علم الفلك

ما وراء الغلاف الجوي

2013 أطلس الكون

مور ، السير باتريك مور

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

علم الفلك

ما وراء الغلاف الجوي

نحن نعيش في قاع محيط مُكوَّن من الهواء، الأمر الذي يُشَكِّل إزعاجا دائما للفلكيين لأنه متسخ ومتقلب من ناحية ويحجب أيضا معظم الإشعاع القادم من الفضاء من ناحية أخرى. هذا يترك لنا مجال الرؤية فقط، بالإضافة إلى بعض ’النوافذ’- بالأخص في المجال الراديوي. ومع أن إنشاء المراصد على ارتفاعات عالية يساعد في حل ذلك، فهو ليس حلا مثاليا ولا بد أن نرسل أجهزتنا فوق الطبقات الكثيفة للغلاف الجوي.

يمتد الغلاف الجوي إلى الأعلى فقط لمسافة محددة، ومن بعد بضع مئات الكيلومترات يمكننا القول بأننا وصلنا إلى ’الفضاء الخالي’، هو بالطبع ليس فراغا تاما ولكن كثافة المادة الموجودة في الفضاء ما بين كواكب المنظومة الشمسية ضئيلة جدا بحيث يمكن تجاهلها في معظم الأحيان. لا تستطيع الطائرات الطيران في منطقة خالية من الهواء، والطريقة الوحيدة هي استخدام الصواريخ لأنها تدفع ’نفسها’ ولا تحتاج لوجود الهواء من حولها (في الواقع يمثل الهواء عائقا لها لأنه يتسبب في الاحتكاك ويجب إبعاده عن الطريق). انظر إلى صاروخ يعمل بالوقود الصلب، من نفس النوع الذي يُطلَق في ’ليلة نار المخيم’ (أو في الولايات المتحدة في ’عيد الاستقلال’)، وهو مُكَوَّن من أنبوب مفرغ مليء بالبارود. عندما ’تُشعِل ورقة الإشعال الزرقاء ثم تتراجع مباشرة’ يبدأ البارود في الاحتراق ثم يتم إصدار غاز حار يُجبَر على الخروج عبر عادم الصاروخ فيدفع الأنبوب في الاتجاه المعاكس، وفقا لما أطلق عليه نيوتن اسم ’قاعدة رد الفعل’ التي تنص على أن لكل فعل رد فعل مساو في المقدار ومضاد في الاتجاه’.

هذه هي الطريقة التي تعمل بها الصواريخ الفضائية بالضبط. لا يُنصَح باستخدام البارود فيها، وفي الصاروخ الممتلئ بالسائل يدخل سائلان إلى غرفة الاحتراق هما الوقود ومادة مؤكسدة، حيث يتم إشعالهما ويتم إصدار الغاز المطلوب. أما بالنسبة للصاروخ الذي يعمل محركه بالوقود السائل فهو قابل للتحكم، وهو المستحسن، في حين أن الصاروخ الذي يعمل بالوقود الصلب لا يمكن التحكم به.

أطلق العالم الأمريكي روبرت هتشنغز جودارد (Robert Hutchings Goddard) أول صاروخ يعمل بالوقود السائل عام 1926. كانت تُعَد محاولة متواضعة ولكنها أظهرت أن الصواريخ من هذا النوع يمكن استخدامها. قام الألمان بتطوير صواريخ أثناء الحرب، ومع أننا لا يمكننا إنكار أنها كانت لأغراض عسكرية وليست لبحوث سلمية، إلا أنه لا بد أن نُقِر بأن صواريخ الV2 التي انهالت على لندن عامي 1944 و 1945 كانت هي السابقة للصواريخ التي حملت رجالا إلى القمر.

تم إرسال جميع أنواع المعدات العلمية إلى الأعلى وثبت أن هذه الخطوة لا تقدر بثمن. على سبيل المثال، ليس بإمكان أشعة جاما شديدة القصر الموجودة في الفضاء اختراق غلافنا الجوي، وهذا يعني أن فلك أشعة جاما ما كان ليبدأ لولا حمل الكاشفات عاليا، الأمر الذي كان يعيق تقدم فلك الأشعة السينية بنفس الدرجة تقريبا.

يستطيع الصاروخ البسيط المكوث عاليا فقط لمدة قصيرة ويمكن استخدامه مرة واحدة فقط. ومن الواضح أن الحصول على جهاز بإمكانه أن يدوم لفترة أطول هو أفضل بكثير، وفي أكتوبر 1957 أطلق الروس أول قمر من صنع الإنسان أو قمر صناعي اسمه سبوتنيك 1. كان من حجم كرة القدم ولم يحمل معه إلا أشياء قليلة بالإضافة إلى جهاز إرسال راديوي. ولكننا لن ننساه أبدا وهو يدور مسرعا حول الأرض ويرسل إشاراته ’بليب، بليب’، مشيرا بذلك إلى البداية الحقيقية لعصر الفضاء. وبمجرد وصوله هناك كان تصرفه تماما كما لو كان جرما فلكيا طبيعيا.

لم يتحرك سبوتنيك 1 خارج الغلاف الجوي الخارجي وتم إيقافه بسبب الاحتكاك واحترق بعد بضعة أسابيع في الغلاف الجوي العلوي، ولكن منذ ذلك الوقت تم إرسال بضع مئات الأقمار الصناعية إلى هناك، وبدونها لبدت الحياة غريبة. في عام 1962، نُقِلت أول صورة عبر المحيط الأطلسي عبر القمر الصناعي تيلستار، ولولا هذه الأقمار الصناعية لما تَمَكَّنا نحن في لندن من مشاهدة إحدى مباريات الكريكت الطويلة مباشرة من أستراليا، ولا مسيرة رئاسية في نيويورك!

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى