التاريخ

مقترح العالم “يورج” لعلاج مرضى الشلل الجنوبي

1997 قطوف من سير العلماء الجزء الأول

صبري الدمرداش

KFAS

العالم يورج مرضى الشلل الجنوبي التاريخ المخطوطات والكتب النادرة

علاج الداء بالداء!

مع كل هذا فقد رغب يورج في أن يحقن بعض المصابين بمرض الشلل الجنوني العام بطفيليات الملاريا! ولكن من يوافق على إنشاء عيادة في قلب فيينا تكون بؤرة تنتشر منها الملاريا؟ كان ذلك قبل أيام لافران ورس وجراس الذين كشفوا كيف تنتقل الملاريا وكيف تقاوم.

وهكذا مضت على عالمنا سنوات ثلاث وهو عاجز عن التقدم، حتى وجد طريقة تمكنه من إصابة المرضى بالشلل الجنوني بحمى الملاريا من دون أن تكون باعثاً على تفشي الأوبئة في العاصمة.

ما هي يا ترى هذه الطريقة؟ كانت أوروبا معنية عام 1890 بمادة (التوبركلين) التي استخرجها روبرت كوخ Robert Koch، أعظم غزاة الميكروب، من باسلَّس الدرن، ولكن لأن مئات من الوفيات حدثت على أثر الحقن بها فقد أصبح ينظر إلى استعمالها بعين الريب.

 

ولم يكن أمام عالمنا غيرها، فأقبل عليها وقضى سنواتٍ عشراً يجري التجارب عليها، حتى بعد أن رُقِّي إلى منصب أستاذ في معهد فيينا الطبي. ج

رَّب مئات التجارب ولكنه لما أهلَّ القرن العشرون راجع نتائج هذه التجارب فحكم بأنها إلى الإخفاق أقرب.

نعم لقد شفي بالفعل بعض الذين حقنوا بهذه المادة من جنونهم، ولكن تجاربه لم تكن قائمة على أساسٍ علمي، فهو لا يدري حقيقة أيُّ ضرب من الجنون تقهره هذه الحمى.

نعم لقد كان يورج رجلاً صادقاً لا يخدع نفسه، فقد كان في وسعه أن يذيع النجاح الكبير الذي أصابه في بعض الحالات ولكنه لم يفعل، بل اعترف فيما بينه وبين نفسه أنه أخفق.

 

ما العمل؟…

جلس يتأمل في ضروب الجنون وأسبابه فتبيَّن له أن أسباب معظمه مجهول، إلا ضرباً واحداً اتفق الثقات على تعريفه وهو الشلل الجنوني العام. وهو مرض لا يرجى برؤه بل يدوم سنوات ثم يفضي إلى العته فالموت.

إذن لا بد من القرار التالي: يجب أن يقتصر العلاج بالحمى فقط على المصابين بهذا النوع من الجنون.

وهكذا استعان في عام 1901 بطبيب يدعى بلكز Pilcz، فجعلا يحقنان بالتوبركلين مصابين بالشلل الجنوني العام في أحد مستشفيات فيينا، ولم يكن يعرف قبل أن مجنوناً واحداً دخل هذا المستشفى وخرج حياً، فالداخل مفقود والخارج مولود، إن كان هناك ثمة خارج!.

[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى