الطب

مراحل تخزين المعلومات لدى الإنسان وأنواع الذاكرة المتواجدة لديه

1999 موسوعة الكويت العلمية الجزء العاشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

أنواع ذاكرة الإنسان مراحل تخزين المعلومات لدى الإنسان الطب

الذَّاكِرَةُ هي عمليَّة تخْزينِ المعْلوماتِ والاحْتِفاظِ بِها واسْتِدْعائِها.

ويرى علماءُ النَّفْسِ أَنَّ مُخَّ الإِنْسانِ يقومُ بتناولِ المَعْلوماتِ ومُعالجِتها، وقَسَّمُوا ذلك في ثلاثِ مراحِلَ هي:

المرحلة الأولى: هي التَّرْميزُ، أيْ تحْويلُ المعْلوماتِ إلى رُموزٍ يَسْهُلُ تخْزِينُها في المُخِّ.

والمرْحلةُ الثانيةُ: هي التَّخْزينُ، أيْ تخْزِينُ المعْلوماتِ الّتي تَّمّ تحْويلُها إلى رموزٍ حتى يحتفظِ بها المُخُّ. والمرحلةُ الثالثةُ: الاسْتِدْعاء وهي عمليَّةُ تَذكُّرِ هذه المعلوماتِ عِنْدَ الحاجةِ إليها.

 

ومن حيثُ المدةُ التي يستطيعُ فيها الإنسانُ تَذكُّرِ المعلوماتِ. قُسِّمتْ الذاكرةُ إلى نَوْعين: الذاكرةُ قصيرةُ المدى: ويقصدُ بها النِّظامُ الذي يُسْتَخْدَمُ لتذكُّرِ المعْلوماتِ التي نستعمِلُها، مِثْلَ رَقْمِ الهاتفِ الذي نطلبُهُ الآنَ، وهذا النَّوعُ له خصائِصُه المحدَّدةُ الواضحةُ.

والذَّاكِرةُ قصيرةُ المدى محْدودةٌ في قُدْرتها على التَّخْزينِ، فمعْظَمُ النَّاسِ يمكِنُ أنْ يُعيدوا بنجاحٍ سبْعةَ أو ثمانيةَ أرْقامٍ لرَقْمِ هاتفٍ معيَّنِ، ولكنْ لا يستطيعون إعادةَ عشرةِ أو أحدَ عَشَر رَقْماً.

والذَّاكِرةُ قصيرة المدَى تقومُ على الاسْتِرجاعِ الْفورِيِّ للمعْلوماتِ التي تَمَّ تَخْزِيْنًها مباشرةً، أي بَعْدَ فَتْرةٍ قصيرةٍ من اكْتِسابها.

 

والنوعُ الثاني هو: الذَّاكرةُ طَويلةُ المَدَى. وعنْدما يتحدَّثُ الناسُ عن الذَّاكرةِ فُهُمْ عادةً ما يقْصِدُون هذا النَّوْعَ من الذَّاكرة.

فالْمعلوماتُ التي يستمرُّ احتفاظُ الفرْدِ بها، وتكونُ لديْهِ القدرةُ على اسْتِدعائها بعد فترةٍ طويلةٍ، عِدَّةِ أيامٍ أو شُهورٍ أو سَنَواتٍ، تُخَزَّنُ في هذه الحالة في الذَّاكرةِ طويلةِ الْمَدَى.

والخِبْراتُ التي من هذا النَّوْع ترتبطُ عادةً بمشاعِرِنا، ومُيولِنا واتّجاهاتِنا، ومعلوماتِنا العلْميةِ والعامَّةِ.

 

ولقد برْهنَتْ البحوثُ العلميَّةُ عن الذَّاكرةِ طويلةِ الْمَدَى منذ السِّتينات من هذا القرْن على دَوْرِ المُتعلِّم كمنظِّمٍ فَعَّالٍ للمادَّةِ التي يدْرِسُها.

