مكتشفات العلماء وانجازاتهم في مختبرات “بل”
2013 الرمل والسيليكون
دنيس ماكوان
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
على مدار ثلاثة أرباع القرن العشرين تقريباً، كانت مختبرات بل للهاتف المتحدة واحدة من مختبرات البحث الصناعي الرائدة في العالم.
تشكلت شركة بل سيستم (Bell System) من AT&T، شركات الهاتف الإقليمية، وشركة وسترن الكهربائية (Western Electric Company) التي كانت ذراعها التصنيعي. ولقد أدركت إدارة AT&T أنها تحتاج إلى فرع منفصل للقيام بالبحث من أجل تحسين نظام الهاتف وتوفير حماية براءات الاختراع في احتكارها للهاتف.
وفي عام 1925، انفصل قسم البحث في شركة وسترن الكهربائية عن الشركة الأم لتشكيل مختبرات بل للهاتف المتحدة التي كانت فرعاً تملكه بالكامل AT&T ووسترن الكهربائية.
في عام 1996، أُعيد اتحاد مختبرات بل والأجزاء الباقية من وسترن الكهربائية من أجل انطلاق شركة منفصلة سُميت لوسانت تكنولوجيز (Lucent Technologies) عقب انقسام بل سيستم. وخلال السنوات اﻠ 71 العابرة، كانت مختبرات بل محطة علمية وهندسية نشطة نتج عنها ما ينوف عن 30000 براءة اختراع و سبع جوائز نوبل.
مُنحت الجائزة الأولى من أجل إقامة الدليل على ثنائية الموجة- جسيم للإلكترون ومُنحت الأكثر حداثة من أجل الكاشف CCD (عنصر ترابط الشحنة) وقد تكون جائزة نوبل الأكثر شهرة لدى مختبرات بل تلك التي مُنحت من أجل اختراع الترانزستور.
بعد الحرب العالمية الثانية، أصبح واضحاً ضرورة إيجاد بديل من الحالة الصلبة لمصباح الفراغ الذي اعتمد على الأسلاك الساخنة المعرضة للاحتراق ولم يكن متيناً كفاية. كان أيضاً واضحاً أن صناعة الاتصالات في طريقها للتوسع السريع بعد الحرب. وكان ذلك يعني أن الحاجة تتبلور إلى عدد متزايد باضطراد من المضخمات والمبدلات الصلبة والصغيرة وقليلة الاستطاعة من أجل تشغيل شبكة الهاتف.
أحدثت مختبرات بل قسم بحوث لدراسة فيزياء أنصاف النواقل برئاسة وليام شوكلي مع الأمل في الوصول إلى مفهوم جديد لمضخمات الجسم الصلب. ومن بين أعضاء فريقه، كان هناك والتر براتن وجون باردين. كان ذلك فريقاً رائعاً.
في بداية أعوام اﻠ 1930، بدأ فرع الفيزياء المسمَّى فيزياء الجسم الصلب (والمسمَّى حالياً فيزياء المادة الكثيفة) بتطبيق ميكانيك الكم من أجل فهم وحساب خواص المعادن وأنصاف النواقل والعوازل. ومع تطور هذا الحيز، حدث انقسام طبيعي للمختبر بين ما كان يُسمى النظريين والتجريبيين.
كان على النظريين حساب خواص مجموعة من 1023 ذرة والأخذ بعين الاعتبار الأفعال المتبادلة بين الالكترونات والنوى. ومن الممكن فهم أنصاف النواقل بالمعنى الواسع المبين في الشكل 3.4، لكن التنبؤ الكمي الآن بأي خاصة محددة يتطلب حسابات معقدة يصعب القيام بها على الرغم من قدرة الحوسبة الراهنة.
وكان على النظريين القيام بالتقريبات الصحيحة لتحديد العامل الحاسم وراء الأفعال المتبادلة التي تقود إلى خاصة محددة.
بالمقابل، يُعنى التجريبيون بتعقيدات المواد الحقيقية، وعليهم تنقية وتوصيف مواد جديدة والتحكم بالخواص السطحية للبلورات وتغيير خواص المواد بإضافة أجهزة الإشابة وإعداد عدد لا حصر له من القياسات المتطورة لإماطة اللثام عن الخواص الذرية والإلكترونية للمواد.
