مجالات استخدام الصواريخ عبر الزمن
2016 عصر الذرة
جون كلارك مع مايكل ألابي وإيمي جان بيير
KFAS
في يوليو من عام ١٩٦٩ حمل صاروخ (زحل) ساتورن V ثلاثة رواد أمريكيين إلى القمر، حيث حط إثنان منهما على سطحه.
وبعد فترة قصيرة حمل صاروخ آخر الرواد الثلاثة إلى الأرض. لكن التكنولوجيا التي جعلت من هذا الإنجاز ممكناً يعود تاريخها إلى ما قبل ثمانية قرون، خلال العصور الوسطى في الصين.
استخدم الصينيون الصورايخ مع بداية القرن الثاني عشر كوسيلة لزخرفة الألعاب النارية وكسلاح حربي أيضا. وخلال فترة وجيزة انتشرت المعارف حول الصواريخ في أوروبا، ففي عام ١٢٨٨ استخدمها المراكشيون في هجومهم على مدينة فالنسيا الإسبانية.
وتوصل البشر بعد ذلك إلى تكنولوجيا تصنيع الصواريخ متعددة المراحل (بوضع صاروخ فوق آخر)، وبحلول عام ١٧١٥ أسس الإمبراطور الروسي بيتر الكبير مصنعاً للصواريخ على مقربة من مدينة سانت بيترسبيرغ في روسيا.
اعتمدت الصواريخ في بداية ابتكارها على الوقود الصلب، إذ يتم في عملية الإطلاق إشعال بارود البنادق- مزيج يتكون من بارود الفحم والملح الصخري والكبريت.
لكن المهندس الحربي الإنجليزي وليام كونغريف (١٧٧٢- ١٨٢٨) بدأ عام ١٨٠٦ تصنيع الصواريخ ذات الرؤوس الحربية القابلة للتفجير. اعتمد كونغريف في هذه التقانة على تفجير شحنة من البارود عند نفاذ شحنة دفع الصاروخ (ووصوله إلى الهدف).
بلغ وزن عدد من صواريخ كونغريف حوالي ٥٩.٥ رطلاً (٢٧ كجم) وكانت تطلق من على سطح قاعدة على شكل مستوى مائل. كما بلغ مدى هذه الصواريخ ١.٥ ميلاً (٢.٥ كم) واستخدمت كمدافع في الحروب النابليونية لقصف بولونيا في فرنسا عام ١٨٠٦ وكذلك كوبنهاجن، عاصمة الدنمارك، عام١٨٠٧.
وخلال حرب الاستقلال الأمريكية شيد البريطانيون السفينة إيربس لقصف مواقع قوات الثوار الأمريكيين بالصواريخ.
احتوت صواريخ كونغريف على ذيل خشبي طويل، أو عصا، مثلما هو الأمر مع صواريخ الألعاب النارية الحديثة. قام المبتكر الإنجليزي وليام هيل (١٧٩٧- ١٨٧٠) عام ١٨٤٤ بإضافة زعانف ثلاثة مثبتة على عادم الصاروخ وذلك بهدف زيادة استقرار الصاروخ في تحليقه من ناحية ورفع دقة التصويب من ناحية أخرى.
أدى هذا التطور إلى دوران الصاروخ خلال ترحاله في حركة لولبية، وبذلك ابتكرت القاذفة الدوارة، وانتفت الحاجة إلى جعل الذيل طويلا.
خلال أواسط القرن التاسع عشر استخدمت الجيوش المتحاربة صواريخ هيل في الحرب المكسيكية وكذلك خلال الحرب الأهلية في الولايات المتحدة. تضاءل الأهتمام بالصواريخ للأغراض العسكرية لفترة من الزمن، لكن ابتكار تكنولوجيا الصواريخ متعددة المراحل والقاذفات الصاروخية في الثلاثينيات من القرن العشرين بعثا الحياة مجدداً في التطبيقات العسكرية.
لكن البشر وجدوا مجالاتٍ تطبيقية أخرى للصواريخ. فعلى سبيل المثال ابتكرت عام ١٩٢٨ في برلين سيارة تعتمد في قوة دفعها على إطلاق ٢٨ صاروخا (بالتتابع) لتبلغ سرعة ١١٢ ميلاً في الساعة (١٨٠ كم في الساعة).
