منظمة “مجموعة الدراسات البيئية “: تعريفها، أهدافها وأعمالها
2014 البذور والعلم والصراع
أبي ج . كينشي
مؤسسة الكويت للتقدم العلمي
العلوم الإنسانية والإجتماعية البيولوجيا وعلوم الحياة
منظمة رائدة أخرى في حركة الذرة [المكسيكية] تتخذ من مدينة مكسيكو سيتي مقراً لها هي "مجموعة الدراسات البيئية"(Grupo de Estudios Ambientales (Environmental Studies Group: GEA))، إذ ينحصر مجال عملها الأساسي في التعاون مع منظمات المجتمع الريفي التي تقدم التدريب الميداني [للمزارعين] في مجال ممارسات الزراعة البيئية، وهي ممارسات زراعية تعكس الأفكار البيئية(6).
ففي المكسيك تتوجه الحركة الزراعية البيئية إلى المعارف والممارسات التقليدية الخاصة بشعوب [المنطقة] الأصليين لتربط [معارف] المزارعين الريفيين المهمشين بممارسات حماية البيئة الحديثة(Carruthers 1997). فمن نواحٍ عديدة يعكس عمل مجموعة الدراسات البيئية حركة قيّم المزارعين مع بعضهم البعض "حركة المزارع إلى المزارع" (Campesino a Campesino Movement (Farmer to Farmer Movement) التي هي جهود عقودٍ طويلة امتدت في جميع أنحاء أميركا اللاتينية لتسهّل النهج الفلاحي القائم الذي أدّى [في نهاية المطاف] إلى الزراعة البيئية [العضوية]، ويشجع ثقافة المقاومة التي تضغط على خروج المزارعين من الريف.
فعلاقة المزارع بالمزارع مبنية على مبادئ الزراعة البيئية والتضامن والابتكار. تلك المبادئ التي تقاوم التسليع (من السلعة) المهيمن والمدمّر بيئياً واجتماعياً للتربة والمياه والتنوع الوراثي، وتؤكّد حقوق المزارعين الصغار من أجل تحقيق العدالة والتنمية الزراعية المستدامة بطبيعة الحال (Holt-Gimenez 2006, XVII).
هذه الحركة ومبادئ الزراعة البيئية ظهرت بشكل عام في أميركا اللاتينية في أواخر سبعينات القرن العشرين كردِّ فعل على الآثار السلبية البيئية والاجتماعية للثورة الخضراء (مشروع تنموي ضخم يهدف إلى زيادة إنتاج الغذاء من خلال استخدام الأسمدة والمبيدات الحشرية ومبيدات الأعشاب، والبذور الهجينة (Hybird Seeds)).
عموماً فإن المزارعين في حركة المزارع إلى المزارع لا تمارس السياسة المؤسساتية. فكما كتب أحد المروّجين للحركة "إن الناس الذين هم في الواقع ينتجون الغذاء ويحمون البيئة يكونون منشغلين جداً بإبقاء الحياة مستمرة [ولا يجدون فرصة] للانخراط في المناقشات المؤسساتية…. فعندهم الزراعة المستدامة تعني المحافظة على أسباب كسب عيشهم" (المصدر أعلاه، XVI)، وعلى الرغم من ذلك، يدعم المزارعون الذين يمتهنون الزراعة المستدامة المئات من المنظمات الفلاحية والمنظمات غير الحكومية والمختصين في التنمية وبعض الباحثين بصورة فردية، إذ ينظّمون لهم ورش عمل ويستضيفون تجمعاتهم وييسيرون البحوث التي تسهم في خلق قاعدة شعبية للزراعة المستدامة وسط ذلك البحر من الزراعة التقليدية (المرجع أعلاه، XVI، 153).
عام 1977 تأسست مجموعة الدراسات البيئية (GEA)، بهدف مساعدة المجتمعات الريفية لتحسين الزراعة عند المزارعين بواسطة تضمين المبادئ الريفية ومعافاتهم من [تأثير] معارفهم التقليدية [الزراعية].