فعلى سبيلِ المثالِ إذا كان الفَرْدُ يتعلَّمُ قائمةً من الكلمات التي قدْ تشتملُ على عَددٍ من أسْماءِ الحيواناتَ، فإنَّه يميلُ إلى ان يَسْتدعيَ أسماءَ الحيواناتِ في تجمُّع أوْ كمجموعةٍ، حتى لَوْ سَمِعَها مُبعْثرةً في القائمةِ.

وهذا يجْعلُ عُلماءَ النَّفْس يفْترِضون أنَّ المتعلِّمَ يحاوِلَ بإيجابيةٍ أن يضيفَ بعضَ صُور التَّنظيم على المادّة التي يتعلمُّها حتى مع القائمةِ التي تَحْتوي على كلماتٍ لا صلَة بيْنها.

 

وهذا يعني أنَّ التنظيمَ يُؤدِّي إلى التَّعلُّم ويَجْعلُه أيْسر. وكُلَّما كان نظامُ التنظيم لِبُنودِ المعلوماتِ في الذاكرةِ جيِّداً، كان تذكُّرُ المعْلوماتِ أسْهَلَ.

كذلك يتأثَّرُ مقدارُ تذكُّرِ المادّةِ المتعلَّمَةِ أو المُخزَّنةِ بكثيرٍ من العواملِ، منها مَعْنَى المادّةِ التي يتعلَّمُها الفرْد، فالإنسانُ يتذكَّرُ المادةَ ذاتَ المعْنى – أي التي يفهمُها – أكثرَ وأسهلَ مِمَّا يتذكرُ المادةَ عديمةَ المعنى.

وكُلَّما زادَ تَكرارُ المادَّةِ المتعلَّمةِ كان مِقدارُ التذكُّرِ أكْبر. كذلك اتَّضحَ للعلماءِ أنه من العواملِ التي تساعِدُ على التذكُّر: رَغباتُ الفرْدِ ودوافِعُه ومُيولُه وتهيُّؤُه العقْلي.

 

فالفردُ يكون أقدرَ على تذكُّر المعلوماتِ والمواقفِ التي تَتَّفِقُ مع رغباتِهِ ودوافعهِ ومُيوله، والتي يكونُ قد تهيأ عقْليًّا لتعلُّمها.

وقد اهتَمَّ علماءُ النفسِ بقياسِ مقدارِ الاحْتِفاظِ بالمادَّةِ التي سبَقَ أن تعلَّمَها الفرد واسْتخْدَموا في ذلك ثلاثَ طرقٍ: الاستدعاءَ، والتعرُّفَ، وإعادةَ التَّعلّم.

والنِّسيانُ هو العملية التي من خِلالها تُصْبِحُ المعلوماتُ التي في الذّاكرة صَعْبَةَ الاسْتِرجاع، إمّا لأَنَّ المعلوماتِ لم تَعُدْ مخزَّنةً المُخِّ، أو مُخَزَّنةٍ ولكن لا يمكن في هذا الوقتِ اسْترجاعُها بسببِ عوامِلَ متعددةٍ.

 

وقد يزْداد النِّسيانُ بالتًّداخُلِ مع موادَّ أخرى تَمَّ تعلُّمُها من قبْلُ أو يتعلَّمُها الفردُ بعْدَ المادة التي يريدُ تذكُّرَها. وفي كِلْتا الحالتينْ يزْداد مِقدرُ النِّسيانِ بمقدارِ المادَّةِ المتداخِلةِ ومدى تشابُهِها بالمادة التي يُرَادُ تذكُّرُها.

فَعلى سبيل المِثالِ لَوْ أنَّ طاهياً يحاوِلُ تذكُّرَ وصْفةَ طهيَ الحِساءِ، فسوْفَ يكونُ التذكُّرُ أصْعَبَ إذا كانتِ الوَصْفَةُ واحدةً مِنْ سِتَّةِ وصْفاتٍ للحساءِ قَرَأَها لِتوِّه.

أمَّا إذا كان قَدْ قرأَها مع مقدارٍ مماثلٍ من المعلومات ولكنْ في موضوعٍ مختلفٍ مثل صباغةِ السيّارات، فإنَّ ذلك سوْفَ يَجْعل الطاهِيَ يتذَّكَرُ وصْفةَ الحِساءِ بطريقةٍ أسهل.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى