مجموعة حقائق حول مجرة “درب التبانة”
1996 نحن والكون
عبد الوهاب سليمان الشراد
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
ويجب أن ندرك هنا حقيقة فلكية ، فلكل المجرات حركه محوريه ، ولا يتجلى الدليل فقط من شكلها الدوامي المميز ، بل إن هناك جوانب أخرى عديدة بجانب الشكل تسند ذلك .
فلو أن مجرتنا لم تكن تدور محورياً ، فإن جميع النجوم ومادة ما بين النجوم سوف تتساقط بإتجاه المركز المجري ، وذلك يشبه تماماً التساقط الحاد الذي ستعاني منه الكواكب السيارة نحو الشمس ، عندما تتوقف بشكل فجائي خلال مساراتها في مداراتها حول الشمس
وبجانب ذلك يجب أن ندرك أيضاً أن الأجزاء المختلفة من المجرة يتحتم أن تدور بسرعات متباينة حسب بعدها عن المركز المجري.
وذلك يماثل تماماً دوران الكواكب حول الشمس فكوكب عطارد Mercury يتحرك في مداره حول الشمس بسرعه عالية تبلغ نحو 47,8 كم/ ثانية.
وهذه السرعة أعلى كثيراً من سرعة كوكب بلوتو Pluto الأبعد ، والتي تبلغ نحو 4,7 كم /ثانية حول الشمس ، ونجد أيضا أن للنجوم والغاز القريبين من المركز المجري سرعات تختلف عن تلك البعيدة عن المركز .
عند افتراض توجيه مرقب راديوي Radio Telescope نحو اتجاه محدد من درب التبانة ، فإن الموجات الراديوية القادمة لن تواجه نسبياً أية إعاقه تذكر من المادة المعتمة التي تظهر في مسارها ، ولن يعاني خط 21 سم القادم من العديد من مناطق الأذرع الحلزونية والواقع باتجاه خط البصر من صعوبة تذكر في بلوغ المرقب.
ولكن يتوجب علينا أن نتذكر أن الأذرع الحلزونية تتحرك بسـرعات مختلفة أيضاً ، وتبعاً لذلك فإن الإشعاع الصادر من الهيدروجين الموجود في الأذرع المختلفة سوف يحيد القيم مختلفة عن الطول الموجي 21,11 سم المعتاد.
ولكي يتضح الوضع يمكن افتراض أن ما نرصده يمثل ثلاثة أذرع Aو B و C تباعاً ، وعليه فإن الذراع A سيكون أقربها إلينا ، وبذلك سوف تتحرك سحب الهيدروجين في A حول مركز المجرة بسرعة تعادل سرعة الشمس تقريباً.
أما بالنسبة لنا فإن هيدروجين A لا يتحرك إطلاقاً ، ومن المستبعد العثور على حيود للأشعة على الطول الموجي المعتاد 21 سم والحال مختلف بالنسبة إلى الذراع C فهو أبعد كثيراً عنا.
والغاز به يتحرك حول المجرة أبطأ كثيراً مما تفعله الشمس ، لذلك فإن إشعاع 21 سم القادم من سحب الهيدروجين الموجودة في الذراع C سوف يحيد فعلياً عن طوله الموجه المعتاد.
أما الإشعاع الصادر عن الذراع B الواقع في منتصف المسافة بين الذراعين فإنه سوف يحيد بمقدار متوسط بين حيوده في الذراعين Aو C .
ويمكن من خلال الرسم البياني تبين ما يرصده الفلكيون الراديويون 21 سم فمن أقرب ذراع حلزوني لنا سوف نستقبل إشارات ضعيفة لها حيودات أكبر في الطول الموجي من الأذرع الأبعد.
وعبر أرصاد واسعة على طول درب التبانة وبجميع النتائج الكلية ، أمكن وضع خارطة راديوية تغطي مناطق شاسعة من مجرتنا .
وأمكن من مقدار إلتفاف الأذرع الحلزونية استنتاج أننا نقع ضمن مجرة من النوع الحلزوني Sb .
لو كان بإمكاننا رصد مجرتنا من بقعة موجهة تبعد بضعة ملايين من السنين الضوئية فلعلها ستبدو مماثلة للمجرة 81 M أو 303 NGC التي تبعد عنا نحو 7 ملايين سنة ضوئية في كوكبة الدب الأكبر Ursa Major
ورغم أن الخرائط المستقاة من خط 21 سم تظهر العديد من التفاصيل المطلوبة ، إلا أننا لن نجد مشقة في إكمال الأرصاد بشكل تام ، وبذلك بإمكاننا بلوغ الصورة النهائية الكاملة المعروفة لمجرتنا التبانة .
وقد دللت الأرصاد على أن مجرتنا تتكون من جزئين أو قسمين أحدهما وهو الجزء الكبير المسطح ، ويعرف القرص Disk وله أذرع حلزونية ملتفة ، وتنتمي معظم نجوم هذا الجزء إلى الأنواع الغنية بالمعادن المتنوعة.
ويشكل الجزء الثاني الهالة Halo الي يمكن تبينها من خلال العناقيد الكرية المنتشرة فيها ، ولها شكل كروي تماماً ، وتنتمي معظم النجوم بها إلى الفقيرة بالمعادن المتنوعة .
وتقع الشمس بين ذراعين حلزونين رئيسين . وعندما نوجه انظارنا في ليالي الصيف باتجاه مركز المجرة . سيبدو لنا ذراع الرامي Sagittarius.
وفي الشتاء سيكون المنظر بعيدا عن المركز ، ويمكننا مشاهدة ذراع فرساوس Persus ولا شك أن كل نجم تقريباً يمكنا مشاهدته بالعين المجردة هو في الواقع قريب نسبياً من الشمس ويتواجد في المنطقة الواقعة بين الأذرع الحلزونية الرئيسية.
كما أن جميع النجوم اللامعة التي تتشكل منها الكوكبات النجمية تقع في مناطق قريبة من الشمس . .
ومن المعروف أن النجوم التي يمكننا رصدها في سماء صافية لا تشكل سوى جزءٍ يسير جداً من مجموع كل النجوم في مجرتنا التبانة ، وذلك لأن معظم أجزاء المجرة يحجبها عن أرصادنا الغاز والغبار الكونيان .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]