إسلاميات

مظاهر “الطهارة” الواجبة على الإنسان التحلي بها

2001 موسوعة الكويت العلمية الجزء الثاني عشر

مؤسسة الكويت للتقدم العلمي

الطهارة مظاهر الطهارة إسلاميات المخطوطات والكتب النادرة

الطَّهارَةُ هي نوعٌ منَ النَّظافَةِ. ودينُنا الإسْلامِيُّ دينُ النَّظافَةِ، فَطَلَبَ مِنَّا أَنْ تكونَ أَجسامُنا، وثيابُنا، وأَماكِنُ جلوسِنَا ومعيشَتُنا نظيفةً من الأَقْذارِ.

وقد طَلَب منا دينُنا الحنيفُ أنْ نَتَطَهَّرَ ونَتَنَظَّفَ لِكَيْ نُؤَدِّيَ بَعضَ العِباداتِ. فالصَّلاةُ لا تَصِحُّ، ولا يَقْبَلُها الله منَّا، إلاَّ إذا كانَ المُسْلِمُ والمُسْلِمَةُ طاهِرَيْن نظيفيْن.

فمثلا، البَوْلُ والغائِطُ، لا تَصِحُّ صلاةُ المُسْلِمِ والمسلمةِ إلاَّ بالطَّهارة منهُما. والطَّهارَةُ هنا هي الوَضوءُ. ونُسَمِّيها طهارةً من الحَدَثِ الأَصْغَر.

 

وأحيانًا تكونُ الطَّهارَةُ بالغَسْلِ الكامِلِ لأَجسامِنَا. فمثلاً، المرأةُ بعدَ الوِلادَةِ لا تَصِحُّ منها الصلاةُ ولا الصِّيامُ حتَّى تَتَنَظَّفَ وتَغْتَسِلَ.

والرَّجُلُ والمَرْأَةُ يحتاجانِ إلَى الغُسْلِ في بعضِ الحالاتِ. والطَّهارَةُ بالغُسْلِ نسمِّيها طهارةً من الحَدَث الأَكْبَرِ.

ونحنُ نقومُ بهذهِ الطَّهارَةِ لأنَّ اللهَ أَمَرَنا بها، وكلُّ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ يجبُ فِعْلُه.

 

فاللهُ أَمَرَنا إذا أَرَدْنا أنْ نُصَلِّيَ، مثلاً، أَنْ نَتَطَهَّرَ، فقالَ، عَزَّ وَجَلَّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَٰكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (المائدة 6).

والطَّهارَةُ كما تكونُ لأَداءِ الصَّلاةِ تكونُ أيضًا مطلوبَةً في طهارة ثيابِنا فلا تَصِحُّ الصَّلاةُ إذا كانَتْ ثيابُنا غَيْرَ نظيفَةٍ وفِيها نَجَاسَةٌ.

 

وقَدْ أَمَر اللهُ تعالَى نبيَّهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، بِذلِكَ فقالَ (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) (المدثر 4).

والنَّبِيُّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، قُدْوَتُنا في كلِّ شَيءٍ. وكذلكَ لا تَصِحُّ صلاتُنا إذا كانَ المكانُ الّذي نُصَلِّي فيه نَجِسًا.

وحينما يَطلب منا الإسْلامُ أنْ نَتَطَهَّر ونَتَنَظَّفَ لا يَعْني هذا أنَّ أجْسامَنا نَجِسَةٌ. لا، ولكنَّ هذه الطهارَةَ شَرْطٌ لأَداءِ بعض العِباداتِ، مثل الصَّلاةِ.

 

وأمَّا أَجْسامُنا فقَدْ يكونُ عَلَيْها بعضُ الأَوْساخِ، ولَكنْ لَيْسَتْ نَجِسَةً، فاللهُ تعالَى كَرَّمَ الإنْسانَ، واعتبرَه غَيْرَ نَجِسٍ سواءٌ أَكانَ مُسْلِمًا أَمْ غَيْرَ مُسْلِمٍ، فقالَ اللهُ تعالَى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) (الإسراء 70).

فاللهُ كَرَّمَ الإنْسانَ ولَمْ يَخْلُقْهُ نَجِسًا في نَفْسِه.

والإسلامُ يَعْتَبِرُ كلَّ شَيءٍ طاهرًا في أَصْلِهِ، إلاَّ إذا قالَ اللهُ أَو رسولُه، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، عن شيءٍ مُعَيَّنٍ إنَّهُ نَجِسٌ، أو وَقَعَتْ عَليه نَجاسَةٌ فِعلاً، مثل ثيابِنا إذا وَقَعَتْ عَلَيْها نجَاسَةٌ.

 

والأَشياءُ الطَّاهِرَة كثيرةٌ جِدًّا. فالإنْسانُ، كما قُلْنَا، طاهِرٌ حيًّا ومَيْتًا؛ وكذلك الحيواناتُ والمعادِنُ من الذَّهبِ والفِضَّةِ والحديدِ وغيرِها. والنباتاتُ والأَزهارُ والمِياهُ والزُّيوتُ وغيرُها كُلُّها طاهِرَةٌ.

ولكنْ هناك بَعْضُ الأَشْياءِ وبعضُ الحيواناتِ نَجِسَةٌ، وقد أَخْبَرَنا القرآنُ والنبيُّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، بأنها نَجِسَةٌ.

 

فالكَلْبُ والخِنْزيرُ والحيوانُ المَيِّتُ نَجِسَةٌ ولا ينفعُ معها غَسْلُها بالماءِ أو بغيره. وكذلك الدَّمُ، والبَوْلُ والغائِطُ والقَيْحُ والصديدُ… هذه كلُّها نَجِسَةٌ، ويجبُ إزالتُها تمامًا والاسْتِبراءُ منها.

وعَلَيْنا أن نَحْمَدَ الله تَعالَى أن بَيَّنَ لنا النَّجِسَ والطَّاهِرَ، وأَمَرَنا بأَنْ نكونَ طاهرين نظيفين. فدينُنا دينُ النَّظافَةِ والطَّهارَةِ.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى