علوم الأرض والجيولوجيا

كيفية نشوء “الكهوف” وأنواعها

1998 الموسوعة الجيولوجية الجزء الخامس

ترجمة أ.د عبد الله الغنيم واخرون

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الكهوف نشوء الكهوف أنواع الكهوف علوم الأرض والجيولوجيا

يعد مصطلح «كهف» مصطلحاً عاماً يدل على أي تجويف أو فراغ طبيعي داخل التكوينات الصخرية لقشرة الأرض، وحسب اختلاف العوامل التي تؤدي إلى تكوين هذه التجويفات أو الكهوف يمكن أن نميز عدة أنواع منها هي:

أ- الكهوف البحرية : Sea Caves

وهذه تتكون بفعل نحت الأمواج لصخور الجروف البحرية، خاصة على طول المناطق الضعيفة جيولوجياً في الصخر (مثل فتحات الشقوق والفوالق وأسطح الصدوع والصخور اللينة).

وفي البداية تعمل الأمواج على تكوين الثقوب في أسطح الصخر – ثم تتسع فتحات الثقوب والشقوق، وتتعمق هذه التجويفات في الصخر بمرور الزمن إلى أن تتكون حفر عميقة متداخلة في صخور الجروف البحرية تعرف في اسكتلندا باسم «جيو» (Notch or Geo)

وبفعل تلاطم الأمواج في الصخور الشاطئية يستمر تآكل الصخور اللينة وتتسع الفجوات والفراغات الصخرية وتتكون فجوة هوائية كبيرة الحجم (Blow Hole) وعند التحام عدة فجوات هوائية بعضها مع بعض تتكون في النهاية الكهوف البحرية.

 

ب- كهوف الرياح : Wind Caves

ويشاهد مثل هذا النوع من الكهوف في المناطق الحارة الجافة حيث أنها تتكون أصلاً بفعل تذرية الرياح (deflation).

وحملها للرواسب والرمال واحتكاكها بأسطح الحافات الصخرية (Wind Abrasion)، ونتيجة لذلك تتآكل الأجزاء الضعيفة جيولوجياً في الصخور.

 

وتبدو نتائج هذا التآكل في البداية على شكل ثقوب كثيرة في الصخر، ثم بمرور الزمن تلتحم هذه الثقوب بعضها مع بعض.

وتتكون حفر الرياح المتداخلة في الصخور وتعمل الرياح بما تحمله من رواسب واحتكاكها بالأجزاء الضعيفة جيولوجيا من الصخر على تعميق هذه الحفر خاصة على طول أسطح الشقوق الفوالق، ويتكون في النهاية ما يعرف باسم «كهوف الرياح» .

 

ج- الكهوب اللابية : Lava Caves

ويقصد بذلك تلك الكهوف التي تتكون أحياناً داخل تكوينات المصهورات اللابة أو اللابية تبعاً لانهيار أسطح اللابة عند تعرضها للبرودة وتجمدها على سطح الأرض، أو عند انحصار تجويفات هوائية داخل كتل اللابة تظهر بعد ذلك على شكل كهوف لايبة .

 

د- الكهوف الجيرية أو الكارستية : Karst or Limestone Caves

ويعد هذا النوع من الكهوف هو أكثر شيوعاً فوق سطح الأرض، ويرتبط توزيعه بمناطق الكارست الجيرية في العالم وعندها يذكر تعبير «كهف» فقط أي دون تمييز، فإنه يقصد بذلك الكهوف الجيرية ومن ثم تحسن الاشارة هنا إلى نشأة الكهوف الجيرية وخصائصها العامة .

 

نشأة الكهوف الجيرية:

ليس من الضروري أن تشتمل كل منطقة جيرية كارستية على كهوف جيرية . ذلك لأن نشأة هذه الظواهر الأخيرة تحت السطحية (أي التي تتكون تحت سطح الأرض) ترتبط بعدة عوامل اساسية يمكن إيجازها فيما يلي:

أ- أن تكون الصخور الجيرية أو الجيرية المغنيسية أو الدولوميتية التي تتألف منها المنطقة عظيمة السمك (ربما عدة آلاف من الأمتار) .

ب- أن تتميز الصخور الجيرية بارتفاع نسبة مساميتها واتساع الفراغات الصخرية فيها .

ج- أن تتشكل الصخور الجيرية بكثرة الشقوق و(الفوالق) المتجاورة لبعضها البعض .

د-أن تقع منطقة الصخور الجيرية في أقاليم رطبة غزيرة المطر، أو تتشكل بشدة بفعل المياه الجوفية.

 

وعلى ذلك فإن أظهر الكهوف الجيرية في العالم تلك التي تتكون في الهضاب الجيرية الكارستية في إقليم الكارست بجمهورية البوسنة، وبهضبة فرنسا الوسطى وفي الهضاب الجيرية في المكسيك وشبه جزيرة يوكوتان.

وفي الهضاب الجيرية في غرب الولايات المتحدة الأمريكية (كهف ماموث)، وفي إقليم بيك (Peak district) في مقاطعة دربي شير (Derbyshire) في انجلترا وفي الهضاب الجيرية بحوض نهر الكلب (الوفا) في لبنان (انظر الاشكال المرفقة)

وتعتبر الكهوف الجيرية حجرات وممرات واسعة طبيعية، تقع تحت سطح الأرض في جوف الصخور الجيرية الكبيرة السمك.

 

وقد تمتد هذه الكهوف في الصخر على شكل فجوات غير منتظمة الشكل أو الأبعاد ذات امتداد أفقي أو رأسي، وتختلف الكهوف فيما بينها من حيث أعماقها أو بعدها عن سطح الأرض، بينما يتكون بعضها الآخر على أعماق بعيدة جداً عنه خاصة إذا كانت الصخور الجيرية كبيرة السمك.

وقد تتألف بعض الكهوف من حجرة واحدة في حين قد يتألف بعضها الآخر من عدة حجرات واسعة ومتصلة بعضها مع بعض، وبعض الكهوف قد يصل ارتفاعها (من أرضية الكهف حتى سقفه) إلى عدة أمتار فقط، وبعضها الآخر قد يزيد ارتفاعها عن مائة متر، وقد تشاهد المجاري الجوفية تقطع أرضية بعض الكهوف، في حين قد يخلو بعضها الآخر من هذه المجاري الجوفية .

وتسهم أشكال فتحات الشقوق الصخرية وأسطح الصدوع والحدود الفاصلة بين أسطح الطبقات، في تيسير فعل التجوية الكيميائية وتحلل معادن الصخر القابلة للإذابة، على سرعة تسرب المياه الجوفية وتغلغلها في جوف الصخور الجيرية.

 

كما يعمل ثاني أكسيد الكربون الذائب في المياه سواء أكان مكتسباً أصلاً من الجو أم من التربة، على تحلل المعادن القابلة للذوبان في الصخر.

وقد تبين أن كمية الأمطار التي تسقط على مساحة قدرها فدان واحد في منطقة كهف ماموث، لها القدرة على إذابة نحو 0.75 متراً مكعباً من الصخور الجيرية في العام الواحد .

ولا تتمثل الكهوف الجيرية في العالم العربي والشرق الأوسط الا في الصخور الجيرية في لبنان، ويوجد في الصخور الجيرية في لبنان كثير من الكهوف الصغيرة الحجم مثل كهوف نبع الشتواني وعاقورا ونبع المغرة في كسروان، وكهوف منطقة مشمش في جبل الزعرور بالمتن، وبلعة في جبل اللقلوق وفوار عين دارة بالقرب من مجدل ترشيش وفوار انطلياس بالمتن.

 

إلا أن أكبر الكهوف الجيرية حجماً في لبنان هو كهف مغارة جعيتا، ويقع هذا الكهف الجيري في القسم الأدنى من حوض نهر الكلب على بعد 2 كم شمال بلدة بكفيا وعلى بعد 18 كم شمال بيروت.

وقد اكتشف هذا الكهف الكبير عام 1836 وتبين أنه يتكون من كهفين أو طابقين: كهف علوي وآخر سفلي ينفصلان بعضهما عن بعض بنحو 40 متراً من الصخور الجيرية، ويمتلىء الكهف السفلي بالمياه تماماً خلال فصل الشتاء تبعاً لارتفاع مستوى الماء الجوفي خلال هذا الفصل.

ومن ثم تقتصر زيارته ومشاهدته خلال فصل الصيف عند انخفاض منسوب المياه فيه، أما الكهف العلوي فيمكن مشاهدته طوال أيام السنة، وقد افتتح هذا الكهف الأخير للسياحة منذ عام 1969 .

 

ويتكون الكهف العلوي في مغارة جعيتا من الصخور الجوراسية الكبيرة السمك (نحو 2000 متر) وهي شديدة التقطع بفعل الشقوق والفوالق الرأسية والعرضية (Heavily jointed)

ويرجح أنه تكون بفعل إذابة مياه الأمطار للصخور الجيرية في المنطقة، إلى جانب أثر فعل المياه الجوفية والنحت الرأسي لنهر الكلب في تعميق تجويفات هذا الكهف.

ويتمثل في هذا الكهف الجيري جميع الظاهرات الجيرية الكارستية المثالية التي تتميز بها الكهوف الجيرية في العالم .

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى