السلام عليكم .. في كثير من حلقات البرنامج السابقة تكلمنا عن اهم عناصر المجموعة الشمسية التي نعيش فيها من كواكب و أقمار و كيوكبات و احزمة .. و انتهينا بشرح عن بلوتو و حدود المجموعة الشمسية .. ولكن هذه المجموعة تقع و تدور ضمن كيان و محيط اكبر .. و هي المجرة التي نعيش فيها و تحوي الملايين و الملايين من النجوم المشابهة لشمسنا و غيرها من الشموس و نطلق عليها درب التبانة .. في هذه الحلقة سنسافر في رحلة كونية بعيدة نتعرف فيها على بنية المجرة و مكوناتها و كيفية حركتها و نقارنها بانواع المجرات الأخرى من حولنا ونتعرف على كل تفصيل علمي يخص هذه الكيانات العظيمة التي أيضا تتشكل في مجاميع معينه و تسبح في الفضاء .. .. قبل ان نبدأ الحلقة احب ان أوصل رسالة مهمة فيما يخص فيروس كورونا .. و هي ثم الحرص ثم الحرص على التباعد الاجتماعي فهي افضل وسيلة دفاعية مستنتجة حتى الان لدى جميع دول العالم لمكافحة هذا الوباء و هو السبيل بعد الله للنجاة من هذه الازمة الخانقة.. مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة و السلامة .. و انوه بان هذه الحلقة من البودكاست تتآيكم برعاية من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي .. مؤسسة الكويت لديها العديد من البرامج و الكتب العلمية الشيقة و المناسبة لجميع الاعمار و جميع التخصصات .. تابعوهم و اختاروا ما يناسبكم .. و اخر هذه الإصدارات كانت مجلة sky at night العريقة و الجميلة في مجال الفلك حيث تم ترجمتها الى اللغة العربية ببراعة و جودة عالية جدا .. انصح الجميع باقتنائها .. أخيرا .. هذه الحلقة ستكون اخر حلقة في هذا الموسم الثاني من برنامجكم الكون بودكاست .. اتوقف لفترة بسيطة انشالله.. احضر فيها مواضيع جديدة ومختلفة فيها الفائدة و أتمنى ان تنال على اعجابكم في الموسم القادم.. و احب جدا ان اقرأ تعليقاتكم على اللودكاست و المواضيع المطروحة سواء في اكاونت التويتر@ sherazus او من خلال المنصات التي تستمعون منها للبودكاست .. الان و حان الوقت الان لنتحدث عن مدينة النجوم و تفاصيلها ..
اذا كنت في وسط منطقة مظلمة بدرجة كبيرة جدا و بعيد عن التلوث الضوئي الحاصل في مددننا التي نعيش فيها .. عمثلا في أماكن بعيدة من البر او في البحر حتى .. فعلى الأرجح انك ستلاحظ وجود حزام مضيئ يمر في زاوية معينة و شغل حيز من السماء .. وصدقني بان ذلك مشهد مميز جدا و لن تنساه عيناك ابدا ما حييت .. و بالنسبة للقدماء الذين كانوا يعتمدون على النار كمصدر للاضاءة ليلا و كانت حياتهم اقل صخبا و تلوث مما لدينا اليوم .. كان هذا الحزام يعتبر قطعة خاصة تزين سمائهم ليلا .. فغزت تفكيرهم ومخيلتهم لما يمكن ان يحتويه هذا الحزام من مكونات .. و احتل مكانة خاصة في حياتهم و حاولوا تفسير سبب وجوده .. فمزجوا في تفسيراتهم بين العلم و الأسطورة التي يعتقدون بها .. و من شكل هذا الحزام فكانما احدهم سكب الحليب في السماء ليتكشل هذا الحزام هناك .. و اطلق عليه من ذلك الوقت الدرب الحليبي او اللبني.. و الكثير من القصص في الحضارة اليونانية تفسر هذا الحزام على انه سال من صدر مرضعة في اثناء رضاعة احد الألهات.