لقد تأثرت مجموعة الدرسات البيئية بقوة مثل غيرها من المنظمات العديدة الساعية لتحسين الزراعة البيئية في المكسيك، بمبادئ المحاضر في الزراعة والمعارف النباتية الشعبية (Ethnobotany) البرفسور إفرايم هيرنانديز اكزولوكتزي (Efraim Hernández Xolocotzi)، الذي تمكّن من تطوير المبادئ الأساسية للزراعة البيئية المبنية على الممارسات المحلية، مثل نظام ميلبا (Milpa System) (حقل للزراعة المختلطة للذرة والفاصوليا والقرع).
من بين المشاريع الأخرى التي تعتمدها مجموعة الدراسات البيئية اليوم هي العمل مع منظمة المزارعين الأقليمية في ولاية غيريرو (Guerrero) للنهوض بالإدارة المحلية [الزراعية] والموارد الطبيعية، وتطوير المشاريع الزراعية البيئية بما فيها التسميد العضوي ومكافحة الآفات الزراعية الحية، وطريقة حفظ وتحسين البذور المحلية، وصيانة التربة والمياه.
كما تعمل اليوم بالتعاون مع منظمة السلام الأخضر ومنظمات أخرى غير حكومية على الدفاع عن السياسة العامة. فقد كانت تلك المجموعة من المنتقدين الأوائل للمحاصيل المهندسة وراثياً في المكسيك، إذ أصدرت عام 2000م تقريراً حول ذلك، كما ذكرنا أعلاه، تناولت فيه الأبعاد البيئية والسياسية والاجتماعية والأخلاقية والصحية للكائنات المهندسة وراثياً (Gómez Alarcón 2000).
كما لعبت تلك المجموعة دوراً مركزياً في إصدار المنشورات، والمساهمة في البرامج الراديوية التي تناولت موضوع المحاصيل المهندسة وراثياً، وكثيراً ما وقّعت تلك المجموعة على بيانات صحفية وتصريحات علنية مع منظمة السلام الأخضر، واستمرت باتصالها الدائم مع الحكومة المكسيكية [لشرح قلقها من المحاصيل المهندسة وراثياً].
لقد لعبت مجموعة الدراسات البيئية كما وصفت نفسها دوراً في "تجسير الأدوار" (Bridging Role) بين المزارعين والمنظمات البيئية. وكان هذا واضحاً بشكل خاص في حملة "لا دولة من دون ذرة" (Sin Maíz No Hay País)، التي اعتمدت شعار معرض المتحف وعنوان كتاب حول مجموعة الدراسات البيئية ألّفته كاترين مارييل (Catherine Marielle) مع غوستافو إستيفه (Gustavo Esteva) الكاتب والباحث من مقاطعة أواكساكا المكسيكية (Esteva and Marielle 2003).
ففي غضون استمرار الصراع المبكر مع حركة "لا يمكن للريف أن يتحمل أكثر من ذلك" (El Campo No Aguanta Mas Movemnet: The countryside cannot take anymore) طالَبَ النشطاء في حركة "لا دولة من دون ذرة" بإعادة التفاوض حول اتفاقية التجارة الحرة لشمال أميركا (NAFTA) تحت شعار "من أجل حماية ذرتنا، والحفاظ على وظائف الملايين من المزارعين، وأسلوب الحياة في الريف المكسيكي"(7). كما دعت حملة الاحتجاج أيضاً إلى فرض الحظر على زراعة الذرة المهندسة وراثياً، وإيجاد حقٍّ يكفله الدستور على الأغذية، وإقرار تشريعات لتعزيز الأمن والسيادة الغذائية" (Greenpeace México 2007).
إن كلّاً من منظمة الاتحاد الوطني للمزارعين الإقليمية المستقلة (UNORCA) ومجموعة الدراسات البيئية (GEA) ما هما إلا مثال على تلك المنظمات التي عملت على تسهيل الاتصال ما بين المجتمعات الريفية والحركات المناهضة للتكنولوجيا الحيوية خلال المراحل الأولى من نشاط حركة الذرة المكسيكية.
[KSAGRelatedArticles] [ASPDRelatedArticles]