لجنة التعاون البيئي: أسباب نشوئها وأعمالها
2014 البذور والعلم والصراع
أبي ج . كينشي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
العلوم الإنسانية والإجتماعية البيولوجيا وعلوم الحياة
بعض الوكالات المنفصلة عن سلطة الحكومة المكسيكة استجابت لمختلف المخاوف الشعبية بشأن تلوث الذرة.
فبينما كان علميو البيئة الحكوميين يجهدون في عملهم لجمع المزيد من البيانات المتعلقة بتدفق التحور الوراثي، نفت وزارة الزراعة المكسيكية بشدة وجود أي أسباب للقلق من هذا التحوّر الوراثي.
في حين بقي طلب النشطاء من الحكومة وقف استيراد الذرة المهندسة وراثياً من دون أي تأثير يذكر. وحين استفهموا أن الحكومة المكسيكة لا تولي اهتماماً ولا تستجيب لقلق النشطاء المكسيكيين، قرّروا وبدعم من حلفائهم الدوليين استخدام الآليات المؤسساتية المتولدة من اتفاق أميركا الشمالية للتعاون البيئي(North American Agreement on Environmental Cooperation: NAAEC)، وهو اتفاق جانبي بيئي يشكّل جزءاً من اتفاقية التجارة الحرة لشمال أميركا (NAFTA).
ففي إطار اتفاقية أميركا الشمالية للتعاون البيئي – ذلك الإطار الثلاثي (الولايات المتحدة الأميركية، وكندا، والمكسيك) – عملت لجنة التعاون البيئي (Commission For Environmental Cooperation: CEC) على "معالجة المخاوف البيئية الإقليمية (Regional Environmental Concerns)، و"ساعدت على منع النزاعات التجارية والبيئية المحتملة"، و"عزّزت التنفيذ الفعال للقانون البيئي" (Commission for Environmental Cooperation 2011a).
ففي عام 2002م قدّم [النشطاء] التماساً لهذه اللجنة يطالبون فيه دراسة موضع الذرة المهندسة وراثياً في المكسيك وإيجاد مجموعة من التوصيات [لغرض الالتزام بها ضمن الاتفاقية البيئية].
ففي نهاية المطاف، وبعد الضغط المستمر [من قِبل النشطاء] استجابت لجنة التعاون البيئي بصورة إيجابية للالتماس، وشكلت فريقاً استشارياً متعدد الاختصاصات يتألف من علميين وخبراء آخرين يتمتعون بوجهات نظر واسعة المدارك عن المخاطر والفوائد في المحاصيل المهندسة وراثياً.
فقد كانت المهمة الأساسية للفريق الاستشاري هذا هو "تفحص وجهات النظر المختلفة حول القضايا المتعلقة بتدفق جينات الذرة المهندسة وراثياً إلى أجناسها في الأراضي الزراعية المكسيكية وإلى أصنافها البرية الأخرى، والحفاظ على التنوّع البيولوجي في مركز المنشأ هذا" بهدف وضع توصيات تتعلق بالسياسة العامة [لهذا الأمر] (Commission for Environmental Cooperation 2011b).
وبهذا الصدد فقد كتب ثمانية عشر خبيراً عشرة فصول أساسية تناولت مجموعة واسعة من المؤثّرات المحتملة لتدفق التحور الجيني في الذرة المكسيكية، إضافة إليهم فقد كان يخدم أيضاً في الفريق الاستشاري هذا ستة عشر خبيراً آخر، تتنوّع اختصاصاتهم ما بين البيولوجيا الجزيئية، والتكنولوجيا الحيوية، وعلم البيئة، وعلم الأحياء السكانية، والزراعة، والصحة، والتغذية، والاقتصاد، والفلسفة، والقانون، والعلوم السياسية، ومعظم أعضاء هذا الفريق الاستشاري هم موظفون في مؤسسات أكاديمية أو مؤسسات غير ربحية، في حين مثّلَ الصناعة التكنولوجيا الحيوية ثلاثة أعضاء فقط.
عندما اجتمع في النهاية فريق خبراء لجنة التعاون البيئي في آذار/ مارس 2004 في أواكساكا، كان نشطاء الذرة قد بدأوا بوضوح تأطير الذرة المهندسة وراثياً على أنها اعتداء على ثقافة ومجتمعات السكان الأصليين.
ففي الكثير من الأحيان كانت لجنة التعاون البيئي على ما يبدو لا تتقبّل الانتقادات البيئية فحسب، بل حتى الانتقادات الاجتماعية للذرة المهندسة وراثياً. فهي لجنة غير عادية في توفير الفرص الرسمية المختلفة لمشاركة العامة، ومع ذلك فإن معظم الوكالات البيئية ترى أن نهج هذه اللجنة هو إجراء تقييمها البيئي، بصورة إلى حدٍ ما، علمائية، لاعتمادها على الخبراء في تقييم تلك القضايا.
فكما يقول أحد المراقبين، إن اللجنة تسعى إلى "ضمان أن تكون مستقلة وحكمها إما محايد أو علمي، وفي الوقت ذاته تأخذ بعين الاعتبار عدداً ممكناً من المصالح السياسية المشروعة" (Antal 2006).
فهي تسمح أيضاً لأي موطن من مواطني تلك الدول الثلاثة الأعضاء في اتفاقية أميركا الشمالية للتجارة الحرة، بتقديم شكوى بيئية إليها.
علاوة على ذلك، فقد أسس اتفاق أميركا الشمالية للتعاون البيئي (NAAEC) اللجنة الاستشارية الشعبية المشتركة (Joint Publuc Advisory Committee: JPAC) التي تتألّف في المقام الأول من المواطنين العاملين في المنظمات غير الحكومية في بلدان الدول الثلاثة الأعضاء.
إذ هي تتألف من خمسة عشر عضواً يعملون على جمع البيانات بتوافق كل الآراء بما يخص المسائل ذات الصلة بأنشطة لجنة التعاون البيئي، وبهذا فهي توفر مصدراً أضافياً لمساهمة المجتمع المدني(Wirth 2003).
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]