معدلات انتشار مرض “فقدان الشهية العصبي”
1997 فقدان الشهية العصبي
الدكتور أحمد محمد عبدالخالق
KFAS
انتشار مرض فقدان الشهية العصبي الطب
تنتشر اضطرابات الأكل على اختلاف أنواعها بنسبة تصل إلى 4% من المراهقين وصغار الراشدين الطلاب.
وعلى الرغم من أن معدلات اتنشار فقدان الشهية العصبي في المجتمع غير دقيقة لأن كثيراً من المرضى ينكرون أعراضهم، فإن "سو" Hus يلخص عدداً من الدراسات المسحية الحديثة، ويورد معدل انتشار لفقدان الشهية العصبي يتراوح بين 0.02% و 0.08%، مع نسبة أعلى في الطبقات الاجتماعية الأعلى ، ونسبة أعلى أيضاً لدى المراهقات.
فيذكر "كابلان" وزملاؤه أن المرض يحدث بنسبة تتراوح بين 0.05% إلى 1% لدى البنات المراهقات، ويحدث من عشر إلى عشرين مرة عند النساء أكثر من الرجال، أي أن نسبة تتراوح بين 5%, 10% من مرضى فقدان الشهية العصبي من الرجال.
وقد اتضح في بعض المدن الجامعية أن 20% من الطالبات الجامعيات صغيرات السن يكشفون عن سلوكيات متصلة بفقدان الشهية.
تشير الدراسات العديدة إذن إلى زيادة معدل انتشار فقدان الشهية العصبي لدى الإناث بالمقارنة إلى الذكور.
ويبدو أن السبب في ذلك خصال عديدة لدى الإناث بحيث تميل – أكثر من الرجال – إلى اتباع نظام غذائي يوصل بعضهن إلى فقدان الشهية بمستوى مَرَضى. ويتعلق ذلك بجوانب عدة لديهن منها: الخوف العميق من زيادة الوزن، والتقييد الإرادي لكمية الطعام التي تتناولها الإناث، وفقد 25% على الأقل من الوزن الأصلي للجسم، وتشوه واضح لصورة الجسم.
ويترتب على كل ذلك نتائج عضوية جسمية لنقص التغذية، وهذه الآثار ذات نتائج معاكسة منها: توقف الحيض، نمو شعر دقيق على الجسم كالحَمَل أو الوليد، الاستسقاء، الأنيميا أو فقر الدم
ومن الممكن أن نضيف إلى أسباب زيادة انتشار مرض فقدان الشهية العصبي لدى النساء أكثر من الرجال، أهمية عوامل محددة لديهن مثل: المظهر الخارجي، والرشاقة، وارتداء الملابس التي تتسق مع خطوط "الموضة" .. وغير ذلك.
وقد بينت إحدى الدراسات الأمريكية على الحالات التي تم علاجها في مدينة نيويورك أن معدل حدوث فقدان الشهية العصبية قد تزايد من 0.35/ 100.000 من السكان بين عامي 1960 – 1969 إلى 0.64/ 100.000 بين عامي 1970 – 1976.
وفي منطقة محددة في سويسراً تزايد معدل الحالات التي تم علاجها من 0.38/ 100.000 في الخمسينيات إلى 1.12/100.000 في السبعينات من هذا القرن.
في حين تتراوح التقديرات في انجلتزا والولايات المتحدة للحالات المسجلة بين 0.37 و 4.06/ 100.000 من السكان في العام. وقد ازدادت المعدلات عن ذلك حديثاً. ومع ذلك فمن الصعب أن نحدد المعدلات الحقيقية لانتشار فقدان الشهية العصبي، نظراً لأن كثيراً من المرضى ينكرون أعراضهم.
وقد افترضت الدراسات المسحية معدلات انتشار من 1-2% بين طالبات المدارس وطالبات الجامعة. ومن بين الحالات التي شاهدها الاختصاصيون أثناء ممارستهم الإكلينيكية كان 5-10% فقط من الذكور.
كما أوردت التقارير أن مرض فقدان الشهية العصبي قد تضاعف بمقدار خمس مرات في دولة "السويد" بين العامين 1930، 1950، وأن معدلات حدوث المرض تضاعفت في مدينة "نيويورك" بين العامين: 1960، 1976. وارتفعت معدلات الحدوث في "اسكتلندا" من 1.6 إلى 4.1/100.000 من السكان من 1966/ 1969 إلى 1978/ 1982.
وتشير البحوث الحديثة إلى تزايد سلوك الحمية Dieting behaviors بين صغار الإناث، ويعد ذلك عاملاً سببياً في تطور فقدان الشهية العصبي.
ويتوافر دليل قوي على أن هذا التزايد في معدل الحدوث يعكس ارتفاعاً حقيقياً في عدد الحالات، ولا يمكن تفسيره عن طريق زيادة الوعي أو زيادة عدد مرضى فقدان الشهية العصبي الذي يلحقون بالمستشفيات.
