مجريات أحداث غزوة مؤتة
2003 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الخامس عشر
عبد الرحمن أحمد الأحمد
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
غزوة مؤتة أحداث تاريخية المخطوطات والكتب النادرة
«مؤتة» اسم مكان، يوجد في الأردن حاليا، وقعت فيه إحدى الغزوات النبوية، وكان ذلك في جمادى الأولى من السنة الثامنة للهجرة (629م).
وسببها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد أخذ يكاتب الملوك والحكام داخل الجزيرة العربية وخارجها، يخبرهم أن الله عز وجل بعثه رسولا، ويدعوهم إلى الإسلام.
وكانت بلاد الشام خاضعة للسيادة الرومية (البيزنطية)، وينوب عنهم في حكمها الغساسنة، وهم عرب.
كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم رسالة إلى حاكم بصرى بعثها مع الحارث بن عمير الأزدي، فنزل الحارث مؤتة، وكانت خاضعة لشرحبيل بن عمرو الغساني، فقبض على الحارث وقيده ثم قتله.
فلما بلغ الخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أعد جيشا قوامه ثلاثة آلاف مقاتل، ووجههم إلى مؤتة تحت قيادة زيد بن حارثة، وعهد إليهم إن قتل زيد أن يتولى القيادة بعده جعفر بن أبي طالب، فإن قتل فعبد الله بن رواحة.
علم الإمبراطور البيزنطي هرقل بمسير الجيش النبوي إلى الشام، فأعد جيشا كثيفا، انضمت إليه القبائل العربية الموالية للغساسنة وللروم، ففوجئ المسلمون عندما وصلوا مؤتة بضخامة جيش الأعداء، الذي قدر عدده بمئة ألف.
ومع ذلك قرروا منازلته، وقاتلوا قتالا بطوليا، حتى قتل قوادهم الثلاثة واحدا تلو الآخر، فوجدوا أنفسهم بلا قائد، ثم اتفقت كلمتهم على أن يتولى القيادة خالد بن الوليد.
واصل خالد القتال بمن معه، وقد كان قتالا شرسا لدرجة أنه انكسرت في يد خالد تسعة أسياف، حتى جاء الليل فتوقف القتال.
وقرر خالد أن ينسحب بالمسلمين خوفا عليهم من الفناء أمام جيش يزيد عدده عليهم ثلاثين ضعفا أو أكثر، ولجأ إلى حيلتين: أولاهما أنه أمر المسلمين أن يكثروا النيران ليلا حتى يظن الروم أن عددهم كثير، والثانية أنه غير مواقع فرق الجيش.
فجعل المقدمة مؤخرة، والجناحين وسطا، وهكذا. ونجحت الحيلتان، وظن الروم أن المسلمين جاءهم مدد، وآثروا الانسحاب خاصة وقد رأوا استماتة المسلمين في القتال، واستطاع خالد أن ينسحب بجيشه عائدا إلى المدينة.
وعلى الرغم أن مؤتة لم تكن معركة حاسمة، فقد حققت كثيرا من الأغراض، منها:
1– تحقيق الهيبة للدولة الإسلامية الناشئة.
2- إحراز السمعة والصيت في أرجاء الجزيرة العربية بأن محمدا هاجم الإمبراطورية الرومية في مناطق نفوذها.
3- تحقق الروم وأعوانهم من أن مقاتلة المسلمين ذوو بأس شديد، بما يعني أنه ينبغي عمل حساب للدولة الإسلامية.
4- إذكاء الروح البطولية في المسلمين الذين لم يرضوا بانسحاب الجيش الإسلامي، وسموهم «الفرار»، لولا أن الرسول صلى الله عليه وسلم دافع عنهم وسماهم «الكرار» أي المهاجمين، وأطلق على خالد بن الوليد أنه «سيف الله».
لقد سجلت كتب السيرة، كابن هشام، تفصيلات دقيقة للمواقف البطولية للقواد الثلاثة: زيد، وجعفر، وابن رواحة، يحسن الوقوف عليها في الجزء الأخير من السيرة المذكورة.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]