كان والتر براتن العضو التجريبي في الفريق الثلاثي، وقد نشأ وكبُر في مزرعة في واشنطن وتخرج من معهد وايتمان (Whitman) في ولاية أوريغون (Oregon) قبل الحصول على درجة الدكتوراه من جامعة مينيسوتا (Minnesota)، حيث درس التأثير المتبادل بين حزمة إلكترونات وسطح الزئبق.
وبعد قضاء عام في المكتب الوطني للمواصفات والمعايير، أصبح من أوائل العاملين في مخابر بل ملتحقاً بالشركة عام 1929. كان له مساهمات هامة في فهم سطوح المواد ومشاركة في تحسين مقوّمات أوكسيد النحاس والسيليكون التي نوقشت سابقاً. وكان يمتلك تماماً المواهب المطلوبة حيث قام الفريق بالتجربة تلو الأخرى للوصول إلى مضخِّم الحالة الصلبة.
كان وليام شوكلي وجون باردين العضوين النظريين، نشأ وكبر شوكلي في كاليفورنيا وانتسب إلى كال تيك (Cal Tech)، والتحق بمختبرات بل عام 1936 بعد التخرج من معهد أم آي تي (MIT) حيث أجرى أولى حسابات بنية العصابات الالكترونية على مادة بسيطة- ملح الطعام- كلورايد الصوديوم. بدأ البحث حول مضخِّم الجسم الصلب، لكن ظلّ الحرب العالمية الثانية الوشيكة أدت إلى توقف هذا العمل.
يروي جويل شوركين (Joel Shurkin)، كاتب سيرة شوكلي، قصة تبرهن على سعة فكر شوكلي. فقد طلب ميرفن كيلي (Mervin Kelly)، رئيس مختبرات بل، من شوكلي وجيم فيسك (Jim Fisk)، الذي أصبح فيما بعد رئيس مختبرات بل، "هل يمكن للطاقة النووية أن تنتج عن عملية انشطار؟".
وخلال شهرين، صمما مفاعلاً نووياً وقدما طلب براءة اختراع. ومباشرة بعد ذلك، أصبح كل شيء يرتبط بالطاقة النووية والأسلحة النووية المرتقبة سرياً، لكن وبعد انتهاء الحرب، وعندما فُتحت السجلات لمعالجة طلبات البراءات، تبين أن براءة شوكلي- فيسك كانت صاحبة الأولوية (Shurkin 2006) .
كان جون باردين العضو النظري الثاني في الفريق، وكان، مثل ويلارد جيبس (Willard Gibbs) عبقرياً هادئاً لا يتحدث كثيراً، لكنه، عندما يفعل، كان عميقاً. كان الشخص الوحيد الذي نال جائزتي نوبل في الفيزياء- واحدة من أجل الترانزستور وواحدة من أجل نظرية الناقلية الفائقة.
نال درجة الهندسة الكهربائية من جامعة ويسكونسن (Wisconsin) وعمل خلال ثلاث سنوات في شركة الخليج للنفط قبل أن يبدأ الدراسة العليا في برنستون (Princeton) التي كانت واحداً من مراكز تطور حيز فيزياء الجسم الصلب مع عدد من آباء الجامعة المؤسسين مثل أوجين ويغنر (Eugene Wigner) وفريد سيتز (Fred Seitz) في الكلية.
وخلال أطروحته، حَسَبَ باردين دالة العمل لمعدن الصوديوم. ودالة العمل هي كمية الطاقة اللازمة لانتزاع إلكترون من سطح البلورة. كان عضواً شاباً في هارفارد (Harvard) عام 1935 قبل أن يصبح أستاذاً في جامعة مينيسوتا. وخلال الحرب، عمل في قيادة البحرية حول الألغام المغناطيسية والطوربيدات قبل أن يلتحق بمختبرات بل عام 1945 (Hoddeson and Daitch 2002).
ومن اللافت ملاحظة عدد العلماء المشهورين الذين تعرضنا لهم والذين عملوا حول كشف وتدمير الغواصات. ففي الحرب العالمية الأولى، حاول كل من بول لانغفان ووليام براغ وإرنست رذرفورد تطوير طريقة للكشف عن الغواصات.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]