ولكن يجب ألا نغفل احتمالاً آخر مهما مؤداه: اجتماع كل من زيادة الوعي، والزيادة الفعلية لعدد المرضى المصابين بفقدان الشهية العصبي.
وفي عام 1976 قدر "كريسب" Crisp وزملاؤه معدل حدوث فقدان الشهية العصبي (الحالات التي تم علاجها والتي لم تعالج) في جمهور من المدارس الثانوية الخاصة في بريطانيا بأنه 1%. وهناك نسبة تتراوح بين 90، 95% من مرضى فقدان الشهية العصبي من الإناث (المرجع والموضع نفسه).
وعلى الرغم من أن معظم هؤلاء المرضى ينحدرون من أسر ذات طبقة اجتماعية عليا، فإن الدراسات الحديثة كشفت عن تزايد أعداد المرضى بفقدان الشهية العصبي في كل الطبقات الاجتماعية.
والدراسة الوحيدة الشاملة التي أجريت في الولايات المتحدة عن انتشار فقدان الشهية العصبي أوردت متوسطة حدوث قدره 0.37/ 100.000 من السكان كل عام.
ودلت الدراسات المسحية لانتشار فقدان الشهية العصبي على أن هذا الاضطراب يشيع في المجموعة العمرية من 10 سنوات (قبل البلوغ) حتى 30 عاماً، وبخاصة في الطبقات الاجتماعية والاقتصادية العليا، ويشيع حدوثه أكثر خلال المراهقة المبكرة والمتأخرة.
وبينت الدراسات أن خطورة الوفاة لأخت المريضة بفقدان الشهية العصبي (وليس للمريضة نفسها) تصل إلى 7% تقريباً، وهو رقم يفوق بكثير التوقعات العادية، كما أن لدى آباء هؤلاء المضطربين وأمهاتهم غالباً تاريخاً واضحاً من الانخفاض الكبير في الوزن في مرحلة المراهقة، أو عندهم خوف مرضى من زيادة الوزن.
ولا تسمح الأدلة المتاحة بأية استنتاجات عن دور الوراثة في تطور فقدان الشهية العصبي. وكشفت بعض الدراسات عن معدل انتشار مرتفع (1 لكل 100)، على حين أسفرت دراسات أخرى عن معدل منخفض (1 لكل 800) من الإناث في الأعمار من 12 – 18 عاماً، وهم الذين يمكن أن يطوروا هذا الاضطراب (المرجع والموضع نفسه).
وعلى الرغم من ذلك فهناك زيادة مضطرة في تشخيص حالات فقدان الشهية العصبي في الدول الغربية في السنوات الأربعين الأخيرة، حتى أصبحت الآن حالة شائعة. ويحدث بشكل واضح لدى الإناث المراهقات وصغار الراشدات.
ويشيع المرض أكثر بين الممثلات والموديلات وراقصات الباليه والفرسان الذين يمتهنون ركوب الخيل (الجوكي) والطيارين.
ومن المحتمل أن تكون الحالات الأقل حدة منتشرة بمعدل أكبر في المجتمع. ولكن لأن هذه الحالات يندر أن تتقدم لطلب الرعاية الطبية، فمن الصعب عملياً أن نفرق بين النظام الغذائي (الرجيم) الذي يقلل من الطعام بحماسة شديدة وفقدان الشهية العصبي الحقيقي.
ويلاحظ القارئ أن هناك اختلافاً في معدلات انتشار فقدان الشهية العصبي المذكورة من دراسة إلى أخرى مما ذكرنا، ولا يعني اي خطأ علمي، لأن الجمهور أو العينات المستخدمة تختلف من دراسة إلى أخرى.
كما يمكن أن يختلف معدلات الانتشار نتيجة لخصائص هذه العينات ومن بينها: متوسط الأعمار، والطبقة الاجتماعية، والمستوى الاقتصادي، ومعدلات الاضطرابات النفسية والأمراض العقلية، والترحيب بالاشتراك في الدراسة… وغير ذلك من متغيرات كما لا يخفي اختلاف معدلات انتشار فقدان الشهية العصبي من بلد إلى آخر.
***
وبعد أن عرضنا لبداية اضطراب فقدان الشهية العصبي ومعدلات انتشاره، نُذكِّر القارئ بأن بعض علماء النفس الإكلينيكي والأطباء النفسيين يرون أن هذا الاضطراب يدخل في فئة الاضطرابات النفسية، على حين يخالفهم آخرون ويعتبرونه تصنيفاً مستقلاً تحت اسم مستقل هو "اضطرابات الأكل".
وعلى اية حال فإن فقدان الشهية العصبي له علاقة وثيقة بالاضطراب النفسي. وهذا هو موضوع الفصل التالي.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]