و انسكب في السماء على هذا الشكل و غيرها من الفلكلورات و الميثولجيا في ثقافتهم … و في الجانب العلمي او لنقول الجانب المنطقي لمفكرين الحضارة اليونانية فقد ابدوا ارائهم المختلفة مثل فيثاغورث عندما قال انها تتكون من الاف النجوم غاية في البعد و دليل ذلك هو ضعف تألقها في داخل السحابة و قال ديموكريتوس انها عدد كبير جدا من النجوم الصغيرة وانها قريبه من بعضها البعض لدرجة انها تنير بعضها الاخر .. و ذهب ارسطو الا انها كتلة هائلة من البخار فوق ماكان يعتقد انه الاثير و غيرها من الأفكار .. اما عند بقية شعوب العالم القديم فقد ذهبت الاساطير الا ان هذا الطريق اللبني ما هو الا نهر .. بل نهر سماوي هائل الضخامة .. و سمي في وادي الرافدين بنهر تسيري أي نهر الثعبان و سماه العرب ب النهر و درب التبانة نسبة الى التبن الذي كان يسقط من مواشيهم ويتشكل على الأرض .. و اسموه العبرانيون نهر دي نور و في الصين كان يسمى تيان هو .. أي النهر السماوي .. و في مصر و الحضارة المصرية العظيمة .. ارتبط هذا النهر السماوي بنهر النيل و الالهة ايزيس .. الذي نثر الاف الحبوب بين النجوم ليتجنب ظهور التايفون و هو مخلوق خرافي له مئة رأس و صوته مرعب و اصبحث بعد ذلك هذه الحبوب بالطريق اللبني .. و من ضمن الميثلوجيا و اعتقادات الشعوب القديمة .. كان يظن بان هذا الطريق اللبني هو النهر الذي ترتاده أرواح الموتى و تدخله من باب يحرسه الالهة ساجيتوريوس .. و وتظل الأرواح منتظره هناك حتى يحين موعد تجسيدها مجداا فتغادر من الباب جيمني و هي منطقة في السماء منبعثة الى الأرض مرة اخرى.. و منذ ذلك الوقت والناس ينظرون الى ذلك الحزام و لم يتطور كثيرا فهمه لماهيته و مكوناته و ظل الفهم حائرا و مقتصرا على النظر بالعين المجردة و التخيلات حتى اتى جاليليو و جاء بتلسكوبه في بدايات القرن السابع عشر و عندها فهم انه هذا الحزام يتكون من الاف مؤلفة من النجوم متراصة بجانب بعضها البعض .. ومن بعد ذلك تطورت المشاهدات و الدراسات المتراكمة عبر تاريخ البشرية بالإضافة للثورات التكنلوجية و العلمية في العقود الأخيرة .. بينت لنا شكل المجرة الي نعيش فيها .. فهي عبارة عن قرص او أسطوانة يمكن تشبيهه بقطعة البان كيك .. طول قطر هذه الأسطوانة يقدر تقريبا ب مسافة مئة الف سنة ضوئىة .. يعني اذا تبتدي رحلة افتراضية من طرف المجرة و تمشي بخط. مستقيم للطرف الاخر يتطلب الامر مسير مسافة مئة الف سنة ضوئية ..و هذه الأسطوانة.. لها سماكة .. تخيل معاي انك تشاهد وتراقب المجرة من على الجانب .. سوف تشاهد سماكة معينة للمجرة يقدرها العلماء ب 1000 الى 2000 سنة ضوئية .. على مساحة و امتداد المجرة تتوزع مناطق كثيرة للسدم و هي مصانع تكون النجوم و هناك نجوم زرقاء حارة و أخرى باردة و نجوم حديثة الولادة و أخرى على مشارف نهاية حياتها .. و في منتصف هذه الأسطوانة تجمع ضخم من النجوم الكبيرة و القديمة و يميل معظهما الى اللون البرتقالي و الأحمر و هناك أيضا يقبع الثقب الاسود العملاق في وسط منطقة الرامي او ساقيتاريوسA بوزن يصل ٣.