أحداث تاريخية

مجريات أحداث “معركة حطين”

1997 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الثامن

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

معركة حطين أحداث تاريخية المخطوطات والكتب النادرة

مَعركةُ حطَّين معركةٌ حاسمةٌ، وقَعَتْ في بلدةِ حِطينَ بالقُربِ من بُحيرةِ طبرية في فِلِسطين، بينَ المسلمين بقيادة السُّلطانِ النّاصرِ صلاحِ الدينِ الأيوبيِّ، وبين الصّليبّين الذين أتوْا من مَمالكَ مُختَلِفةٍ من أوروبا.

وَقَعتْ هذه المعركةُ في ربيع الآخر في سنةِ 583 ه ( يوليو سنة 1187م). وقد تلقَّى الصليبيون في هذهِ المَعركةِ هزيمةً كاسحةً على يدِ صلاحِ الدين.

فُتِحَتْ له على أثْرِها أبوابُ فلسطينَ وكان صلاحُ الدين قد نجَحَ، في بسطِ نُفُوذِهِ على مِصرَ والشَّام وأعالي الجزيرةِ الفُراتيّةِ تحتَ قِيادَتِهِ، قبلَ أن يُواجِهَ الصليبّين في حِطِّين.

 

وكان الصليبييون قد جمعوا  من القُواتِ نحوَ خَمسين ألفاً، كما جاءتْهُ الإمداداتُ من سائرِ بلادِهِم السّاحليةِ وحَملوا مَعهم صَليبَ الصَّلبوتٍ، أو الصَّليبَ الأعظم، وهو صليبٌ يُقدِّسونَهُ ويُعِدُّونَهُ من أرفعِ رُموزِهم المقدَّسةِ.

واستعدُّوا استعداداً تاماً لقتال المسلمين إلاّ أنّ صلاحَ الدين وضَعَ خِطةً مُحْكَمةً لاستدراجِهم إلى المكان الذي حَدَدَّهُ هو بنَفْسِهِ في للمعركةِ ، وهوُ مكانٌ يُعرفُ بِرأُس الماء لوفرةِ المياه فيه وفي الوقت الذي يُناسِبُهُ هُوَ.

وتمكَّنَ صلاحُ الدّينِ في يونيو 1187م من حشْد جيشٍ مُؤلَّفٍ من خمسةٍ وعشرينَ ألفَ مُقاتِلٍ وكان المكانُ الذي حددَّدهُ بِدقَّةٍ هو سَهْلُ الأقْحُوانةٍ الذي يقعُ منَ الطّرفِ الجنوبيَّ لِبُحيرةِ طَبَريّة.

 

وبعدَ أن استقرّ صلاحُ الدينِ في هذا المكان أرسلَ قوّةً هاجمتْ طبريةَ فاحتلتها وحاصرتْ قَلْعَتها، ممَّا أثار مُلوك الصليبيّين وأمراءهم وعلى رأسِهم (جانيْ أف لوسينيان)، ورنيولد أف شايتون أو أرناطُ كما تسميهِ المصادرُ الإسلامية واستعدوا لقتال المسلمين واستقرَّ رأيُهُم على التقدُّمِ نحوَ المُسْلِمين.

وهذا ما كان صلاحُ الدين يُخطّطُ لهُ فهو يريدُ أن يجتذِبَهُم إليهِ بعيداً عن مواردِ المياهِ ووسائلِ الأمان، ممّا جَعلَ العَطشَ يشتدُّ بهم حين التحم الفريقان.

وعندما اشتدَّ القتال صبر المسلمون، وتمكّنوا من قتلِ عددٍ كبيرٍ من خُيول الصليبيّين، وكانت الخيول تُشكّلُ قُوةً ضاربةً في ذلك الوقتِ.

 

وهذا قد أضعفَ جانبَ الصليبيين، وسهَّلَ هَزيمَتهُم على يدِ المُسلمين، الذين استنجدوا بالله عندما صاحوا صيحةَ رَجلٍ واحدٍ «الله أكبر، ألله أكبر».

وعندما شعر فريقٌ من الصليبيّين بِقيادةِ ريمون أميرِ طَرابلُس أنْ لا طاقةَ لهم بالصُّمودِ أمامَ صلاح الدَّين قرّروا الفِرار، ممَّا فتَّ في عضُدِ الصليبيّين الذين حاولوا الاعتصامَ فوقَ تلِّ يُعرفُ بتلِّ حِطَّين، لذا سُمِّيَت المعركةُ بمعركةِ حِطِّين.

إلاّ أنّ المسلمين لم  يُمهِلوهم، وحملوا عليهِم حملةَ رَجُلٍ واحدٍ جَعَلَتْهُ يَنْهَزِمونَ هَزيمةً ساحقةً، أخذ على أثرها المسلمون صليبَ الصَّلبوتٍ، ومَلِكَ بيتِ المقْدِس وأخاهُ، وكثيرا من أمراء الصليبيّين أسرى لديهِم.

 

وسيقَ الملكُ وسائرِ الأمراء الأسرى إلى صلاح الدين فأكرمَ ضِيافَتِهم، وسقى ملِكَهُم الماء المثلَّجَ، ولكنه قَتَلَ بيدِه أرناط، وذلك جزاء له على خيانتِهِ للمُسلمين، وقتْلِ الكثيرِ منهُم، لكونِهم السَّبب المُباشرَ لاشتعالِ هذه الحربِ.

وكان من نتيجةِ معركةِ حِطِّين أنِ استولى صلاحُ الدين على المُدن الساحلية شمال وجَنوبَ عكَّا وعَسْقَلان، ثم استولى على بيتِ المقدسٍ في مُنتصف رجب سنة 853ه (2أكتوبر سنة 1187)، ثم على طرابلس وأنطاكيّةَ وسائرِ المُدُنِ الساحليةِ شمالَ صورٍ،  كما استولى على صُور، ثم فتح عكّا.

 

وانتهتُ معركةُ حطين بعقد صُلح الرَّمْلةِ سنة 1192م. على الرغم من أنّ بنود هذا الصّلح كانت في صالح المُسلمين عامل صلاحُ الدينِ الصليبييّن مُعاملةً اتسّمت بروحِ الإسلام الذي يأمرُ أتباعَهُ بالرّأفةِ والرّحمةِ بالمهزومين لِيَعرفوا أنّ الإسلام دينَ الرّحمةِ والإنسانيّة. ولم يفعلْ صلاح الدين بأعدائِهِ كما فَعَلوا هُمْ بالمُسلمين عندما دَخَلوا بيت المقدِسِ.

وهكذا استطاعَ صلاحُ الدين نتجيةً لانتصارهِ، في معركة حطين أن يحرّر العديد من المُدنِ والحُصونِ والقِلاعِ في فلسطين وعلى ساحِلِها، وساحل الشامِ واستردَّ بيتَ المقدس وغيره من المُدُن والمواقع الحَصينةِ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى