مظاهر الحياة التي يتميز بها الكائن الحيّ
2003 موسوعة الكويت العلمية للأطفال الجزء الخامس عشر
عبد الرحمن أحمد الأحمد
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
مظاهر الحياة لدى الكائن الحي العلوم الإنسانية والإجتماعية المخطوطات والكتب النادرة
شجرة البرتقال والقط كائنان حيان، أما قطعة الصخر فغير حية. إذ هي جماد.
ومن اليسير علينا أن ندرك ذلك، ولكن من العسير علينا أن نعرف تلك «الحياة» التي تميز الكائنات الحية.
فالكائن الحي لحظة موته يفقد «الحياة»، ولكن قد لا يظهر لنا بوضوح أي تغير طرأ عليه إلا فقد مظاهر الحياة. ولذلك نحن نفسر «الحياة» ونعرفها بمظاهرها التي تميز الأحياء والتي سوف نذكرها الآن باختصار:
1-البنيان والتعضي: يتميز كل كائن حي في طوره البالغ بحدود معينة لهيئته وحجمه. أما أصناف الجماد فهي شديدة الاختلاف في أشكالها وأحجامها، فنوع من الصخور، مثلا، قد يوجد منه الحصى والجلاميد بل التلال والجبال.
والبنيان الداخلي للجمادات الطبيعية بسيط ومتجانس، أما الكائنات الحية فبنيانها مكون من كثير من الأجزاء المختلفة التركيب والوظائف.
وهذه الأجزاء تسمى أعضاء (أو عضيات في الأحياء البسيطة، كالحيوانات الأولية)، ولذلك تسمى هذه الظاهرة بالتعضي. ووحدة البنيان في
جميع الكائنات الحية هي الخلية؛ وهي قد تتكون من خلية واحدة (كما في البكتيريا، والحيوانات الأولية)، أو من عدد هائل من الخلايا
2- الأيض: يجري في أجسام الأحياء عدد كبير من العمليات الكيميائية المعقدة، التي تعرف في مجموعها باسم «الأيض» (أو «التحولات الغذائية» أو «الاستقلاب»).
وهذه العمليات متصلة ومتداخلة، ولكن يمكن تقسيمها إلى ثلاث مراحل أساسية:
أ- الاغتذاء:
تحتاج الكائنات الحية إلى مدد مستمر من المواد اللازمة لحياتها. والنباتات الخضراء قادرة على أن تصنع المواد العضوية بعملية البناء الضوئي، ومبتدئة بأبسطها، وهو سكر الجلوكوز.
وهي إذ تفعل ذلك تختزن في تلك المواد الطاقة التي استمدتها من ضوء الشمس. ولما كانت النباتات تعتمد على أنفسها في بناء غذائها فإنها توصف بأنها «ذاتية الاغتذاء».
أما الحيوانات فتحصل على غذائها من مصادر نباتية أو من حيوانات سبق أن اغتذت بنباتات أو حيوانات أخرى، لذلك فهي توصف بأنها «متباينة الاغتذاء».
ولكن على الحيوانات أن «تهضم» الجزيئات الكبيرة في غذائها، من السكريات والنشويات والبروتينات والدهون، أي أن تستخدم الإنزيمات في تحليلها إلى جزيئات أصغر حجما وأبسط تركيبا. ثم تعود الحيوانات لتبني من تلك الجزيئات البسيطة مواد خاصة بها وتناسب أجسامها، ويقال عندئذ إنها «تتمثلها»
ب- التنفس: الحياة في حاجة دائمة إلى الطاقة. وتحصل الأحياء على هذه الطاقة بأكسدة مواد الغذاء لتطلق الطاقة المختزنة في جزيئاتها؛ وهذا هو «التنفس» الذي يحدث في كل خلية من خلايا الكائن الحي.
ومعظم الأحياء يحتاج إلى الأكسيجين لحدوث هذه الأكسدة، وعنده أجهزة للحصول عليه من مخلوط الهواء أو ذائبا في الماء. والاغتذاء يمثل جانب البناء من عمليات الأيض، أما التنفس فيمثل جانب الهدم منها
ج- الإخراج: وهذه عملية الغرض منها إبعاد المواد الزائدة عن حاجة الجسم، والنواتج الضارة من عمليات الهدم في الجسم.
وذلك من قبيل ما تقوم به الكليتان في جسم الإنسان، أو طرد ثاني أكسيد الكربون في هواء الزفير (والإخراج مختلف عن عملية طرد البقايا غير المهضومة من الغذاء، التي تسمى تبرزا).
والإخراج يعمل على الحفاظ على التوازن الدقيق بين المواد في جسم الكائن الحي
3- النمو والتجديد والتعويض: النمو هو ازدياد كتلة المادة الحية في جسم الكائن، ولكن ليس بمجرد الإضافة والتراكم وإنما وفقا لتفاصيل بنيانه الدقيق؛ وهو مترتب على مرحلة البناء في الأيض.
وليست كل الزيادة في كتلة المادة الحية نموا بمعنى الكلمة، إذ قد تكون تجديدا لما يبلى من خلايا الجسم وأنسجته، أو تعويضا لما يهلك منها بالإصابة والمرض.
والنباتات وبعض الحيوانات الدنيا لديها قدرة فائقة على تعويض أجزاء أو أعضاء كاملة تفقدها من أجسامها
4- الحركة: الحركة هي أبرز ما يميز أنواع الحيوان، ويدل على وجود الحياة فيها؛ وقليل من النباتات تبدو فيه حركات ظاهرة. ولكن الحيوانات قادرة أيضا على الانتقال من مكان إلى مكان.
والحركة معتمدة على إطلاق الطاقة التي تحرك الأهداب والأسواط والعضلات، أو تعمل – على الأقل – على مجرد تدفق المادة الحية، كما في الأميبا، مثلا
5- الإنفعالية: الانفعالية هي إحساس الكائن الحي بالتغيرات الفيزيائية والكيميائية التي تحدث في بيئته، ثم الاستجابة لهذه التغيرات على نحو يحقق فائدة له، كتوجيهه إلى أنسب الأماكن لحياته وتجنب الأعداء والظروف المهلكة، وسعيه للحصول على غذائه، وما إلى ذلك.
وبعض الأحاسيس يكون داخليا، كالشعور بالجوع والعطش، مثلا. والانفعالية لها أيضا أهمية كبيرة أيضا في حفظ الاتزان الداخلي للجسم
والانفعالية بارزة في أنواع الحيوان لأنها تتحرك حركة ظاهرة، ولكن الكائنات الحية جميعها تستجيب للمتغيرات التي تحدث من حولها، حتى لو لم تتحرك.
فالنباتات تفتح الثغور المنتشرة على أسطح أوراقها أو تقفلها استجابة لعوامل الضوء والرطوبة، بل إن بعض النباتات تتحول تحولا ظاهرا نحو الضوء، كأزهار عباد الشمس، أو تستجيب للمس، كما في نبات الميموزا أو السيدة الخجول، أو النباتات آكلة الحشرات.
6- التكيف: إن الكائن الحي، سواء أكان نباتا أو حيوانا، عليه أن يتكيف بحيث يلائم ظروف البيئة من حوله حتى يتمكن من الحياة. والتكيف نتيجة إيجابية للانفعالية.
وقد يكون التكيف سلوكيا أو وظيفيا: في طريقة أداء أعضاء الجسم لوظائفها، أو شكليا متعلقا بتكوين أعضاء الكائن أو شكلها أو لونها
وقد يكون تكيف الكائن وقتيا، أو يكون فطرة موروثة تميز النوع. وتكيفات الكائن هي التي تحدد أبعاد انتشاره.
7- دورة الحياة والأجل: لكل كائن حي دورة للحياة، بسيطة أو معقدة ولكل نوع من الأحياء متوسط عام لعمر أفراده، ينتهي بعده أجله (هذا إذا لم تقض عليه الأمراض والأعداء والكوارث، قبل ذلك).
ولعله من المفارقات أن نقول إن من خصائص الأحياء أن أفرادها تموت، ولكن هذه هي حكمة خالقها – سبحانه وتعالى، وإلا ما اتسعت لها الأرض.
8- استمرار الحياة: ومع أن الموت نهاية كل حي، إلا أن الحياة نفسها باقية – ما شاء الله لها أن تبقى على وجه الأرض – بالتكاثر والوراثة.
أ- التكاثر: وهبت الكائنات الحية المقدرة على أن تخلف من بعدها ذرية من نوعها. وهكذا تموت الأفراد ولكن يبقى النوع. وهذه المقدرة تتمثل أولا في انقسام الخلايا. والكائنات وحيدة الخلية تتكاثر هكذا، ولكن أنواع الكائنات الحية لها وسائل مختلفة من التكاثر اللاجنسي والجنسي
ب- الوراثة والتطور: هاتان الظاهرتان ترتبطان بالتكاثر. فالفرد الجديد تكون فيه خصائص نوعه وأسلافه، التي تنتقل إليه من أبويه. ثم إنه يتميز حتى عن إخوته. وهذا كله تحكمه قوانين دقيقة
والخصائص الموروثة تنقلها الجينات المكونة للكروموسومات المستقرة في نواة كل خلية في الجسم وفي خلايا الأمشاج
والجزيئات المكونة للجينات هي التي تنقل الخصائص الموروثة بشفرة كيميائية خاصة، تفهمها وتعرف كيف تفك رموزها وتنفذ ما بها من تعليمات.. ولذا هي تسمى أيضا: جزيئات المعلومات.
ومع الدقة الرائعة في محافظة الوراثة على خصائص النوع، تسمح طريقة الوراثة وقوانينها بالتنوع الهائل في تفاصيل مميزات الأفراد، كما أن جهاز الوراثة قادر – في الوقت نفسه – على إنتاج طفرات – أي خصائص جديدة – هي الأساس فيما يسمى بالتطور.
* وقد يبدو لك أن تعترض قائلا: إنني لا أرى أن هذه المظاهر – أو معظمها – ليس مقصورا على الكائنات الحية.
فالسيارة، مثلا، تعطى الوقود – فهو غذاؤها – فتحرقه – بما يشبه التنفس – فتنطلق منه الطاقة التي تستغلها في الحركة. ثم إنها تتخلص من الغازات الناتجة من الاحتراق – بما يشبه الإخراج؛ فهي في هذا – على الأقل – تشبه الإنسان والحيوان!
ولكننا إذا تأملنا التفاصيل وتعمقنا الموازنة، لاحظنا ما يلي:
أ- السيارة لا تسعى للحصول على وقودها، باستجابة ذاتية من داخلها.
ب– هي لا تتناول البنزين بالتحليل والهضم ثم بالتمثيل وإعادة البناء، فالبنزين لا يدخل في «بنيان» جسمها قبل أن تعرضه للاحتراق.
ح- لا تنمو السيارة من مادة الوقود، ولا تستطيع أن تفيد منه في تجديد ما يبلى من أجزائها، وتعويض ما يفسد من مكوناتها.
د- أكسدة الوقود في السيارة عملية «احتراق» يصحبها تولد حرارة شديدة، أما أكسدة الغذاء في الأحياء (أي التنفس) فهي عملية هادئة، تنظمها الإنزيمات، وتنتج مقدارا مفيدا ومناسبا من الحرارة.
ه- لا تتحرك السيارة ولا تستجيب للمتغيرات من حولها استجابة ذاتية على النحو الذي فيه مصلحة لبقائها، بل إنك تستطيع أن توجهها لتسقط من قمة جبل شاهق، كما نرى في بعض الأفلام!
و- لا تنشطر السيارة إلى سيارتين، ولا تتكاثر بأي طريقة أخرى كي تنجب سيارات أخرى صغيرة على شاكلتها!
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]