الطب

مرض البروسيللا وتأثيره السلبي على الحيوانات

1995 أمراض لها تاريخ

حسن فريد أبو غزالة

KFAS

مرض البروسيللا الطب

في أثناء هذه المرحلة كشف طبيب دانماركي اسمه "بانج" Bang سبب إجهاض الأبقار الدنماركية المشهورة الذي كان يهدد ثروة الدانمارك، فإذا به ميكروب على شكل عصيات يقبع ما بين جدران ارحام الأبقار والكيس الجنيني، لذلك سماه "عصيات البروسيللا" وقد سمى المرض باسم مرض بانج Bang diseas.

كان ذلك عقب اكتشاف "بروس" لميكروبات الحمى المالطية بثماني سنوات أي أنه كان عام 1895، ولكن أحداً لم يلحظ الشبه بين هذا وذاك لاعتقاد "بروس" إنها مكورات فيما رآها "بانج" على هيئة عصيات إلى أن نشرت باحثة اسمها إيفانز Evans عام 1917 أن ما ظنوه مرضيين إنما هو في الواقع صورتان مرضيتان لميكروب واحد، وإنه على هيئة عصيات وليس مكورات كما توهم "بروس" من قبل.

ولقد عمل على التحقق من دعوى "إيفانز" طبيب آخر اسمه "بيفان" فوجد في دعوة الدكتور "إيفانز" صوابا، لهذا سميت الأولى "البروسيللا المالطية" فيما سميت الثانية باسم "البروسيللا المجهضة “Brucella melitensis – Brucella abortus”.

 

في أثناء ذلك لاحظ طبيب أميركي من ولاية "انديانا" كثرة إجهاض الخنازير في ولايته، ولما فحص أجنتها وجد بها ميكروبات تشبه البروسيللا فطلع على الوسط الطبي باكتشافه عام 1914 عن أسباب إجهاض الخنازير، وعزا ذلك إلى ميكروبات "بروسيللا الخنازير" على وهم أنه فصيل ثالث من الميكروبات، فيما ثبت بعد ذلك إنه سلالة أخرى وإنها جميعاً تنتمي إلى الاسرة نفسها.

ثم كشفوا فيما بعد أن للبروسيللا سلالات أخرى أيضاً منها بروسيللا الكلاب ومنها بروسيللا البيض وليس فيها خطر على الإنسان ولا تعديه، ثم انكب العلماء على دراسة مرض البروسيللا وطبيعته، فكشفوا أن أهم الأسباب هو شرب الحليب دون غلي أو تعقيم أو بسترة. 

كما أن اللمس واحد من أسبابه الأخرى، لهذا فالمرض يشيع، بل أن العدوى قد تصل عن طريق التنفس، فالميكروبات تتطاير في الهوءا مع الغبار ولكنه لم يعهد بأن إنساناً مريضاً قد نقل عدواه إلى إنسان آخر سليم.

 

هذا إلى أنه مرض منهك حقاً، يتميز بالحمى والآلام في المفاصل والعرق الغزير، ولكنه ليس بقاتل إلا في حدود ضيقة لا تتجاوز اثنين بالمائة من المرضى فقط، على أي حال استئثار مالطة باسم المرض فيه تجاوز على الحقيقة لأن المرض قد ثبت انتشاره في كثير من البلدان في العالم، وخاصة بلدان ما حول البحر الأبيض المتوسط، ولهذا يحلو لبعضهم أن يسميه بحمى البحر الأبيض المتوسط.

وهو حقا مرض منهك مزمن قد يدوم أسابيع أو شهوراً أو ربما سنوات. 

وكذلك فإن مدة حضانته وهي المدة التي تمضي دخول الجراثيم إلى الجسم وظهور الأعراض عليه فهي تمتد ما بين أسبوع إلى ثلاثة أسابيع في المتوسط، ولكنها قد تطول شهوراً أو سنوات، إلا أن علاجها ليس بالأمر المستعصي حالياً على الطبيب إذا تبين حقيقة المرض ووصل إلى تشخيص دقيق له.

 

لقد كان غريباً على أطباء الماضي أن يلاحظوا أن العدوى تشيع بين الرجال أكثر مما تشيع بين النساء، ولعل هذا ما أضفى على المرض غموضاً ساهم في إخفاء حقيقتهن ولكن الرجال هم الأكثر اختلاطاً بالأغنام المريضة من رعي وذبح وهم كذلك الأكثرية العاملة في رعاية الأبقار، لهذا اعتبروا المرض مرضاً مهنياً ترتبط عدواه بمهنة الرعاة والقصابين والأطباء البيطريين وهكذا.

ولكن يبقى حليب الماعز الطازج غير المعقم هو سر عدواه الأول والأهم.

قبل ذلك لم يكن لأحد أن يتصور أن الحليب الطازج المحلوب أمام عيني شاربه قد يحمل معه الحمى المرعبة!.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى