مدى قبول مخرجات الحاسب الإلكتروني في الاثبات
1995 الحاسوب والقانون
الدكتور محمد المرسي زهرة
KFAS
مخرجات الحاسب الإلكتروني العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة
استعرضنا ، فيما سبق ، عناصر الدليل الكتابي الكامل . ووضحنا – أيضاً – مدى استجابة مخرجات الحاسب الإلكتروني لهذه العناصر .
وانتهينا ، إلى أن مخرجات الحاسب الإلكتروني لا تتكيف بسهولة مع العناصر التقليدية للدليل الكتابي الكامل ، خصوصاً فكرة التوقيع .
والنتيجة القانونية لهذا التحليل هي صعوبة قبول مخرجات الحاسب الإلكتروني في إثبات ما يجب إثباته بالكتابة .
أي في الأعمال المدنية (والأعمال المختلطة بالنسبة للطرف الذي يُعد العمل بالنسبة له مديناً) أما بالنسبة للأعمال التجارية ، حيث يسود مبدأ الإثبات الحر ، فيتوقف قبول مخرجات الحاسب في الإثبات على مدى اقتناع القاضي بها .
لكن هذه النتيجة المنطقية لمتطلبات القانون تتعارض – دون شك – مع متطلبات الواقع ، خصوصاً بعد الانتشار الهائل للحاسب الإلكتروني في كافة المجالات : البنوك ، الشركات ، الإدارات … إلخ . وبذلك نكون أمام أحد احتمالين : إما أن نُضحي كلية بهذه الاعتبارات العملية والاقتصادية من أجل التمسك بحرفية بعض القواعد القانونية التي لم تأخذ في اعتبارها، حينما صدرت ، مثل هذا التطور العلمي الهائل.
وإما أن نحاول تفسير هذه القواعد تفسيراً مرناً يستطيع أن يستوعب ، ولو جزئياً ، بعض مظاهر إدخال الحاسب الإلكتروني في حياتنا العملية ، ومنها تداول مخرجات الحاسب بين الأفراد . فالحاسب الإلكتروني أصبح – شئنا أم لم نشأ – حقيقة واقعة كثيراً ما نجدها في قطاعات الحياة المختلفة .
وقد يؤدي تجاهل هذه "الظاهرة" إلى نتائج عملية خطيرة ، إذا أنكرنا ، ببساطة ، كل حجية لمخرجات الحاسب في الإثبات ، انتظاراً لصدور قانون جديد ، قد يتأخر كثيراً ، لتنظيم حجية هذه المخرجات في الإثبات .
ولا شك في أن القول – ببساطة – بعدم قبول مخرجات الحاسب في الإثبات هو الطريق الأسهل ، لكنه ، في اعتقادنا ، ليس الطريق الصحيح .
فالحاسب أصبح ، كما قلنا ، حقيقة واقعة يجب – من ثم – التكيف معها وعدم لفظها كلية . لكن ذلك لا يجب – بداهة – أن يكون على حساب المبادئ الأساسية في الإثبات .
وإذا لم يكن من المقبول – قانوناً – اعتبار مخرجات الحاسب دليلاً كتابياً كاملاً ، فليس من المعقول – بنفس الدرجة – أن نرفض كل حجية لها في الإثبات .
ومن ثم يجب – في نظرنا – استبعاد نظام الكل أو لا شيء tout ou rien. والطريق الذي نُفضله هو الذي يوازن – قدر الإمكان – بين متطلبات الواقع من ناحية ، ومتطلبات القانون من ناحية أخرى . فهو إذن طريق وسط ، قد يصعب – أحياناً – تحديد معالمه ، لكنه الطريق الوحيد القادر على التوفيق بين المصالح المتعارضة .
ونظراً لأهمية الحاسب الإلكتروني في حياتنا العملية ، ولأن حجية مخرجاته ما زالت محل شك ، فقد سارع المشرع في بعض الدول إلى تنظيم هذا الموضوع بنصوص خاصة ، كما أن قطاعات كثيرة قد نظمته باتفاقات خاصة أضفت على مخرجات الحاسب حجية في الإثبات .
وقبل أن نعرض للوضع في بعض الدول التي نظمت حجية مخرجات الحاسب بنصوص خاصة ، وأيضاً قبل أن نحدد حدود اتفاق الإثبات ومدى صحته ، نحاول أن نحدد – بداءة – وضع هذه المخرجات في ضوء القواعد العامة للإثبات .
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]