مخاطر انتهاج المحاصيل المهندسة وراثياً لدى المزارعون
2014 البذور والعلم والصراع
أبي ج . كينشي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
في هذا الكتاب، أُحلّل كيفية تفاعل نشطاء مناهضة التكنولوجيا الحيوية مع المؤسسات التي تتحكم في المحاصيل المهندسة وراثياً ويشاركون فيها ويتحدونها.
ومن خلال النظر في الجدل حول نوعين مختلفين من المحاصيل في بلدين مختلفين، استقصي استراتيجيات حركات اجتماعية مختلفة لغرض حماية ممارسات الزراعة البديلة من تلوثات [المحاصيل] المهندسة وراثياً.
فهذه الأحداث الخلافية لا تكشف مدى العلمائية في سياسة التكنولوجيا الحيوية في بلدان وسياقات مؤسسات مختلفة فحسب، بل إنها تكشف أيضاً احتمالات نهوض الحركات الاجتماعية ببدائل أخرى لتقييم المخاطر الآتية من التكنولوجيا الجديدة.
والحالة الأولى المكسيكية يدور جدلها حول زراعة الذرة المهندسة وراثياً منذُ أواخر تسعينات القرن الماضي.
والحالة الثانية الكندية، المتعلّقة بتلوّث محاصيل الكانولا [التقليدية] مع المهندسة وراثياً منها، هو ما أثار صراعيين قانونيين لسابقةٍ حرص فيها كلٌّ من المزارعين والنشطاء في مجال البيئة على تفعيلها ضد صناعة التكنولوجيا الحيوية.
لقد احتجت المجتمعات الريفية والنشطاء في مجال البيئة في المكسيك بقوة، حين تأكّد العثور على أصناف من الذرة المنتجة محلياً ملوثة مع الأصناف المهندسة وراثياً المستوردة من الولايات المتحدة الأميركية.
فقد عُبّأت شبكة عابرة للحدود من النشطاء لاحتجاج على استيراد الذرة المهندسة وراثياً، وطالبت بحماية الذرة المكسيكية المحلية. حيث شارك في تلك الشبكة محتجّون من فئات متعددة المشارب، منها المنظمات الإقليمية الريفية، والمنظمات البيئية التي تتخذ من مدينة مكسيكو مقرّاً لها، ومنظمات دولية غير حكومية دولية، ومجموعة عالمية متنوّعة تضمّ مثقفين وعلميين ملتزمين.
وعليه، فلوصف مضمون الصراع الذي كان على المحك في المكسيك حول الذرة المهندسة وراثياً، تلخّص العلميّة الجغرافيّة كاثلين ماكافي (Kathleen McAfee) (2003, 18) مراقبة تلك الصراعات، هذه القضايا بالطريقة الآتية:
إن المخاطر المحتملة الناجمة من خلال سفر تلك الجينات المحورة ليست مفهمومة بصورة جيدة، ولكن هناك أسباب علمية مقنعة للقلق بخصوص تلك المخاطر وتأثيراتها في التنوّع الحيوي الزراعي والنظم البيئية الزراعية (Agro-Ecosystems).
ومع ذلك فإن أكثر الأمور إثارة للقلق من المحتمل أن تكون هي العواقب – التي تمتدّ لتصل الأمن الغذائي المحلي، والحفاظ على الثقافة، والسيادة الوطنية الاقتصادية- على الملكية الخاصة للموارد الوراثية الخاصة بالمحاصيل الأساسية، والتأثير في السياسة التجارية، والبحوث الزراعية، وسوق البذور والأغذية، وخيارات نظام الزراعة لدول قليلة إلا أنها قوية ولشركات عابرة للحدود (18).
لقد واجه المزارعون الممارسون للزراعة العضوية والتقليدية في كندا عواقب قانونية واقتصادية حين تمكّنت الكانولا المهندسة وراثياً من اختراق مزارعهم.
ففي حالة بارزة جداً، ادّعت شركة مونسانتو للتكنولوجيا الحيوية (Monsanto) قضائياً على مزارع الكانولا في ساسكاتشوان لزراعته الكانولا (Saskatchewan Canola) المشمولة ببراءة الاختراع المعدّلة لمقاومة مبيدات الأعشاب الضارة، التي وصلت إلى حقوله من خلال التلاقح.
وفي قضية منفصلة أخرى، سعى تحالف من المزارعين الممارسين للزراعة العضوية على متابعة دعوى قضائية جماعية على شركة مونسانتو وشركة أفنتيس (Avantis)، نيابة عن 5001 مزارع للكانولا الساسكاتشوانية العضوية المعتمدة بشهادة إنتاجية، مدعين أن كلتا الشركتين قد أقدمتا بدراية ومعرفة على إطلاق تلوّث بيئي، نتيجة لتسويقهما الكانولا المهندسة وراثياً.
[وتعليقاً على ذلك] يقول العالم القانوني مارتن فيليبسون (Martin Phillipson) إن الحالتين مرتبطتان ببعضهما ارتباطاً وثيقاً، وإن القرار في الحالة الأولى، كما يلاحظ فيليبسون (Phillipson 2001) "قدم إدلة كافية حول مصفوفة الحقوق القانونية التي تتمتع بها الشركات التكنولوجيا الحيوية الزراعية متوافقة مع اتفاقات استخدام التكنولوجيات (Technology Use Agreements: TUAs).
ومع ذلك فإن القرار لم يعالج قضية الطبيعة الأساسية للحقوق القانونية الناتجة عنه: الالتزامات القانونية (Legal Obligations)" التي كانت هي موضوع الحالة الثانية. ففي كلتا الحالتين كان المزارعون وحلفاؤهم المناهضون لتكنولوجيا الزراعة الحيوية يتصارعون في المحاكم حول الصناعة التكنولوجيا الحيوية ووضعها القانوني والاجتماعي والعواقب التي ستنتج من المواد المهندسة وراثياً ومؤثراتها في البيئة.
ليست هذه الدراسة الأولى التي تبحث بشكل مقارن في سياسة التكنولوجيا الحيوية. فقد كان هناك الكثير من الأبحاث في الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأميركية، التي حقّقت في تجارب متباينة تتعلق بالمحاصيل المهندسة وراثياً(Bernauer 2003; Jasanoff 2005; Prakash and Kollman 2003; Murphy and Levidow 2006).
إذ يعتبر كلّ من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية من أقوى اللاعبين في السياسة الدولية المتعلقة بالمحاصيل المهندسة وراثياً، وهو ما جعل هذا الأمر يسترعي انتباههم بصورة ملفتة. ومع ذلك، فإن هذه الدراسة تلقي الضوء على [حقوق ومعاناة] المزارعين والمجتمعات الريفية في البلدان التي تكون فيها حوكمة انتهاج زراعة المحاصيل المهندسة وراثياً أقل تدقيقاً وفهماً على نطاق واسع.
وعليه فهذا التحليل سيختلف عن دراسات المقارنة الأخرى حول وضع السياسات للتكنولوجيا الحيوية في ناحيتين أخريين.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]