مبدأ عمل تمرين “الزبيب”
2014 للتخلص من الاكتئاب
جيسي ه . رايت و لورا و.ماكراي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
العلوم الإنسانية والإجتماعية الطب
هناك تمرين آخر شائع في اليقظة الذهنية يركز على تجربة الأكل اسمه تمرين "الزبيب". يساعد هذا التمرين على بناء حساسية اليقظة الذهنية بالنسبة إلى الأكل وكذلك على توسيع دور اليقظة الذهنية ليشمل مضامين أخرى في حياتنا.
بعد تطبيق التمرين 13 4 حاول الإجابة على الأسئلة التالية: كيف جعلك تمرين الأكل تشعر؟ وهل كنت أكثر وعياً إلى قوام الأكل ونكهته؟ هل كنت منتبهاً إلى سيرورة الأكل وكيف كان فمك ولسانك يتعامل مع اللقمة؟ الحظ كم تستغرق من وقت لتأكل زبيبة واحدة. وهل تختلف هذه السيرورة عن طريقتك الاعتيادية للأكل؟ هل بإمكانك استخدام جزء من هذا التمرين في حياتك اليومية لجلب مزيد من الوعي والبهجة إلى سيرورة أكلك؟
إن الأكل مع تفتح العقل، هي طريقة من آلاف الطرق التي تجلب للناس مزيداً من الوعي والتواصل مع اللحظة الحالية ومن ثم البهجة إلى حياتهم. هل بإمكانك أن تفكر في خبرات أخرى يومية قد تكون هدفاً جيداً لممارسة اليقظة الذهنية؟ حاولت أنجلينا تجربة العصف الذهني وجاءت حصيلتها بقائمة من نشاطات روتينية كانت تريد تجربتها تماماً كما هي.
كان لأنجلينا العديد من الأفكار الجيدة لزيادة يقظتها الذهنية في حياتها اليومية الروتينية، وكانت تحاول أن تجرّب كل هذه التغيرات في ذات الوقت، وكما هو الأمر لدى الناس الآخرين انطفأ ضياء المصباح في ذهن أنجلينا لما أدركت قدرة العقل الكامنة في اليقظة الذهنية وفي حالة الانتقال من التفكير الاكتئابي إلى التفكير السوي.
فباتت تفكّر بإيجابية وسعة لتملأ حياتها بمزيد من الوعي، وهنا تدخّلت وصية الطبيب فقبلت أنجلينا أن تتعامل مع الموضوع ببطء وأن تمارس تمارين اليقظة الذهنية مع بعض النشاطات اليومية فقط.
كانت إحدى هذه النشاطات التي استهدفتها أنجلينا، رياضة المشي، وفي عادي أيام كانت انجلينا تمشي قرابة الميل والنصف في الجوار، وكانت تعرف أن هذه التمارين مفيدة لصحتها البدنية وتساعدها أيضاً في تقليل أعراض الاكتئاب فداومت عليها بالرغم من أنها لم تكن تتمتّع بالممارسة إجمالاً، وكان تفكيرها في معظم أيام ممارستها للمشي، يُركّز على إنهاء هذه الممارسة لكي تعمل شيئاً آخر وكأن لسان حالها يقول: "لا أستطيع انتظار نهاية الممارسة".. "أريد أن أنهي ذلك المشروع قبل نهاية الأسبوع".
لقد كان عدم الشعور بالارتياح في دفع نفسها لممارسة التمارين أو أن تكون غير مرتاحة لظروف الأداء (هذا جهد كبير لا أطيقه… أنا أكره أن أتعرق عندما يكون الطقس حاراً في الخارج. أو أنا أرتجف من البرد، وأتمنّى أن أكون في المنزل الآن استحم بدشّ دافىء) أو أن تكون تجترّ أفكاراً حول ماضي حياتها، ومشاكلها الحالية أو تحديات المستقبل (كان بإمكاني التعامل مع مجريات هذا الاجتماع بشكل أفضل… أريد أن أدفع الفواتيراليوم… لديّ الكثير لأفعله كي أسيطر على وقع حياتي)، وقبل أن تجلب أنجلينا موقف اليقظة الذهنية إلى ممارسة المشي، كانت تتحاشى هذه الممارسة. فهي بالرغم من توفّرها كانت نادراً ما تفكّر في تلك اللحظة الحاضرة، وإنما كان كان ذهنها في مكان آخر.
هذا ما كتبته أنجلينا لطبيبها بعد أن أصبحت قادرة على جلب اليقظة الذهنية إلى ممارستها اليومية للمشي: كنت أجزع من هذه الممارسة، ولطالما تمنّيت أن تنتهي بسرعة، ولكن الأمور تغيّرت الآن فأنا أفتح عيني وأذني وأجد أن الأشياء التي تجلب إلى نفسي السكينة فأراقب تراقص الأضواء على الأشجار ورؤية الرياح وهي تداعب الأوراق.
لم أكن ألحظ ذلك في السابق رغم وجود ملايين الزوايا التي يلعب فيها الضوء، وكانت الألوان جميلة فعلاً إذا كنت متأملاً لها. وهكذا أصبحت أستمع إلى الأصوات حولي وأنا أمشي ــ وأكفر وكأني طفل يلعب في باحة أو مراح أخضر جميل.
تعليمات: اختر زبيبة واحدة أو أي صنف آخر من الطعام مثل قطعة سكاكر أو جزءاً من برتقالة. اختر شيئاً من فصيلة المأكولات الطبيعية، شيئاً تُحبّه، أو شيئاً تأكله عادة بقضمة واحدة أو اثنتين، ثم مُرَّ خلال الخطوات التالية لبناء حسك بالإحاطة أو الوعي، وتستند الخطوات هذه إلى أكل حبات الزبيب: والرجاء، التهيؤ لها إن كنت ستختار نوع آخر من المأكولات.
1 اجلس بوضع مريح (في كرسي، أو قرفصاء على الأرض) في منطقة خالية من الضوضاء أو تشتيت الفكر. أطفىء التلفزيون، أو الراديو أو الكمبيوتر، وابدأ باستحضار الوعي إلى جسمك والزبيب أمامك.
2 التقط حبّة زبيب وضعها في يدك، تلمّس نعومتها وقوامها الطري وانحنائات سطحها الناعمة. افركها بين أصابعك لتتعرّف على حجمها وحدودها. ركّز على أحاسيس ملمسها. (لمدّة دقيقة تقريباً)
3 قَرِّب الزبيبة الآن من أنفك وشمّها ولاحظ إن كان ذلك يجلب لك أحاسيس أو ذكريات من نوع ما. (لمدة دقيقة تقريباً).
4 ضع الزبيبة على لسانك واتركها هناك لمدة دقيقة، تمثّل الطعم الكامل للحبة من دون أن تقضمها. تحسس قوام الزبيبة الذي أصبح الآن على لسانك بدلاً من يدك. كيف تشعر بالفرق؟ وكيف هو المذاق؟ (لمدة دقيقة تقريباً).
5 حرِّك الزبيبة ولوكها في فمك، وتحسّس كيف تشعر وهي تقارب خدك وخلف شفتيك. هل تغيّر الطعم وهل تركز؟ (لمدة دقيقة تقريباً).
6 الآن ابدأ بمضعها ببطء. كيف الشعور وهي تلامس أسنانك؟ راقب التغيّر في الطعم أثناء المضغ وتحسّس كيف تتكسّر الزبيبة في فمك؟ (لمدة 1 2 دقيقة تقريباً).
7 أخيراً. ابلع الزبيبة، وفيما أنت تبلعها انتبه إلى سيرورة البلع والشعور بالزبيبة وهي تذهب إلى بلعومك وحنجرتك ثم إلى مريئك ومعدتك.
كن أكثر وعياً وانتباهاً لما تقوم به من نشاطات يومية: مثال أنجلينا
تعليمات:
1 فكّر في بعض النشاطات الروتينية التي تقوم بها في كل يوم، أو في معظم الأيام.
2 اعمل قائمة بخمسة نشاطات في الأقل، تقوم بها نمطياً من دون أن تعي ما يحصل في تلك اللحظة.
3 حاول أن تكون مصغياً إلى مبادىء الوعي والانتباه أثناء أدائك لأحد هذه النشاطات الروتينية كل يوم.
النشاطات الروتينية التي أكون فيها أكثر وعياً وانتباهاً.
1 أكل الوجبات الرئيسية أو الحقيقية.
2 تنظيف الأسنان.
3 التمشي.
4 غسل الأطباق.
5 التكلّم بالتلفون مع والدتي.
6 لبس ملابسي في الصباح.
7 التمعن بنباتات المنزل.
8 الاستماع إلى الموسيقى.
9 الجلوس في كرسيي المفضل لدى عودتي من العمل.
10 الاستحمام.
أحاول أن أستمع بعمق لهذه الأصوات لكي أمتلىء بها. وأحياناً أركز على وقع خطواتي وهي تلمس الأرض وأصوات رِجليّ وهما تخطوان إلى الأمان وحفيف ملابسي بهما، وكذلك تردّد تنفّسي أثناء المشي.
في مثال أنجلينا تحول النشاط الذي زاولته في الماضي من نشاطٍ شاق ومجهد إلى شيء تقدره وتتذوقه. فبمجرّد أن أصبحت أكثر اكتراثاً ويقظة وأخذت تعيش اللحظة الراهنة أثناء ممارستها لرياضة المشي، بدل أن تجعل هذا الوقت يمرّ من دون انتباه أو أن تجعله أسير الأفكار السلبية والمشاعر التعيسة. تحسنت حالتها وباتت تشعر بحلاوة التجربة.
عندما تعمل على تطبيق التمرين المقبل تأكّد أن تختار عدداً من النشاطات الاعتيادية التي لا تحتاج إلى وقت طويل لإنجازها، ولا تحرك فيك مشاعراً سلبية أو صراع نفسي معيّن فعلى سبيل المثال، قد تصبح أكثر ميلاً لعملية تحضير فنجان من الشاي أو القهوة، فإن كنت أكثر اكتراثاً واهتماماً في هذا النشاط سيعمل ذلك على بناء مهارة تزايد الاعتناء والإحاطة والوعي في قضايا وأعمال أكثر تعقيداً تواجهها في حياتك اليومية.
إن التمرين الذي نوصي به هنا لزيادة الوعي بالنشاطات اليومية الروتينية لا يحتاج إلى مهارات التأمّل الاعتيادية أو الشكلية، إلا أنه ينسجم في معناه مع تعريف التأمّل الذي اصطلحه جون كابات زن "توقّف وكن حاضراً، وهذا كل شيء".
نحن نستخدم طرائق اليقظة الذهنية اليومية في حياتنا لأننا نعتقد أنها تفيد كثيراً من يعاني من الاكتئاب. إن الوعي التام بثراء التجارب اليومية يمكنه أن يجنّبك متاعب التفكير السلبي المتكرّرة، والانفعالات المؤلمة التي يخبرها الناس غالباً في الإكتئاب.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]