٢ الى ٤ مليون مرة من كتلة الشمس في وسط المجرة .. و تسمى هذه المنطقة the bulge و بالعربي يعني الانتفاخ .. لانها منطقة مميزه عن باقي مكونات المجرة .. حتى الان تكلمنا عن اسطوانه و انتفاخ بالمنتصف كمكونات رئيسية للمجرة .. هناك المكون الثالث الرئيسي و هو هالة تحيط باكمل أسطوانة المجرة تقريبا شبه كروية الشكل و هي عبارة عن تجمعات نجمية متبعثرة و و يصعب رؤيتها مقارنة بالاسطوانة الرئيسية للمجرة و الانتفاخ في المنتصف .. و النجوم التي تسكن هذه الهالة في اعلى و اسفل أسطوانة المجرة او قطعة البانكيك كما شبهناها .. لا تتبع حركة النجوم في الأسطوانة.. بل لديها حركة مبعثره غير منظمة ولكن محورها مركز المجرة .. و هذه الهالة مهمة جدا في الكثير من الاستدلالات التي وصل اليها العلماء لطبيعة تركيب المجرة كما سنسمع بعد قليل .. اما موقعنا في المجموعة الشمسية و موقعك و انت تسمع هذا البودكاست بالنسبة لياقي المجرة فهو .. على مسافة ٢٨ الف سنة ضوئية من منتصف المجرة .. و اذا اردنا ان نكمل وصف مجرتنا درب التبانة .. هناك مكون مهم يحب ان لا نغفل عن ذكره .. هو ما يسمى الوسط البينجمي .. او وسط ما بين النجوم .. هذه الترجمة العلميةلمصطلح. Interstellar medium .. فالمسافة ما بين نجوم المجرة ليست فراغ كلي كما كان يعتقد سابقا .. فيقدر العلماء ان هناك تقريبا مادة مكونه من ٩٠٪من الغاز و طبعا الغاز اما الهيدروجين او الهيليوم و ١٠٪ من الغبار ما بين الكربون او السيليكات مكون الصخور .. و تقدر كثافة المادة ب ذرة لكل متر مكعب .. صحيح انها كثافة منخفضة جدا جدا و بل و منخفضة بلايين المرات اكثر من الهواء الذي نتنفسه .. ولكنها موجودة و تشغل هذه المساحة الشاسعة بين النجوم و لذلك لا يوجد ما هو فراغ كلي بمعنى الكلمة في الفضاء .. و هذه المادة أيضا تلعب دور محوري و مهم في كشف اسرار المجرة .. طيب نحن نعيش في الكرة الأرضية .. داخل المجموعة الشمسية التي تسبح و تدور حول مركز المجرة مبتعدة عنها بمسافة ٢٨ الف سنة ضوئية كما ذكرت .. فهناك سؤآل يجب ان يتبادر الى الذهن .. كيف عرفنا كل هذه التفاصيل الدقيقة من ابعاد و طبيعة و مركبات للمجرة و نحن نعيش بداخلها و لم نرها من الخارج .. و هو ما سنتعرف عليه بعد قليل مع وليام هرشل و غيره من العلماء قبل الذي توصلوا لكثير من الإجابات قبل مئتين سنة من اليوم و قبل الوصول الى التكنلوجيا المتطورة في هذه الأيام ..
الحزام المضيئ الذي رصده البشر في سمائهم ليلا .. يمكن مشاهدته في النصف الشمالي للكرة الأرضية و كذلك اذا ذهبت الى دول النصف الجنوبي من الكرة تراه امتواجد امامك في اللظلام و السواد الحالك .. و من هنا يمكن ان نستنتج بان هذا الكيان يحط بالكرة الأرضية من كل جانب و كاننا نعيش و موقعنا في الأرض و المجموعة الشمسية في مستوى افقي من هذا الكيان.. أي على نفس سطح البانكيك الذي شبهته بانه أسطوانة المجرة التي ندور فيها .. زيادة على ذلك من المشاهدات التي نراها في النصف الشمالي و الجنوبي للكرة الأرضية نرى بان شكل هذا الحزام متشابه في النصفين مما يوحي باننا في نقع في منتصف هذه الأسطوانة فلو كنا في احد أطرافها لاختلف ما نراه في النصفين الشمالي او الجنوبي .. و هذا ما عكسه وليام هرشل عندما حاول ان يتصور شكل المجرة و رسمها.. وكانت رسمته عبارة عن مجموعة من النجوم تسبح في كيان مظلم رسمه باللون الاود و المجموعة الشمسية تقع قريبه من منتصف المجرة .. و اعتمد في ذلك على تقسيم السماء الى ٦٨٣ منطقة .. و قام بحساب اعداد النجوم في كل مكان بالسماء في هذه المناطق.. و قارنها ببعدها النسبي عن هذا الحزام الذي يظهر بالسماء و هو قلب او مركز المجرة .. فظهر له بان الأرض و المجموعة الشمسية بشكل عام بالمنتصف كون النجوم التي كان يراها و عكسها في خريطته للنجوم متوزعة بشكل شبه متساوي حسب مشاهداته.. بذلك استنتج انه المجموعة الشمسية قريبه من المنتصف .. و لكن مالم يكن يحسب حسابة هرشل .. هو وجود غبار ما بين النجوم منتشر في المجرة .. و هذا الغبار يعمل على اخفات ضوء الكثير من النجوم و لا يصلنا الى الأرض بظاهرة تسمى خمود بينجمي او interstellar extinction .. و بذلك لم تظهر كثير من النجوم الموجودة في الخريطة التي رسمها هرشل .. و هي المشكلة التي تنبه لها العالم روبرت ترامبلر عام ١٩٣٠ عندما لاحظ وجود خفوت في الاضاءة غير طبيعي لبعض التجمعات النجمية .. اذا كيف عرفنه بان موقع المجموعة الشمسية تقريبا ثلث المسافة بعدا عن مركز المجرة و ليس بالمنتصف ؟ .. فذلك تم عن طريق التجمعات النجمية التي ترصد فوق و تحت أسطوانة المجرة التي تدور حول المركز و تسمى globular cluster .. والتي ذكرناها على عجالة قبل قليل عندما تكلمنا عن مكونات المجرة .. و لكن بشكل عام الان هذه التجمعات موجودة اسفل و اعلى الأسطوانة الرئيسية للمجرة و تعطي شكل كانه كروي حول المجرة أي بمعنى تصنع هالة حول المجرة و ميزتها الرئيسية انها مشعة بدرجة كبيرة بحيث نستيطع تمييزها عن باقي نجوم المجرة التي تدور معنا حول المركز.. ساعطي مثال بسيط يوضح موقع هذه التجمعات القلوبيولار كلاستر قبل ان اكمل طريقة الحسابات .. تخيل الان ان الكعبة الشريفة في مكة المكرمة هي مركز المجرة التي نعيش عليها .. و الحجاج او المعتمرين من الناس لبذين يطوفون حول الكعبة هم النجوم التي تدور حول المجرة .. هذه هي البنية الرئيسية لديسك او أسطوانة المجرة التي تسكن بداخلها النجوم .. الان فلنفترض انك رفعت رأسك لتشاهد فوق الكعبة مجموعة من الطيور تحوم حولها و ادرت برأسك للطابق الأول جهة اليمين من الحرم المكي و شاهدت مجموعة من المصلين وكذلك مجموعة من المصلين جهة اليسار .. فتلك المجاميع من الطيور فوق الكعبة و المصلين في الطابق الأول هم بالتقريب موقع التجمعات النجمية مقارنتا بالنجوم العادية التي تدور حول مركز المجرة …. و ميزتها عن باقي النجوم انها لامعه و بارزة تستطيع الاعتماد عليها في الحسابات لتعرف بعدك عن مركز المجرة .. ولكن تبقى مشكلة أخرى وهي أولا عليك ان تحسب بعدك عن هذه التجمعات النجمية .. ثم تقوم بحسابات ثانية لتحسب بعدك عن مركز المجرة .. و هنا يأتي دور ما يسمى بالنجوم المتغيرة .. variable stars .. و هي نجوم تتغير شدت اضائتها بشكل منتظم مع الزمن .. فمثلا أسبوع تكون عالية الشدة في الإضاءة و الأسبوع الذي يليه تكون منخفضة الشدة .. بدوره منتظمة متكررة بدقة عالية جدا .. بعضها كل يومين يكرر العملية و بعضها كل ٥٠ يومين و هكذا تترواح من ١ الى ٥٠ يوم .. و هذه النجوم المتغيرة موجودة في بعض من هذه التجمعات النجمية .. و هناك علاقة رياضية تربط بين شدة الإضاءة و المدة لتكرار دورتها.. و بين المسافة التي يصل فيها الضوء الينا في الأرض .. و أخيرا بعد كل التعقيد وجد العلماء طريقة يحسبون بها بعد الأرض و المجموعة الشمسية عن مركز المجرة و التي رسموها على شكل كرة بالابعاد الثلاثية و حسبت المسافات .. و يتبين بان المجموعة الشمسية ليست بمنتصف هذه الكرة ولكن تقع تقريبا بمسافة الثلث عن المركز .. بهذا القدر استطاع الفلكيين و العلماء تحديده دون اللجوء الى التكنلوجيا الحديثة فقط بالمراقبة و الرصد بالتلسكوبات العادية و الرياضيات تمكننا من معرفة كل هذا الكم من المعرفة حيال موقعنا من هذه المجرة .. ولكن لمعرفة اكثر من ذلك لمواصفات مجرتنا فام الامر يتطلب ان يتطور العلم و بالتحديد استخدام ماهو اكثر من اشعة الطيف المرئى .. فالرؤية بالعين المجردة لقلب المجرة لا يأتي بالكثير و لا يمكن ان نتعلم و نتعرف على مكونات مركز و باقي موكنات المجرة بالنظر فقط من خلال اشعة الضوء المرئي .. فليست كل الموجات من المجرة يمكننا رؤيتها بالاعتماد على اشعة الضوء المرئى فهناك الكثير من العوائق من الغازات و الغبار مثل ما عرفنا.. لنعطي مثل على ذلك ..اذا كنت جالس في غرفتك و فتحت الانارة يمكن ان ترى الضوء بطبيعة الحال لعدم وجود أي عائق بينك و بين الضوء .. و لكن اذا خرجت من الغرفة و أغلقت الباب فلا يمكنك ذلك بسبب وجود حائل بينك و بينه .. و لكن الجميل في الضوء انه موجه كهرومغناطيسية لها خواص مختلفة عند كل تردد مختلف .. فمثلا شبكة الوايرلس في منزلك عبارة عن ضوء ولكن بتردد مختلف عن الإضاءة المرئية .. فيمكنها بسهولة اختراق الجدران و المكاتب و عمل اتصال بأجهزة التلفون او اللابتوب .. من نفس المبدأ ليست كل الإضاءة قادرة على اختراق الفضاء من المجرة لكي نرصدها بالضوء المرئي .. و لذلك لم يتطور فهمنا لمجرة درب التبانة الا مع التقدم العلمي و التكنلوجي الذي أتاح لنا رؤية المجرة بانواع مختلفة لترددات الضوء بداية من الاشعة تحت الحمراء مرورا بالضوء المرئي و انتهاءً بالأشعة السينية و جاما .. و عند دراسة كل طيف تظهر لنا خواص جديدة لم نكن نعلمها عن المجرة .. حتى استطعنا تحديد بنيتها و و طولها و سماكتها و كل مكوناتها .. فمثلا التركيبة التفصيلية لسحب الهايدروجين المتناثرة في كل مكان في المجرة لم يكن بالإمكان تخيل وجودها و تصوريها الا بعد ان تم تطوير المراصد الراديوية و ذلك بسبب انه الموجات الراديوية طويلة بدرجة كافية تمكنها من اختراق الغبار و الغازات بين النجوم .. و الذي ساعد على ذلك هو ان سحب الهيدروجين تبث موجات راديوية من خلال حركة البروتون و الالكترون في داخل الذرة .. ولذلك استطعنا رصدها من المراصد الرادوية في الأرض .. هذا الاكتشاف و الرسم التفصيلي لسحب الهيدروجين في المجرة هو سبب رئيسي و أساسي لاكتشاف اذرع مجرة درب التبانة الجميلة التي نراها في الصور .. و باختصار طريقة حصل ذلك عن طريق تأثير دوبلر .. فقد لاحظ العلماء بان بعض ذرات الهيدروجين في هذه السحب لديها انزياح للون الأحمر و البعض الاخر لديه انزياح باللون الأزرق .. و ذلك يعني انه بعضهم في حالة ابتعاد عنا و البعض الاخر في حالة اقتراب الينا .. هذه الملاحظة الأولى .. اما الملاحظة الثانية فكانت توزيع هذه السحب ليس منتظم ولكنه متركز في اذزرع و يوجد فراغات في أماكن أخرى .. و عند دمج هذين المعطيين نخرج بنتيجة وجود اذرع لهذه المجرة تدور حول المركز و هم ذراعين كبيرين جدا .. تقريبا هذه اهم الطرق التي تمكن العلماء من خلالها معرفة تفاصيل المجرة و اعتذر اذا كان هناك مصطلحات لم اشرحها مثل الانزياح او ظاهرة دوبلر و حتى تفاصيل الموجات .. ولكني اعدكم بحلقة مخصصة لمثل هذه الطرق تكون مثل المرجع لكل الحلقات نشرح فيها اهم الطرق و الادوات التي يستخدمها العلماء و الفلكيين للتعرف على الحقائق الفيزيائىة لهذا الكون ..و الان بعد ان عرفنا تفاصيل مجرتنا العزيزة فلننتقل الى جيراننا فلدينا العديد من المجرات باشكال و أنماط و احجام مختلفة عنا كثيرا ..
بعد ان عرفنا تفاصيل مجرتنا حان الوقت الان لنخرج من هذا الكيان و نبحر بعيدا .. فسنرى ان هناك البلايين من المجرات الأخرى التي تحتوي بدورها على ملايين النجوم بداخلها .. هذه المجرات ليست كلها شبيه بمحرتنا درب التبانة بل اشكال والوان مختلفة و منتثرة بزوايا مختلفة كذلك فبعضها اذا نظرنا اليه من الأرض نستطيع رؤية طرف الأسطوانة و بعضها الاخر نستطيع رصده و كاننا نراه من الأعلى الاى الأسفل بحيث يمون مركز المجرة ضاهري الينا و الكثير من الزوايا العشوائية .. حاول العالم ادون هابل تقسيمها وكان يعتقد انه هذه المجرات تتطور بالشكل من واحدة الى أخرى ولكن كان فهمه قاصرا للمجرات و مخطأ في هذه النقطة.. ولكنها كانت بداية مفيدة استفادة منها من بعده العلماء .. فعندما أراد العلماء تقسيم هذه المجرات او بلأحرى تصنيفها .. فتم تصنيفها حسب الشكل الظاهري لها .. و هي ثلاث اقسام .. قسم يدعى بالمجرات ذلت الاذرع الحلزونية وهي التي تندرج تحتها مجرتنا درب التبانة و القسم الثاني يسمى بالمجرات الاهليجية و قسم ثالث هو في الحقيقة أي شكل للمجرات لا يقع ضمن التصنيف الأول و الثاني .. النوع الأول و هو المجرات ذات الاذرق الحلزونية ينطبق عليها ما شرحت قبل قليل عن درب التبانة .. أسطوانة تحتوي على خليط من النجوم الكبيرة و الصغيرة بالعمر تسبح ما بين الغاز و الغبار المنتشر في كل مكان تدور حول المركز المكتظ بالنجوم القديمة و يحيط بهذه الأسطوانة عشوائيا مجموعة من النجوم القديمة و التجمعات النجمية مشكلة الهالة.. بالنسبة للنوع الثاني من المجرات و هو النوع الاهليجي .. فالامر مختلف قليلا.. فبشكل عام هذه المجرات اضخم بالحجم و اكبر بالكتلة .. و من ناحية الشكل فهي ابسط من المجرات ذات الاذرع فهي لا تحتوي على اسطوانه تدور حولها اذرع و انما و تحتوي على عدد قليل من النجوم حديثة الولادة و اغلبها نجوم قديمة بالعمر .. و النوع الأخير هو المجرات الغير منتظمة مثل ما ذكرت قبل قليل .. أي مجرة لا ينطبق عليها وصف الاهليجي او ليس لديها اذرع تكون غير منتظمة مثل سحابتي ماجلان الصغيرة و الكبيرة و هي مجرتين رصدوا منذ قديم الزمان في سماء النصف الجنوبي للكرة الأرضية .. فهذين السحابتين لا يمكن ان يروا من نصف الكرة الشمالي .. في البداية اعتقد الناس انها نوع من السدم و لكن لاحقا بعد ان تقدم علم الفلك و حسب الفلكيين و الرياضيين ابعاد هذه الاجرام تبين انها تقبع خارج كيان منظمومة درب التبانة .. هذه المجرات الغير منتظمة بشكل عام هي الأصغر في العمر .. فمعظمها يكون متكون من نجوم فتية حارة جدا زرقاء .. اما ذات الاذرع فهي المتوسطة بالعمر و الاقدم بشكل عام تكون المجرات الاهليجية .. كونها تتكون بمعظمها من نجوم حمراء قديمة في نهاية الخط الزمني لحياة النجوم .. و بما اننا نتكلم الان عن المجرات فلا بد ان نذكر المسافات فيما بينهم..فعند تصادم المجرات فليس بالضرورة ان يحدث تصادم بين النجوم التي تسكن بداخلها .. فهذه الصورة النمطية نتخيلها بسبب الفيديوات و المحاكاة و الصور التي نراها بالعادة للنجوم و المجرات .. ولكن العلم و الواقع يقول بان هذه النجوم لا تشغل الاحيز صغيير جدا من كيان المجرة و المسافات بينها شاسعة جدا جدا فعند تصادم او تداخل مجرتين فان الغالب هو تداخل فراغات المجرتين بين بعض .. و ما سؤثر علي النجوم هو الجاذبية التي ستغير من مساراتها التي كانت تدور فيها لملايين و بلايين السنين ..
و هناك ملاحظة مهمة كذلك عن المجرات .. فعند النظر الى الاجرام السماوية في هذا الكون نلاحظ انها دائما تشكل كيان اعظم منها منفردة .. فمثلا .. نحن البشر متجمعين مع الحيوانات و النباتات مع كل ما نلاحظه في حياتنا من طبيعة بحار و محيطات و صحراء و غابات داخل كيان الكرة الأرضية .. و عندما ننظر الى الكرة الأرضية من الخارج نراها تعيش داخل منظمومة من كواكب أخرى و كلها مجتمعة لا تساوى سوى نسبة بسييطة جدا من الكيان الأكبر التي تدور حوله و هي الشمس .. اقرب النجوم الينا .. وهذه الشمس بدورها ما هي الا نجمة من بين مئات البلايين من النجوم يدورون حول الكيان الأعظم الذي يشكلونه و هي المجرة .. و لكن هل ماذا تشكل المجرة .. هل هناك كيان اكبر يمكن ان ينشأ عندما ننظر بصورة اكبر للخارج .. في الحقيقة و على الرغم من التباعد الكبير و الشاسع في الفضاء بين المجرات .. الا ان قوى الجاذبية عملت ولا زالت تعمل منذ ازل الزمان على جذب هذه الكيانات العملاقة مع بعضها البعض و تكون عناقيد مجرية تسمى galaxy cluster تتجمع فيها مئات او الاف من المجرات بجانب بعضها البعض على امتداد بعض الملايين من السنين الضوئية .. و عند تحليل هذه المجاميع المجرية .. نلاحظ وجود مجرة ضخمة جدا و اكبر من باقي المجرات تكون في منتصف هذا التجمع يصل الى ١٠ او ٢٠ مره كتلة مجرة درب التبانة باكلمها و تكون باقي المجرات في هذا التجمع في حالة دوران.. في نظام محاكي لكواكب المجموعة الشمسية و هي تدور حول الشمس .. و هذه المجرات الضخمة تكون ناتجة من اندماج مجرات بنفس الحجم او مجرات اصغر على مدار الزمن من بداية الكون الي يومنا هذا و ما بعده من الأيام .. فهي سنة كونية تحركها قوى الجاذبية المتغلغة في نسيج هذا الكون.. تقريبا هذا شرح موجز لبنية لمجرتنا درب التبانة و و جيرانها في هذا الفضاء الكبير .. ارجوا ان تكونوا استمتعتم بهذه الرحلة بين المجرات .. لا تنسون تقييم القناة و كتابة التعليقات حول البودكاست و مشاركة المواضيع التي تحبون الاستماع اليها في الموسم القادم .. فحتى ذلك الحين اتمنالكم السلامة .. ابقوا في منازلكم وابقوا امنين حتى انقضاء هذه المحنة و نلقاكم على خير باذن الله .. الى اللقاء