَعْنَى أنَّه أصْبَحَ من ضَروريَّاتِ الحَياةِ لِنَشر التَّعليكِ الأوَّلِّيِّ.
وكانَتْ الدراسَةُ بِهِ تَبدأُ مَعَ شروقِ الشَّمْشِ يَوْمَ السَّبْتِ، وتنتهِي عَصْرَ الخميسِ من كُلِّ أسبوعٍ.
وكانَ يتخلَّلُ اليومَ الدِّراسِيَّ فترةٌ للرَّاحَةِ يَنْصَرِفُ فيها الصِّبيانُ إلَى منازِلِهم لِتَناوُلِ الغَداءِ، ويعودونَ لِمُواصَلَةِ دِراسَتِهِمْ بالكُتَّابِ بَعْدَ صلاةِ الظّهْرِ.
وكانَتْ أدواتُ الدَّراسَةِ في الكُتَّابِ عِبارَةً عَن المُصْحَفِ الشَّريفِ، وعَدَدْ مِنَ الأَلْواحِ الّتي يَكْتُبُ عَلَيْها الصِّبيانُ، وعددٍ من أَوْعِيَةِ الحِبْرِ والأقْلامِ. وكانَ التَّلاميذُ يَجْلِسونَ علَى الأَرْضِ المَفْروشَةِ بالحَصيرِ.
ويَتَضمنُ مَنْهَجُ الدِّراسَةِ في الكُتَّابِ القرآن الكريمَ، والنَّحْوَ، والشِّعْرَ، واللُّغَةَ العَرَبِيَّةَ، وأيَّامَ العَرَبِ، والحِسابَ. وتَطَوَّرَ التَّعليمُ في الكُتَّابِ في موادِّ الدِّراسَةِ لِيَشْمَلَ أَنْسابَ العَرَبِ، والأخْبارَ، والغَزواتِ الإسْلامِيَّةَ، والخُطَبَ، والفِقْهِ الإسْلامِيَّ.
وظَلَّ الكُتَّابُ والمَسْجِدُ المُؤَسَّسَةَ الأُولَى لِتَعْليمِ الصِّبيانِ حتَّى ظَهَرَتْ المَدْرَسَةُ في العُصورِ الإسلامِيَّةِ التَّالِيَةِ. وتَمَّ التَّوَسُّعُ فيها في عَصْرِ الدَّوْلَةٍ الأَمَوِيَّةِ ثمَّ عَصْرِ الدَّوْلَةِ العَبَّاسِيَّةِ.
وقَدْ عَرَفَ المَجْتَمَعُ الكُوَيْتِيُّ الكتاتيبَ منذُ زَمَنٍ بعيدٍ، وكانَ مِنْ أشْهَرِها كتَّابُ المُلاَّ مُرشِد الّذي تَعَلَّم علَى يَديْهِ عددٌ كبيرٌ من الشَّخْصيَّاتِ الكُوَيْتِيَّةِ آنذاك، وكانَ هذا الكُتَّابُ في بَيْتِهِ الخَاصِّ.
وبَعْدَ ازْديادِ عَدَدِ تلاميذِه انْتَقَلَ إلَى مكانٍ آخر. وظَهَرَتْ بعضُ الكتاتيبِ علَى يَدْ المُلاَّ حُسَيْن التَّركيتِ والمُلاَّ عَبْدِ اللَّطيفِ العُمَرِ. ولَمْ يَقْتَصِر الكُتَّابُ علَى تعليمَ الصِّبيانِ بَلْ شَمِلَ أيْضاً تعليمَ الفَتياتِ.
ففي عامِ 1916 بَدَأَتْ المُطَوِّعَةُ أمينَةُ العُمَرُ كُتَّاباً لتعليمِ الفَتياتِ قراءةَ القُرآنِ الكريمِ وتَعليمِهِنَّ الكتابَة والقراءَةَ.
وقَدْ انتَشَرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ كتاتيبُ تعليم البَناتِ في مُعْظَمِ أحياءِ الكُوَيْتِ القديمَةِ، ومِنْها كُتَّابِ أمِّ عُمَرَ، وكُتَّابُ سَارَّةَ الرَّبيعَةِ، وكُتَّابُ مَرْيَمَ العُمَرَ.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]