يعتبر عالم الفيزياء الفلكية كونستانتين تسولكفسكي (١٨٥٧- ١٩٣٥) أول من صاغ النظرية الحديثة في مبادىء النظرية الحديثة لعمل الصواريخ وذلك عام ١٩٠٣. لكن النظرية لم تاخذ طريقها إلى التطبيق العملي حتى عام ١٩٢٦ عندما أطلق المبتكر الأمريكي روبــرت غـودارد (١٨٨٢- ١٩٤٥) أول صاروخ يستخدم الوقود السائل مفتتحاً بذلك عهداً جديداً في صناعة الصواريخ.
استخدم صاروخ غودارد وقوداً سائلاً مكوناً من الغازولين والأكسجين المسال وتم اطلاقه من مزرعة عمته في مدينة أوبورن بولاية ماساتشوستس. بلغت سرعة الصاروخ ٦٥ ميلاً في الساعة (١٠٥كم في الساعة) وارتفع إلى مسافة تقارب ٤١ قدماً (١٢.٥ م). بحلول عام ١٩٣٥ نجح غودارد في إنتاج صواريخ بلغ مداها العمودي ٧,٨٢٠ قدماً (٢,٤٠٠ م) بسرعة ٦٢٠ ميلا في الساعة (١,٠٠٠كم في الساعة).
رغم استمرار غودارد في أبحاثه لم تبد الحكومة الأمريكية أي اهتمام بصواريخه. أما في ألمانيا فقد قاد العالم الألماني هيرمان أوبرث (١٨٩٤- ١٩٨٩) مجموعة صغيرة من الباحثين التي تمكنت عام ١٩٣١ من تطوير صاروخ وقوده مزيج من الغازولين والأكسجين المسال.
وقابل هذا الإنجاز إنجاز مماثل في الاتحاد السوفيتي بعد سنتين على يد مجموعة من الباحثين بقيادة سيرجي كورليف (١٩٠٦- ٦٦). التحق بالمجموعة الألمانية عام ١٩٣٠ طالب من طلاب كلية الهندسة عمره حينها ١٨ سنة واسمه فيرنر فون براون (١٩١٢-٧٧).
حصل الفريق على دعمٍ من الحربية الألمانية وانتقل إلى موقع جديد في مدينة بينيموند على ضفاف بحر البلطيق. في هذه المنشأة الجديدة وجه فوق براون الأبحاث نحو إنتاج صواريخ ١-V و ٢-V . كان نموذج ١-V صاروخاً بمحرك نافوري نابض استخدم كقذيفة طائرة (وعرف أيضا بيرقة نمل الأسد).
أما ٢-V، والذي احتوى رأساً حربياً يزن ١.١ طنا (طن متري واحد)، فهو أول صاروخ موجه. استخدم الألمان كلا الصاروخين في قصف جنوبي شرق إنجلترا في المراحل النهائية للحرب العالمية الثانية.
استمر فون براون وعلماء ألمان آخرون في أبحاثهم بعد الحرب العالمية الثانية وذلك في منطقة وايت ساند بروفنغ غراوندز في ولاية نيومكسيكو في الولايات المتحدة الأمريكية. بدأت أبحاث العلماء إنطلاقا من صاروخ من نوع V-٢ استولت القوات الأمريكية عليه وتمكنوا من إطلاق أكثر من ٦٠ صاروخاً في الفترة بين العامين ١٩٤٦-١٩٥٢.
وأنتج أول صاروخ ثنائي المراحل بوضع صاروخ أصغر على رأس صاروخ من نوع V-٢، واستخدم الصاروخ في أبحاث على علو مرتفع عن سطح الأرض. تسارعت وتيرة التطور في كل من الولايات والاتحاد السوفييتي ونتج عن تنافسهما القاذفات الباليستية العابرة للقارات ومنصات إطلاق الصواريخ في الفضاء والتي هيمنت على صراع الفضاء لمدة ٣٠ سنة.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]