مظاهر “التصحر” في البيئة الزراعية الكويتية
1996 العوامل البشرية
مهدي حسن العجمي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
مظاهر التصحر التصحر البيئة الزراعية الكويتية البيئة الزراعة
أظهرت الملاحظات والمشاهدات الميدانية للباحث أن الكثير من مظاهر التصحر أخذت في الانتشار في بيئة الكويت، ومن أهمها:
1- تناقص الغطاء النباتي من حيث المساحة والكثافة وتدهور نوعيته وقيمته.
2- تملح التربة وتغدقها.
3- زحف الرمال على مناطق الزرراعة والرعي والطرق.
4- تعرض الطبقة العلوية من التربة للجرف.
5- تزايد نسبة الغبار في طبقات الجو السفلة، وتناقص مدى الرؤية.
وهذه المظاهر بدأت في الانتشار في البيئة الزراعية والبيئة الرعوية.
– التصحر في البيئة الزراعية
تعد الزراعة من الأنشطة الاقتصادية في الكويت التي بدأت تحظى في السنوات الأخيرة باهتمام الدولة، من منطلق تحقيق أكبر قدر ممكن من الأمن الغذائي، وتوجد الزراعة في ثلاث مناطق رئيسة هي:
أ- العبدلي: في أقصى الشمال.
ب- الصليبية: في الوسط.
ج- الوفرة: في أقصى الجنوب.
ورغم أن الزراعة في هذه المناطق حديثة جداً ولا يتلعدى عمرها الزمني عشرين سنة، إلا ان مظاهر التصحر بدأت فيها، خاصة مشكلة تزايد التربة الذي تبدو مظاهره واضحة على سطح التربة، في شكل قشور ملحية بيضاء تعكس كثرة تراكم الأملاح وتجمعها.
ونذكر على سبيل المثال، إحدى مزارع الوفرة- تزرع منذ أكثر من 10 سنوات- حيث أصبح جزء منها مملحاً بدرجة عالية جداً، إلى حد أنه يمكن أن تشاهد فيه طبقة واضحة من الأملاح المترسبة والمتجمعة على سطح التربة، كما تتضح هذه الظاهرة من تحليل العينات المأخوذة من التربة في كل من منطقة العبدلي والوفرة.
ويتضح من هذين الجدلوين: ان ملوحة التربة تزداد مع زيادة سنوات الاستخدام، وبخاصة إذا ما كانت طبقة الجاتش في المزرعة قريبة من سطح التربة (على عمق 60سم).
ومن نتائج تزايد حدة التملح في معظم هذه المزارع وتدهور إنتاجيتها، لجوء بعض المزارعين لممارسة أسلوب الزراعة المتنقلة داخل مزارعهم.
إذ تتراوح المساحة المزروعة- عادة- ما بين ربع إلى ثلث المساحة الكلية للمزرعة، أما الجزء الأكبر المتبقي فيحتاج إلى عملية غسيل للتربة واستصلاحه.
ويهدف هذا التنقل إلى إتاحة الصرفة لمياه الأمطار كي تغسل الأملاح المتراكمة في الطبقة السطحية ظبما يقلل من درجة تملحها، وهو أسلوب يمكن أن يحقق هدفه إذا ما حرثت الأرض البور لكسر الخاصة الشعرية ولمنع نشاطها وبالتالي تقليل فرض التملح.
ونظراً لعدم تطبيق سياسة التبوير تطبيقاً سليماً تزايدت حدة التملح، وضعفت إنتاجية التربة، مما اضطر بعض المزارعين إلى استخدام أسؤلوب الزراعة بدون تربة "تربة اصطناعية" والمزارع المحمية، معتمدين على المياه المحلاة.
وطريقة الري بالتنقيط حتى أصبحت شائعة في كل من منطقتي الوفرة والعبدلي، وقد بلغ التملح "التصحر" في بعض المزارع درجة عالية جداً، مما اضطر أصحابها إلى هجرها بعد أن نفدت معظم قدرتها الإنتاجية.
