الطب

مرض السرطان

2004 في بيولوجية الإنسان والتربية الصحية

ضياء الدين محمد مطاوع

KFAS

مرض السرطان الطب

من المعروف أن السرطان مرض خطير يهابه كل الناس، وله أنواع تصيب كل أجزاء الجسم، وهناك أنواع متعددة للسرطان يتباين انتشارها بتباين الأفراد والمجتمعات.

ويوجد الورم السرطاني الخبيث Malignant Tumor الذي ينتشر عبر الجسم، والورم الحميد Benigr Tumor الذي لا ينتشر.

وترتيب أنواع السرطان المنتشر في أمريكا: هو: سرطان الثدي، يليه سرطان عنق الرحم. 

وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن النساء اللاتي يعملن عمليات تجميل الثدي مهددات بهذا السرطان لتسرب مادة السيليكون الهلامية في الجسم، أما النوع الآخر الأكثر انتشاراً فهو سرطان عنق الرحم. 

وهذا السرطان يحدث لتعدد ماء الرجال في رحم واحد، ولا سيما لدى محترفات البغاء في سن الأربعين، ولذلك فهو ينتشر بينهن، نظراً لانهيار أخلاقهن وبعدهن عن العفة.  وهذا النوع من السرطان يكاد يكون منعدماً في الدول الإسلامية.

ويحتل السرطان المركز الثاني في قائمة مسببات الوفاة في الولايات المتحدة، والسيطرة عليه أمل جميع الناس. 

وتوحي النظرة السطحية بأن القضاء على السرطان مشكلة علمية وطيبة، ولكن الفحص الدقيق بين أن كثرة الإصابات بالسرطان تساهم فيه عوامل، منها: سلوكية واقتصادية واجتماعية وسياسية.

 

وكلمة "سرطان" Cancer كلمة مخيفة يخشى عواقبها الناس أكثر من خشيتهم أي مرض آخر.  والسرطان ببساطة هو جنون خلوي يصيب بعض الخلايا لأسباب متعددة، يؤدي إلى فقد أنويتها السيطرة على عملياتها الحيوية ولا سيما عملية الانقسام، فتنقسم انقسامات متتالية (غير هادفة) إلى خلايا متراكمة في مجموعة أو على هيئة مستعمرة مسببة تورم النسيج الذي توجد فيه.  ويتباين نمو سرطانات الأنسجة المختلفة.

وتخضع خلايا أجسامنا إلى عوامل سيطرة تحد من تأثير الخلايا السرطانية، أهمها: عدم غزو خلايا نسيج معين لخلايا نسيج آخر. 

فبطريقة ما توجد حدود بين الأنواع المختلفة من الخلايا تحترمها وتحافظ عليها. وما هو مهم أيضاً محافظة الخلية على سرعة الانقسام المطلوبة منها. 

فالخلايا في الطبقات السفلي من الجلد لا بد من أن تنقسم بسرعة كافية لاستبدال خلايا الجلد الميتة والمتساقطة.

إن ثمة تساؤلات عديدة أثيرت حول الأسباب التي حالت دون اكتشاف علاج عام وشاف للسرطان حتى وقتنا الراهن.  فعلى قمة تلك الأسباب تتربع طبيعة السرطان البيولوجية. 

 

ويتفق العلماء على أن السرطان يبدأ بخلية تتغير وتتكاثر متغلبة على الخلايا الطبيعية، وتكون كتلة خلوية كبيرة. 

وهذه القدرة على النمو قدرة غير محدودة. والسبب الثاني هو افتقاد السرطان إلى النظامية في نشأته ومساره.

فعدم النظمية تجعل من السرطان مرضاً يختلف عن معظم الأمراض الأخرى.  ففي الإمكان علاج معظم الأمراض، إما بقتل العامل المسبب (كما في الأمراض الميكروبية) أو بتعويض نواحي النقص في وظائف الخلايا (مثل إعطاء الأنسولين لمرضى السكري). 

أما في السرطان، فإن الخلية المتغيرة هي ذاتها المرض، وتقتضي محاربتها استعادة طبيعة الخلية، أو قتلها بالذات دون المساس بالخلايا السليمة.  وليس بوسعنا استرجاع حالة الخلية السرطانية إلى وضعها الطبيعي الأصلي، نظراً لعدم كفاية معرفتنا بعملية التنظيم الخلوي بعد.

ولهذا كان قتل الخلايا السرطانية هو هدف البرامج الكبيرة للعلاج بالعقاقير، ولكن ذلك لم يلق سوى نجاح محدود، لأن الخلايا السرطانية شديدة الشبه بالخلايا نشطة التكاثر في الجسم، مثل خلايا الدم والأمعاء.

وإذا كنا غير قادرين بعد على ابتكار وسائل لعلاج السرطان بعد حدوثه فعلياً، فإننا مطالبون بالمزيد من الجهد لتجنب الإصابة به. 

 

فالوقاية من السرطان أمل منشود من الوجهة النظرية، لأن الأسباب الحقيقية للسرطان أصبحت معروفة.  ولكن هناك – من الناحية العملية – صعوبات ضخمة تحول دون تحقيق هذا الأمل.

إن لدينا معروف كبيرة بأسباب سرطانات معينة، تنشأ ظروف خاصة، ولكن الأسباب الحقيقية لسرطانات كثيرة أخرى ما زالت غير معلومة بعد، وقد نصفها أحياناً بأنها تلقائية.  ولكننا نستطيع أن ننقب في الاسباب المعروفة، لنستنتج الاسباب المحتملة للسرطانات التلقائية.

ويعد تعرض الشخص للكيماويات والإشعاعات والفيروسات، أو لعيوب وراثية جينية، من الأسباب المعرفة للسرطان.  ولقد عرفت الكيماويات كأحد أسباب السرطان منذ قرنين من الزمن، فسرطان كيس الخصية مثلاً عُرف على أنه مرض مهني يصيب عمال تنظيف المداخن في بريطانيا، وعرف العامل المسبب له (فيما بعد) بأنه من محتويات القار الموجود في دخان تلك المداخن.

وتتسبب الإشعاعات النووية المؤينة في الإصابة بسرطان الدم (اللوكيميا)، كما تسبب الأشعة الكونية فوق البنفسجية الإصابة بسرطان الجلد لدى الذين يتعرضون لأشعة الشمس الملهبة.

وتوجد دلائل تجريبية على وجود علاقة إيجابية بين بعض الإصابات الفيروسية وبين الإصابة بالسرطان.

 

وما زالت هناك أسباب غير معلومة تكمن خلف الإصابة بالسرطان.  وسوف تؤدي معرفتها إلى خفض نسب الإصابة بالمرض بدرجة كبيرة.

إننا نواجه عقبات خطرة من جراء انتشار الكيماويات المسببة للسرطان، وتكمن المشكلة في أنها أصبحت منتشرة بنوعيات ونسب كبيرة في بيئتنا.  ففي كل عام تُبتكر وتنتج آلاف الكيماويات الجديدة لأغراض مختلفة. 

وقد يسبب جزء كبير منها الإصابة بالسرطان.  ونظراً لمحدودية بدائل الاختيار، فإن كثيراً منها تصل إلى الأسواق، وبعد مضي سنوات قد تسحب منها مرة أخرى، عندما يتبين أنها تعرض الناس للسرطان، وقد لا تسحب ويستمر تداولها.

وتعد مادة "أسيتيامينوفلورين" من أبرز أمثلة المواد الصناعية المسببة للسرطان وأكثرها فعالية.  وقد أنتجت ضمن مكونات مبيدات الحشرات.  وهذا المركب لم يصل إلى السوق لأن تأثيره السرطاني اكتشف في الوقت المناسب.

وفي اختبارات حديثة لمنتجات كيماوية جديدة، تبين أن من بين كل مئة وعشرني مستحضراً كيميائياً – بما في ذلك مبيدات حشرية وزراعية – يوجد (11) مستحضراً سبب فعلياً السرطان لنوعين من الفئران، وعشرون مستحضراً أسفرت عن نتائج غير مؤكدة وتحتاج إلى اختبارات جديدة.

وثمة علاقة وثيقة بين السرطان والتلوث البيئي، مما يشير إلى تغلغل الكيماويات المسرطنة في النظم البيئية. 

 

لذلك تزداد حالات سرطان الرئة لدى غير المدخنين في المدن عنها في الريف، وكذلك ترتفع نسبة سرطان المثانة بمقدار ثلاثة أضعاف بين سكان دلتا نهر المسيسيبين حيث ماء الشرب شديد التلوث. 

وثمة عقبات أخرى تواجه الإقلال من التعرض للكيماويات المسببة للسرطان، وهي عقبات ثقافية، تتمثل في عادات الأكل والتدخين، وهي عادات ذات جذور عميقة في بعض المجتمعات. 

فأعلى معدلات انتشار سرطان الكبد في افريقيا، وسرطان المعدة في إيرلندا واسكندناوه واليابان، وذلك نتيجة كثرة تناول الأطعمة المسببة للسرطان.

ولكي تُستأصل مسببات السرطان، يجب استبعاد مسبباته.  وعندما يتم تحديد مسبباته بوضوح فقد يواجه تجنبها صعوبات معوقات كثيرة، نظراً لتعارض ذلك مع مصالح المصنعين، أو العادات السيئة لدى بعض الناس. 

فصناع الكيماويات يعدون نشاطهم التصنيعي من صميم حقوقهم، ويقل اكتراثهم بالتبعات الصحية الناجمة عن تداول منتجاتهم.

 

ويتضح التصارع بين الرغبة في الحد في انتشار السرطان بمحاربة صناعة التبغ والسجائر، وبين بعض الرغبات الشخصية للمصنعين والمستهلكين، فلم تلق حملات التوعية المؤكدة لعلاقة التدخين بالسرطان سوى استجابات محدودة للغاية. 

وهكذا تستمر النسبة العالية لسرطان الرئة – الناتج عن تدخين التبغ – نتيجة مجموعة من العوامل منها: المقاومة الشديدة من جهة صناعة التبغن وعادة التدخين لدى المدخنين.

وقد يكون إهمال خطر السرطان بسبب التدخين ناجماً عن عدة عوامل، لعل أحدها طول المدة اللازمة لحدوث السرطان في التدخين، مما يجعل من الصعب على الشخص العادي اكتشاف العلاقة بين التدخين والسرطان من وجهة نظره الشخصية.

ومن المتوقع أن تكون الوقاية من السرطان أسهل منها في الحالات السرطانية الناتجة عن الفيروسات، وذلك بوضع برامج للتطعيم، كما في شلل الأطفال أو الحصبة.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى