مستويات للفشل في الطبيعة . لنسامح التصميم تفهم الفشل
2014 لنسامح التصميم
هنري بيتروكسكي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
التكنولوجيا والعلوم التطبيقية الهندسة
اعتمدت الحضارة المادية، كما نعرفها منذ زمن طويل، على وجود نقاط للكسر، ومستويات للفشل في الطبيعة، وتكوين ونحت شظايا الحجر من خلال التكسير والضغط والتكسير الحراري وفّرت لنا الأدوات الأولى والأسلحة والحجارة لبناء النُصب والهياكل الأخرى. فهشاشة التربة وقصامة (تقصّف، تفتّت) الصخر سمحتا للزراعة والمناجم الأولى أن تتطوّر. فكل ما في الطبيعة، لحسن الحظّ، له نقطة انكسار. أقسى أنواع الماس يمكن أن يخضع، كما نعتقد، للشطر والتجميل. الذرّة كما يستدلّ عليها من اسمها كان يُعتقد أنه لا يمكن شطرها. بانشطار أو تكسير الذرة أُطلق للاستخدام مصدرٌ جديد للطاقة، وفي كثير من الحالات، لصالح البشرية. هل يستطيع أحد اليوم، بثقة أعلى من ديموقراطس (Democritus)، أن يحدّد الفهم النهائي والاستخدام، أو سوءه، لجسيمات ما دون الذرة؟
المعروف أيضاً أن الطبيعة النشطة تُسخِّر الفشل لأغراض حميدة. فالعناكب الاستوائية من جنس باسيلوبس (Pasilobus) تقوم بصنع أنسجة عنكبوتية أفقية بتصميم مثلّثي مع خيوط لزجة تتدلّى ما بين الخطوط الشعاعية للنسيج. فعندما تلامس العِثَّة، أو أية حشرة أخرى، أحد هذه الخيوط اللزجة تقطع الخيط قرب إحدى نهايتيه فتصبح الفريسة الواقعة في الشرك متدلّية تحت النسيج بشكل متقنٍ. وبما أن من الصعوبة التحرّر من الخيط المتدلي، مقارنة بالخيط السائب، فالعثة لا يمكنها الإفلات من هذه المصيدة، وعند تنبّه العنكبوت لقطع الخيط اللزج يتحرّك إلى موقع الخيط المقطوع لكي يسحبه إلى أعلى ليحصل على الصيد.
نجاح بيئتنا التي صنعها البشر المتكوّنة من مجموعة من المنتجات المصممة هندسياً، أصبحت ممكنة من خلال الكسر أو التمزيق أو السحق الموجّه، أو، بشكل عام، من خلال إحداث حالة من فشل مسيطرٍ عليه في مواد أولية، والسماح بتنقيتها وإعادة شكلها ودمجها في أشياء مفيدة. وكل شيء من هذه الأشياء المفيدة، وبسبب طبيعة تكوينه أو إعادة تكوينه لديه نقطة انكسار خاصة به وحالاته المفضلة للفشل. فكّر بالأشجار التي تسقط عادة لأول مرّة بواسطة الفأس أو المنشار أو الريح، ثم تُقطّع إلى حطب للوقود أو خشب منشور، وتستخدم في النهاية عادة لإشعال النار أو عمل الأدوات أو الأثاث أو السقوف، والتحدّي الذي يواجه المهندسين، على مرّ العصور، هو فهم لماذا وكيف تفشل جميع الأشياء، سواء كانت طبيعية أو اصطناعية، وكيف يمكن استغلال المعرفة والخبرة لتصنيع أشياء لا تفشل عند استخدامها للأغراض المصممة من أجلها – ما لم يكن الفشل نفسه مقصوداً، كما في بعض الحالات.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]