وتقف وراء مشكلة "تملح التربة" عدة عوامل تتداخل معاً في تفاقمها. وتتمثل أهمها فيما يلي:
– نوعية المياه المستخدمة
وتستخدم عادة في معظم مزارع الكويت مياه جوفية عالية الملوحة، وقد تبين من تحليل عينات المياه المأخوذة من بعض المزارعين أن درجة ملوحتها تتراوح حالياً بين 6146-7680 جزءاً من المليون في عينات مزارع العبدلي جدول (8)، وبين 6430-7430 جزءاً من المليون في مزارع الوفرة جدول (9).
وهي معايير إذا طبقنا عليها معايير تصنيف مختبر الملوحة لإدارة الزراعة الأمريكية نجد أنها مياه عالية الملوحة جداً، ولا تصلح أساساً للاستخدام الزراعي إلا في ظل ظروف بيولوجية تقلل كثيراً من مخاطر استخدامها.
ويبين لنا الجدول أن المياه الجوفية المستعملة حالياً في مزارع الكويت عالية الملوحة جداً، حيث تبلغ ملوحتها في بعض المزارع ضعف معدلات المياه ذات الملوحة العالية جداً، مما يجعل استخدامها محفوفاً بالمخاطر، ويفسر لنا سرعة تملح التربة بعد مضي فترة قصيرة من استخدامها أي ما بين من 5-10 سنوات فقط.
ومما يساعد على زيادة دور هذه المياه عالية الملوحة في تملح "تصحر" المناطق الزراعية بالكويت، نمط الري المستخدم، إذ تمارس طريقة "الري بالغمر" وهو نمط يتسم بطبيعته بالإسراف في استخدام المياه كما ذكر من قبل، حيث يصعب ضبط وتقنين كمية المياه الملائمة بشكل جيد.
نتفادى من خلاله معظم العوامل المؤدية لسرعة التملح، إذ من خلال طبيعة التركيب الميكانيكي للتربة الكويتية واسعة النفاذية "سهلة الصرف" تتسرب المياه إلى الطبقات التحتية بسرعة، فإذا ما وجدت طبقة الجاتش فإنها تعمل على حجز هذه المياه، وبخاصة إذا كانت طبقة الجاتش على أبعاد قريبة من سطح الأرض الخاصة الشعرية.
وبالتالي تنشط حركة معاكسة للمياه من أسفل إلى أعلى، وخاصة في فصل الصيف، وتتعرض هذه المياه عند وصوؤلها سطح التربة للتبخر الشديد مخلفة وراءها ما كانت تحتوي من أملاح.
ومما يقلل من القدرة البيولوجية للتربة، ان درجة الحرارة العالية تقلل من مقاومة النبات للملوحة، ومن ثم تعد الحرارة المرتفعة في الكويت عاملاً مساعداً على زيادة حدة التصحر في المناطق الزراعية.
ويمكن أن نضيف ان طبيعة المياه الجوفية المستخدمة في الريلآ، في كونها مياهاً جيولوجية (حفرية) تعد من العوامل المساعدة على سرعة التصحر.
فقد أدى الإسراف في استخدام هذه المياه إلى سرعة استنزافها وانخفاض مناسيبها، وأدى ذلك بالتالي إلى ارتفاع درجة الملوحة في الآبار الجوفية، وساعد بدوره على سرعة تملح التربة الزراعية وتصحرها "كما سبق ذكره عن تملح التربة".
كما تتعرض الكويت إلى العواصف الترابية والرملية التي تساهم في دورها في زيادة التصحر، من خلال إزالة حبيبات التربة الناعمة وإتاحة الفرصة لزحف الرمال على الأراضي الزراعية.
ويبلغ عدد أيام العواصف الترابية والرملية 27 يوماً، يحدث 50% منها خلال شهري يونيو ويوليو (ضاري العجمي، محمد عواد 1987)، وعادة ما تكون مصحوبة بالرياح التي تهب من الشمال.
حيث تتعرض الأراضي الزراعية التي تقع في مهب الرياح سابقة الذكر لزحف الرمال بشكل واضح، وأصبح تجنب زحف هذه الرمال والتخلص من تراكمها مشكلة تواجه الكثير من المزارعين (جدول رقم 10).
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]